أكثر من 150 وثيقة تبرز تاريخ عمان المشرق
****
الضوياني: حضارة تروى قصة ضربت بجذورها في عمق التاريخ
خصب “مسندم” – وجهات|
أكدت ندوة “مسندم في ذاكرة التاريخ العماني” التي انطلقت أعمالها صباح أمس على صمود أهل محافظة مسندم وحفاظهم على ولائهم وطاعتهم لحكام عمان، كما أكدت على الدور الكبير الذي قام به أبناء مسندم في تاريخ عمان المشرق. رعى حفل افتتاح الندوة التي نظمتها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، الشيخ سعود بن سليمان بن حمير النبهاني، مستشار الدولة. وذلك بمحافظة مسندم بقاعة فندق خصب بولاية خصب.
حيث ناقشت الندوة 12 ورقة عمل قدمها عدد من الأساتذة والباحثين من داخل السلطنة وخارجها، مقسمة إلى أربعة محاور: المحور السياسي والتاريخي والمحور الجغرافي والمحور الاقتصادي والاجتماعي إلى جانب المحور الثقافي. كما يصاحب الندوة معرضاً وثائقياً يحكي الجوانب التاريخية لعمان بما في ذلك محافظة مسندم ويضم أكثر من 150 وثيقة ومجموعة من الصور التاريخية والخرائط والمحفوظات التي تبين جزءا من التاريخ العريق الذي تزخر به سلطنة عمان حيث سيستمر المعرض الوثائقي حتى 13 ديسمبر الجاري.
كلمة الضوياني
وقال الدكتور حمد بن محمد الضوياني ، رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، يأتي تنظيم ندوة مسندم في ذاكرة التاريخ العُماني في إطار البرامج والندوات التي تقيمها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في المحافظات وولايات السلطنة فضلاً عن تنظيمها المعارض الوثائقية المختلفة في المجالات التاريخية والسياسية والاقتصادية والتعليمة والاجتماعية وغيرها حيث يتزامن المعرض الوثائقي الثامن الذي يُقام هنا لتبادل جانباً من جوانب مسيرة التاريخ العُماني وبهذه المناسبة يشرفني دعوة المواطنين الكرام في محافظة مسندم للمبادرة الطيبة لتسجيل وثائقهم الخاصة لدى الهيئة لتضيء تاريخاً حافلاً محفوظاً في الذاكرة الوطنية.
وأكد ان ما نجده اليوم من آثار وقلاع وأدوات هنا في محافظة مسندم أو هناك في مختلف بقاع المحافظات الأخرى تنطق شاهدة لأحداث جرت ولجولات وصولات وقعت وما تلك المدافع في القلاع وفي الحصون والأبراج إلا لها حدث وحكاية تنطق عن الإنسان العماني الذي اشتراها أو صنعها للدفاع عن الوطن ودق معاقل الأعداء أو أستولى عليها من الغزاة وأعاد استخدامها وكل وتد أو مرابض خيل أو مرسى سفن كلها تاريخ يتذكره الأنسان العماني وكل مخطوط وكتاب تتناقله الأجيال وتنهل من معارفه وكل وثيقة أحتوتها دور الوثائق والأرشيفات العالمية لتؤكد بكل فخر واعتزاز بأن الأنسان العُماني هو حاضراً في وجدان الأمة العربية والإسلامية والإنسانية جمعاً ، ولهذه الغاية فعُمان تمد يد المحبة والسلام منذ قرون عديدة أرست من خلالها علاقاتها الخارجية وعقد معاهداتها وأرسلت سفرائها لزعماء العالم فحظيت بالمكانة المرموقة كدولة مترامية الأطراف بأمتدادها الجغرافي في أسيا وأفريقيا وأوروبا في إطار الاحترام المتبادل وقد وفرت تلك السياسة الأمن والاستقرار والأمان ليس لعُمان وحدها بل لكل محيطها الجغرافي.
قدم الدكتور سعيد بن محمد الهاشمي، أستاذ مشارك بجامعة السلطان قابوس أولى الأوراق العلمية في الجلسة الأولى بالندوة التي ترأسها الدكتور جمعة بن خليفة البوسعيدي، بعنوان ” علاقة مسندم السياسية بالساحل عمان الشمالي ومنطقة الشميلية” تطرق فيها عن مسندم ومساحتها الجغرافية وعدد سكانها وولاياتها الأربع المتمثلة في ولاية؛ خصب ودبا وبخا ومدحا، وقال الهاشمي بأن علاقة أهالي مسندم بحاكم عمان علاقة أزلية، حيث حافظ السكان على هويتهم العمانية، وابتعدوا عن المغريات السياسية من قبل جيرانهم القواسم، وتنافسوا على قرى عديدة المتداخلة بينهم وجيرانهم. وتهدف هذه الورقة الكشف عن صمود أهل محافظة مسندم اتجاه جيرانهم القواسم، ومحافظتهم على ولائهم وطاعتهم لحكام عمان، وتمسكهم باستقلالهم تارة أخرى دون ان يفقدوا تبعيتهم لحكام عمان. كما ركز الباحث في ورقته العلمية على علاقة مسندم بالساحل عمان الشمالي ومنطقة الشميلية حيث القرى المتداخلة بين القوي السياسية في المنطقة، قبل قيام اتحاد امارات ساحل عمان السبع عام 1970م. وناقش الباحث محورين من خلال ورقته العلمية تتناول محورين ركز المحور الأول على علاقة الشحوح بالقواسم على ساحل عمان المواجه للخليج العربي، بينما ناقش المبحث الثاني علاقتهم في ساحل عمان المعروف بالشيملية المواجه على بحر عمان.
