مسقط – العمانية|
أعلن البرنامج البحثي الاستراتيجي للتراث الثقافي العماني في مجلس البحث العلمي عن التعاقد مع فرق علمية لتنفيذ مشروعات بحثية في مجال التراث الثقافي العماني ضمن مشروعي الحكايات والأساطير المتعلقة بالأمكنة، والتراث اللغوي العماني، ضمن الجهود البحثية المختلفة في تنفيذ المشروعات البحثية التي يستهدفها البرنامج، للمساهمة في تعزيز الجهود المبذولة في السلطنة لدراسة ورصد التجليات المادية والمعنوية للإرث الثقافي بغية المحافظة عليه ودعمه من ناحية، والمساهمة في تطويره بما يتناسب والرؤية المستقبلية الوطنية كون التراث الثقافي مادة استراتيجية لها قيمة تنموية واقتصادية.
واهتم البرنامج بدراسة مجموعة من المشروعات البحثية ذات الأولوية في مجال التراث الثقافي العماني عبر تحديد وتحليل الحاجات البحثية، وهي مشروع الحكايات والأساطير المتعلقة بالأمكنة، ومشروع الشخصيات العمانية، ومشروع تاريخ الأمكنة العمانية، ومشروع الأدوات الصناعية عبر التاريخ، ومشروع التاريخ العماني قبل الإسلام، ومشروع اللهجات واللغات في عمان، حيث قام البرنامج خلال الفترة الماضية بدعوة الباحثين العمانيين والمقيمين المتخصصين والفرق البحثية المعنية في مجالات التراث الثقافي إلى التقدم بمقترحاتهم ودراساتهم البحثية المختلفة ضمن مشروعات الحكايات والأساطير المتعلقة بالأمكنة، ومشروع التراث اللغوي العماني، حيث تقدم عدد كبير من الباحثين للمنافسة، بمجموعة متميزة من مقترحات الدراسات البحثية وعناوين المشروعات المطروحة من قبل فئات أكاديمية متخصصة من شتى مؤسسات التعليم العالي والجهات الحكومية، وقد أسفرت نتائج فرز الدراسات والمقترحات البحثية المتقدمة عن التعاقد مع فرق بحثية للبدء في عمل المشروع البحثي.
وتعاقد البرنامج مع مشروعين بحثيين ضمن مشروع (الحكايات والأساطير المتعلقة بالأمكنة)، هما: مشروع بعنوان: جمع وتوثيق الحكايات والأساطير المتعلقة بالأمكنة في محافظة الداخلية، ويرأسه الدكتور يعقوب بن سالم البوسعيدي، أستاذ مساعد بقسم السياحة بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس، أما المشروع البحثي الثاني، فيختص بجمع وتوثيق الحكايات والأساطير العمانية المتعلقة بالأمكنة في محافظة شمال الباطنة، ويرأسه الدكتور علي بن سالم المانعي، أستاذ مساعد الأدب والنقد الأدبي الحديث في الكلية التقنية بشناص، وتنبع أهمية هذه الدراسة في كونها دراسة تطبيقية على مشروع بحثي جُمعت فيه الحكايات والأساطير المرتبطة بالأمكنة بشمال الباطنة؛ فوُجد المكان والحكاية؛ وأصبحت الدراسة التطبيقية هي التي تمزج العنصرين لتخرج المكان السياحي التاريخي القادر على تحريك وبعث الحياة لهذه الأماكن كي تكون مصدرا اقتصاديا تنمويا للمنطقة والأفراد.
وضمن المشروع الثاني (التراث اللغوي العماني)، تم التعاقد مع ثلاث فرق بحثية مختلفة، سوف تعمل على دراسة بعض الظواهر البحثية ضمن المشروع، وهي: الألفاظ الزراعية في لهجة أهل الرستاق، دراسة معجمية، ويرأسه الدكتور زاهر بن مرهون الداودي، حيث يهتم البحث بدراسة الألفاظ الزراعية في لهجة أهل الرستاق، معتمداً على مفردات طقوس زراعة وحصاد المحاصيل الزراعية الصيفية والشتوية التي تشتهر بها الولاية، مسلطاً الضوء على مراحل الإنتاج والحصاد بالتوثيق والتسجيل والتصوير، ويهدف البحث إلى دراسة وتوثيق وتسجيل وأرشفة الألفاظ الزراعية المرتبطة بالممارسات الزراعية في لهجة أهل الرستاق، وتوثيق وتسجيل الموروثات الشعبية المرتبطة بالممارسات الزراعية مثل الأمثال، والكلمات، والألعاب، والوجبات، إلى جانب توثيق السمات والخصائص اللغوية في لهجة أهل الرستاق، والحفاظ على موروث الأجداد وضمان استمراره في ظل التغيرات الحالية، وتسجيل أكبر قدر ممكن من الألفاظ الزراعية بطرق علمية دقيقة.
