البحرين تطور العديد من المشاريع التنموية لدعم قطاعها السياحي

المنامة – العمانية- فانا |

ظهرت خلال الآونة الأخيرة عدة مؤشرات تؤكد صحة نهج حكومة مملكة البحرين لجعل قطاع السياحة واحدا من بين أهم قاطرات النمو والتنمية في البلاد، وذلك في إطار رؤيتها الاقتصادية الشاملة لتنويع مصادر الدخل والإنتاج، وللاستفادة من ميزات الإنتاج التنافسية التي تتمتع بها البلاد والحوافز التي تقدمها سواء لجهة توفر الكوادر الوطنية المؤهلة أم لجهة إغراءات البيئة التنظيمية المشجعة.

كان على رأس هذه المؤشرات ذلك النجاح الباهر الذي حققه الحضور البحريني في أحد أهم المعارض السياحية العالمية الذي أقيم أواخر شهر مايو 2019 بمدينة فرانكفورت الألمانية، واُستعرضت فيه مقومات الجذب السياحي في المملكة، التاريخية منها والترفيهية، وبنيتها التحتية الحديثة القادرة على استقطاب صناعة المعارض والمؤتمرات العالمية، سيما مع إنجاز مركز المعارض الجديد 2021.

غير أن هناك العديد من المؤشرات الأخرى التي تعكس حجم الجهود المبذولة في هذه الآونة لتطوير موارد القطاع برمته وتنمية مهارات العاملين في إطاره ومرافقه وللترويج للمملكة كوجهة سياحية بشكل عام باعتبارها من أهم نقاط جذب السياحة العائلية بمنطقة الخليج العربي ككل، ومن ذلك: العمل على إعداد استراتيجية جديدة متكاملة لزيادة مساهمة القطاع في الناتج الوطني.

وتستهدف هذه الاستراتيجية المنتظر إطلاقها خلال العام الجاري بحسب مسؤول بمجلس التنمية الاقتصادية زيادة نسبة مساهمة القطاع في مجمل النشاط الاقتصادي في غضون السنتين القادمتين، والتي تتراوح حاليا بين الـ 8 والـ 10 بالمائة بما يقتضيه ذلك من تطوير منظومة القوانين والإجراءات المعمول بها، وإنجاز العديد من المشروعات المخصصة للقطاع والتي تصل قيمتها إلى 15 مليار دولار، منها حسب ما هو متوقع افتتاح 22 فندقا جديدا خلال الأعوام الأربعة القادمة.

وتعول مملكة البحرين على العديد من مقومات الجذب السياحي التي تتوفر بها لتحقيق ما تصبو إليه من هذه الاستراتيجية التطويرية الشاملة، وأول هذه المقومات: مواقع ونقاط النشاط السياحي التاريخية منها والتراثية والحديثة، والتي تنتشر في ربوع أرض المملكة، وتحظى باهتمام خاص من جانب الأجهزة المعنية لحمايتها والعناية بها وتوفير ما يلزم لها من موارد لتشجيع حركة السياح إليها ووضعها ضمن برامج وأنشطة وجداول الشركات السياحية.

وكانت هيئة البحرين للثقافة والآثار قد أشارت قبل فترة إلى أن عدد الزيارات لـ 13 موقعا سياحيا وأثريا، تضم: محميتي العرين ورأس سند وخليج توبلي وشجرة الحياة وقلاع بو ماهر والبحرين وعراد والشيخ سلمان الفاتح ومقابر سار ومعابد باربار ومسجد الخميس وبيت الشيخ عيسى بن علي وبيت الجسرة ومتحف البحرين الوطني، قد استقطبت 765 ألف زيارة عام 2018 مقارنة بـ 626 ألف زيارة عام 2017.

وكذلك زيادة حركة الداخلين إلى المملكة عبر منافذها المختلفة، سيما منها البرية، والتي وصلت إلى نحو 9.1 ملون زائر خلال عام 2018، وبنسبة نمو سنوي بلغت 5 بالمائة بحسب بيانات حديثة لهيئة السياحة والمعارض التي أشارت إلى أن السياح الذين وفدوا إلى المملكة برا عن طريق جسر الملك فهد بلغوا نحو 8 ملايين بنسبة نمو وصلت إلى 3.2 بالمائة في الربع الثالث من عام 2018، يليهم السياح الذين جاؤوا إلى المملكة عن طريق الجو سجلوا 911 ألفا بنسبة نمو 14.8 بالمائة، ثم السياح الذين جاؤوا عن طريق البحر بلغوا نحو 51 ألفا بنسبة نمو بلغت 23 بالمائة.

وكانت بيانات رسمية حديثة نُشرت في مارس 2019 قد أشارت إلى نمو في عدد المسافرين جوا عبر مطار البحرين الدولي بمن فيهم العابرون ممن استخدموا مرافق المطار (الترانزيت) بنسبة 17 بالمائة، كما أشار رئيس هيئة السياحة في تصريح مطلع شهر يونيو الجاري إلى تحسن أداء القطاع بالنظر إلى أن تدفقات السياحة الوافدة خلال الربع الأول من عام 2019 بلغت 3.2 مليون زائر بزيادة قدرها3.1 بالمائة عن الفترة ذاتها من عام 2018، وزاد عدد المسافرين القادمين غير البحرينيين بنسبة قدرها 3.1 بالمائة أو نحو3.5 مليون زائر، بزيادة قدرها 3.1 بالمائة مقارنة بعام 2018، وزادت نسبة إشغال فنادق الخمس نجوم نحو 53 بالمائة وكذلك فنادق الأربع نجوم بنسبة 46 بالمائة مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2018.

