بخاء – العمانية|
قرية “غمضاء” هي إحدى القرى الساحلية في ولاية بخاء بمحافظة مسندم المطلة على مياه الخليج العربي، وهي من أكبر القرى مساحة وأبرزها الى جانب قرى (الجادي، والجري، وفضغاء، وتيبات). وتقع القرية في وادي يمتد بطول يصل الى 4 كيلومترات من الشرق، وينتهي ناحية الغرب للبحر، وتتميز بتنوع جغرافية طبيعتها التي تجمع بين الساحل، والوادي، والسهل، وتلال الكثبان الرملية العالية، والجبال الشاهقة، مما جعل منها معلم جذب سياحي ومتنفسًا لهواة تسلق الجبال والرياضات المختلفة.
وتوجد في قرية “غمضاء” منطقة أثرية قديمة تعود الى مئات السنين تعرف باسم “الجدة القديمة” وتظهر فيها شواهد وآثار بقايا منازل لحي سكني ومسجد وتتوسطها مقبرة واضحة المعالم، وكان يقطنها الانسان العماني منذ القدم.
وتمتاز “غمضاء” بمزارعها الكثيفة الممتدة على جانبي ووسط الوادي بمختلف أنواعها، كالنخيل، والفاكهة، والزراعات الموسمية المختلفة، والأعلاف، وتعد القرية من أكثر المناطق خصوبة في الولاية إلى جانب قرية “الجادي” ذات الطبيعة المماثلة، وتسقى جميع مزارع القرية من مياه الآبار الجوفية.
كما يتم استغلال مياه الأودية خلال الأوقات الماطرة عند جريانها بالقرية، حيث يتم حجز كميات كبيرة من المياه بتلك المزارع من خلال عمل مداخل أو فتحات أعلى كل مزرعة لدخول المياه الجارية وتسمى محلياً (مشرب) وفتحات للتصريف عند امتلاء المزرعة بالمياه تسمى (منسم).
وتعتبر مهنة الزراعة المهنة الرئيسية لسكان القرية حيث يقومون بزراعة النخيل بمختلف أنواعها كــــــ (الخنيزي، واللولو، وقش حبش، والخصاب، والمرزبان، والمزناج) وزراعة الفواكه كـــ (الموز، والليمون، والمانجو) وزراعة الخضار المختلفة إلى جانب أعلاف الحيوانات.
كما يقوم عدد من الحرفيين في القرية بعمل المشغولات السعفية بأنواعها المختلفة والاستفادة من سعف النخيل في صنع المنازل الصيفية في الماضي المسماة محليًا (العريش) وصنع الأسقف وأرضيات المجالس والمسماة محليَا (الدعن) وكذلك صنع بعض المستلزمات المنزلية ومستلزمات جني التمور وتخزينها، وفي الوقت الحالي تلاشت هذه المهنة تدريجياً الى أعداد قليلة جدًا.
وأفاد محمد بن سعيد الشحي أحد أهالي القرية بأنه مارس مهنة المشغولات السعفية منذ أكثر من عشرين عامًا، حيث يقوم بتجهيز المواد الأولية من سعف النخيل التي يجلبها من مزرعته ويقوم بجمعها في الغرفة وهي المكان الذي يتم فيه صنع تلك المشغولات وأبرزها المسمى محليًا (مكاب البخور) وذلك لكثرة الطلب عليها، مشيرًا إلى أن تجهيز المواد الأولية هو بمثابة 80 بالمائة من العمل وبعدها تتم عملية التركيب لصنعها وظهورها في صورتها النهائية.
ومن المهن التي يمتهنها بعض أهالي قرية “غمضاء” مهنة جني العسل الجبلي وهي مهنة يقدم عليها العديد من أبناء القرية خاصة فئة الشباب منهم، لما لها من مردود اقتصادي جيد، وهي مهنة لا تخلو من المخاطر في تسلق الجبال والبحث لساعات طويلة عن العسل، حيث يقوم صاحب المهنة في الصباح الباكر بتعقب النحل في مساره ورحلته لاكتشاف موقع خلية النحل.
ويقول أحمد بن عبد الله الشحي أحد ممارسي هذه المهنة انه تعلم مهنة جنى العسل من والده وهي مهنة ليست سهلة اذ لا تخلو من المخاطر وتحتاج لجهد في تسلق الجبال وخاصة المنحدرات الشاهقة إذ أن النحل يختار الكهوف والفوالق والتشققات الصخرية والأشجار لبناء خليته وعلى مدى السنوات الماضية اكتسبنا خبرة في اكتشاف أماكن تواجدها ونقوم بوضع علامة تأكد اكتشاف هذه الخلية لمن يجدها قبل غيره ولا يحق لشخص آخر الحصول عليها بعدها نراود الخلية بين فترة وأخرى حتى يحين موعد جنيها. ولتربية الماشية اهتمام لدى عدد كبير من أبناء “غمضاء” ولا تقتصر هذه المهنة على فئة معينة بل يمارسها الصغير والكبير، وأكثر ما تتم تربيتها هي الأغنام المحلية وأعداد قليلة من الضأن وتقوم بالرعي في الجبال المحيطة بالقرية في فصول الخصب وإطعامها من الأعلاف والحبوب والحشائش في الفصول الجافة، وعليها طلب كبير محلياً خاصة في المناسبات الاجتماعية والدينية وغيرها.
جدير بالذكر أن قرية “غمضاء” تشتهر بوجود تلال من الكثبان الرملية البيضاء العالية والتي تكونت بسبب عوامل الرياح ونقل تلك الرمال من الشواطئ القريبة عبر مر السنين مما أكسبها جمالًا وبياضًا تتزين بهما الجبال المحيطة بالمنطقة الساحلية للقرية.