والمشروع الآخر هو مشروع حصر وتوثيق النقوش والرسومات والكتابات الأثرية على الحوائط الصخرية، وشواهد القبور وحوائط المباني في ولاية العامرات بمحافظة مسقط ويرأسه الدكتور سليمان بن صالح الراشدي، الذي يبحث في أهمية النقوش والرسومات والكتابات الأثرية الموجودة في مواقع عديدة من محافظة مسقط مثل : وادي الميح، ووادي عدي، والوطية، ووادي ضيقة، ووادي مجلاص، ووادي العربيين، ووادي السرين، ووادي الخوض، وغيرها، حيث تتجلى قيمتها التاريخية في التعرف على العمق التاريخي والدلالات الحضارية والثقافية لهذه المنطقة من عمان، والتي تعكس النقوش والرسومات والكتابات الأثرية الموجودة في هذه المواقع، ومعرفة الجانب السياسي والعسكري الذي عاشته المنطقة من خلال المعارك والحروب، كما تطرقت النقوش والرسومات والكتابات الأثرية الموجودة في المواقع للعديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى جوانب أخرى من الحياة المعيشية التي عاشتها عُمان خلال الحقب الزمنية المختلفة كالجفاف، وغلاء المعيشة، وغيرها، وناقشت النقوش والرسومات والكتابات الأثرية الموجودة في المواقع ما يتعلق بالأنواء المناخية التي عاشتها عُمان خلال الحقب الزمنية المختلفة كالفيضانات، إلى جانب تعزيز البحث والتوثيق العلمي للمنطقة الجغرافية محل الدراسة.
ووافق البرنامج كذلك على تنفيذ مشروع بحثي ثالث بعنوان دراسة توثيقية للغة الكمزارية العامية المحكية في سلطنة عمان، برئاسة الدكتورة دولا الجالدي، الأستاذة في جامعة صحار؛ حيث يعتبر التنوع اللغوي جزءا مميزا من التراث الثقافي الغني في سلطنة عمان، وتشكل اللغات المحكية المهددة بالاندثار في السلطنة كنزا ثقافيا للمجتمعات التي تتحدث بها وللباحثين والمهتمين في هذا المجال باعتبار أن كل لغة من هذه اللغات تجسد قيمة محلية وثقافية فريدة للمنطقة وللمجتمعات التي تتحدث بها، لذلك فإن أي جهد للحفاظ عليها يصب في مصلحة المجتمع المحلي بالدرجة الأولى، كما يسهم في تطوير مجال العلوم الإنسانية.
وقال الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي، رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، رئيس اللجنة التوجيهية للبرنامج البحثي الاستراتيجي للتراث الثقافي العماني : إن الرؤية التي يتأسس عليها هذا البرنامج تنطلق من تلك الأهمية التي يمثلها التراث الثقافي بوصفه مادة استراتيجية لها قيمة تنموية واقتصادية، فهذا البرنامج يقوم على دراسة مواد التراث الثقافي دراسة علمية بمختلف المنهجيات العلمية الحديثة بُغية الوصول إلى مجموعة من الأهداف الاستراتيجية المرتكزة على مفاهيم القيم والهُوية والأصالة من ناحية ومعايير التنمية والتقنية والمعاصرة من ناحية أخرى، ليكون هذا البرنامج رافدا مهما من روافد الخطط الاستراتيجية المتعلقة بالتنمية الوطنية بشكل عام وبتنمية التراث الثقافي في عمان من ناحية أخرى.
وأضاف، إن الحفاظ على مكنونات التراث الثقافي العماني عبر دعم المشروعات البحثية يعتبر تعزيزا للهوية الوطنية العمانية المتأصلة الجذور، إلى جانب إبراز هذه الإنجازات الحضارية التاريخية العمانية كشواهد وعلامات بارزة في تاريخ الحضارة العمانية . معربا عن أمله من خلال هذه المشروعات البحثية التي تم التعاقد معها إلى تسليط الضوء بشكل كافٍ على جوانب مهمة من التاريخ العماني من خلال البرنامج الاستراتيجي للتراث الثقافي العماني في مجلس البحث العلمي.
جدير بالذكر أن البرنامج البحثي الاستراتيجي للتراث الثقافي العماني في مجلس البحث العلمي هو وحدة بحثية تُعنى بالتراث الثقافي في السلطنة وتوظيفه في التنمية المستدامة من خلال إجراء دراسات علمية في التراث الثقافي العماني حسب أولويات ومحاور محددة يعمل بها وتفيد في التنمية المستدامة، وحفظ وتوثيق مواد التراث الثقافي العماني والبحوث العلمية ، وبناء قدرات وكفاءات في المجال البحثي للتراث الثقافي، وإيجاد شراكة وسبل تعاون في المجالات البحثية بين مجلس البحث العلمي ومختلف الجهات الحكومية، وتعزيز دور التراث الثقافي في دعم الثقافة المحلية والمساهمة في نشر وتسويق مواد التراث الثقافي المادي وغير المادي داخل السلطنة وخارجها.