ومن اهم المقومات قرب الانتهاء من تدشين مشروع توسعة مطار البحرين الدولي، حيث ينتظر التشغيل التجريبي له في الربع الثاني من عام 2019، ويتوقع الانتهاء منه في الربع الثالث من هذا العام، ويأتي المشروع ضمن استراتيجية شاملة تستهدف تطوير المنافذ الخاصة بالمملكة، سيما منها الجوية.

ويوصف مشروع مطار البحرين الجديد الذي يعد واحدا من بين الـ 100 الأفضل عالميا، باعتباره من أكبر مشروعات تطوير البنية التحتية في تاريخ المملكة، لأنه سيزيد قدرته الاستيعابية إلى نحو 14 مليون مسافر وبكلفة تزيد على 1.1 مليار دولار أمريكي.

ويكتسب هذا المشروع أهميته في ضوء أكثر من اعتبار، منها: جهود تحسين قدرة الناقل الوطني على استيعاب نمو حركة المسافرين المتزايدة إلى المملكة، وذلك ضمن استراتيجيتها لتحديث أسطولها بمجموعة من الطائرات الجديدة البالغ عددها 39 طائرة بنهاية عام 2023، والتي تم استلام بعضها وإدخالها الخدمة بالفعل في إبريل 2018، وذلك من جملة 10 طائرات يتوقع أن تسلم بنهاية عام 2019 الجاري.

يضاف إلى ذلك خطط الناقل الوطني لتوسيع شبكة وجهاته ومحطاته إلى نحو 26 دولة، حيث سيتم إطلاق 8 وجهات أو محطات جديدة عام 2019 تضاف إلى 8 أخرى انطلقت عام 2018، وتقليل كلفة تشغيل مرافق الشركة الوطنية عبر الطائرات الجديدة الأكثر ترشيدا في استهلاك الوقود، وزيادة كفاءتها، فضلا عن التوسع باتفاقيات الرمز المشترك مع شركات إقليمية ودولية أخرى وبما يضمن استيعاب وتلبية احتياجات مستخدمي الخطوط الوطنية لوجهات أكثر تنوعا. هذا فضلا عن توقيع الشركة الوطنية لعدد من الاتفاقات مع كبريات الشركات الفرنسية المتخصصة في صناعة الطائرات ومتطلباتها خلال زيارة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى فرنسا في إبريل 2019، واستهدفت هذه الاتفاقيات التي بلغت 5 اتفاقيات تلبية احتياجات خطوط الناقل الوطني من محركات وأنظمة تحكم وسيطرة واتصال وما إلى ذلك بإجمالي استثمارات مع الشركات الفرنسية يتجاوز 3.5 مليار دولار.

ومع الجهود الحثيثة لتطوير البنى الأساسية للقطاع السياحي، سيما مع قرب الوصول إلى 20 ألف غرفة فندقية بالمملكة تستطيع جذب 15 مليون زائر، يُتوقع أن يسهم القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 8.3 بالمائة بحلول عام 2022، حيث يبلغ معدل إنفاق السياحة الوافدة حتى الربع الثالث من العام 2018 نحو 1.143 مليار دينار بحريني.

ويغلب على حركة الزوار والسياح إلى المملكة الطابعان العائلي والترفيهي، سيما تلك الوافدة من الشقيقة السعودية، الأمر الذي يزيد من تنشيط دوران عجلة منشآت الضيافة من جانب والإشغال الفندقي من جانب آخر بإجمالي أنشطة تزيد على 90 نشاطا تجاريا ذات مردود اقتصادي وعائد ربحي كبير، حيث توقع خبراء ارتفاع نسبة استخدام وإشغال هذه المنشآت خلال الفترة القادمة بالنظر لحلول الإجازات الصيفية ومواسم الأعياد.

وكان قد ازداد الناتج المحلي الإجمالي الفعلي للفنادق والمطاعم بنسبة 8 بالمائة ، وذلك مقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي الرمزي للفنادق والمطاعم والذي بلغت نسبته 7.1 بالمائة خلال الربع الأول من عام 2019، وذلك بحسب تصريحات أخيرة لهيئة السياحة والمعارض التي أشارت أيضا إلى أن نسبة الزائرين عن طريق جسر الملك فهد قد ارتفعت بنسبة 2 بالمائة وهو ما يعادل 2.8 مليون زائرا، وعبر مطار البحرين الدولي بنسبة 3 بالمائة وهو ما يعادل 196 ألف زائر، وعبر ميناء خليفة بن سلمان بنسبة 82 بالمائة وهو ما يعادل 371 ألف زائرا.

وتتسم هذه التدفقات السياحية الوافدة بعدة سمات، منها: رغبتها تفضيلها البقاء بالمملكة لأجوائها والميزات التي تقدمها مرافقها، حيث بلغ مجموع الليالي السياحية للربع الأول من عام 2019 حوالي 4.1 مليون ليلة، وبلغ معدل الليالي التي يقضيها السياح خلال الفترة ذاتها 3.3 ليلة بمعدل إنفاق زاد بنسبة 3.1.

ولا شك أن هذه الجهود المبذولة تعد استثمارا مهما للرصيد الكبير الذي تحظى به البلاد على الصعيد السياحي، خاصة أن المنامة اختيرت عاصمة للسياحة العربية عام 2013، وللسياحة الآسيوية عام 2014، وأٌدرج موقعي قلعة البحرين وطريق اللؤلؤ على قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي عامي 2007 و2012 على التوالي.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*