مواجهة البرتغاليين
بعد ذلك قدم الباحث الدكتور موسى بن سالم بن حمد البراشدي مدير دائرة تقويم المناهج بوزارة التربية والتعليم الورقة الثانية بعنوان “الجوانب التاريخية والحضارية في مسندم خلال فترة اليعاربة (1034هـ/1624م-1162هـ/1749م) ويُقصد بها الفترة الممتدة من عام 1034هـ/1624م وحتى عام 1162هـ/1749م، وذلك بهدف تسليط الضوء على تاريخ هذه المنطقة الجغرافية والدور الذي قدمته خلال تلك الفترة التاريخية. حيث يُعد تناول تاريخ المدن العمانية وارتباطه بالتاريخ العام للوطن عمان ذا أهمية بالغة للتعرف على ملامح الحضارة العريقة للمدن العمانية، وفي هذه الورقة سلط البراشدي الضوء على الأحداث التي شهدتها مسندم خلال تلك الحقبة الزمنية ووضعها الإداري والاقتصادي آنذاك، حيث ركزت على خمسة محاور أساسية تمثلت في التعريف بفترة اليعاربة ثم التطرق إلى أهمية مسندم بالنسبة لهذه الدولة أما المحورين الثالث والرابع ركزا على الدور الذي قدمته مسندم في مواجهة البرتغاليين، وكذلك أشهر الولاة الذين تم تعيينهم من قبل حكام اليعاربة على هذه المنطقة الواقعة في شمال عمال، أما المحور الخامس فتمت الإشارة فيه إلى سوق دبا في فترة اليعاربة نموذجاً للوضع الاقتصادي آنذاك . حيث اعتمد الباحث على المنهج التحليلي عند تناوله للموضوع.
تاريخ مسندم
فيما عرض الدكتور محمد بن ناصر المنذري، مستشار للبرامج الدينية سابقاً، الورقة الثالثة بعنوان ” تاريخ محافظة مسندم في العصر الإسلامي” حيث ان تاريخ مسندم قديم قدم الوجود الإنساني فيها وارتباط تاريخها بأهمية موقعها الذي حباها الله إياه، فهي تشرف على أهم معبر بين بحر عمان والخليج العربي وهو مضيق هرمز، فمن خلاله كانت تعبر التجارة البحرية لمدنيات العالم القديم منذ العصر السومري في الألف الرابع قبل الميلاد، وما تلا ه من عصور العصر البابلي، والعصر المقدوني، حيث كانت من أولويات الإسكندر الأكبر المقدوني وحلفائه الاهتمام بالطرق البحرية عبر الخليج العربي للوصول إلى دول المحيط الهندي وجلب تجارتها. وبذلك فقد اكتسبت مسندم أهمية في النشاط التجاري من خلال إشرافها على ذلك المضيق من آلاف السنين، وكانت تعبر من خلاله كل تجارة الحضارات المتعاقبة التي شهدتها بلاد العراق والخليج العربي.
القوى الخارجية
وعنونت الورقة الرابعة بعنوان ” مسندم ، أهميتها التاريخية والحضارية” لدكتور محمد بن سعد بن سعيد المقدم، أستاذ مساعد بقسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس، تناولت الورقة مسندم عبر العصور التاريخية كما تناولت الموقع واهميته ودوره بالإضافة الى المسميات التاريخية وأهم المواقع الاثارية في شبة جزرة مسندم.
حيث تتميز شبة جزيرة مسندم “رؤوس الجبال” بموقعها الاستراتيجي المميز من خلال إطلال جزء منها على الممر المائي الدولي المعروف باسم (مضيق هرمز) الصالح للملاحة منذ أقدم العصور إلى الوقت الحالي. لذا فقد احتفظت مسندم بأهميتها الاستراتيجية ، وتمثل ذلك بتعرضها لمحاولات سيطرة من القوى الخارجية المحيطة كدول بلاد الرافدين وفارس وانتهاءً بالبرتغاليين في التاريخ الحديث. وقد ازدادت الأهمية الاستراتيجية لمسندم في التاريخ المعاصر بعد ان صار معبرا لحوالي 60% من بترول الخليج العربي الى بلدان العالم. ومما يؤكد أهمية المكان مسندم أن الحكومة الصينية تطرح مشروعا جديدا لاحياء مشروع طريق الحرير الجديد، الذي سيشمل 68 دولة من ضمنها عمان حيث سيمر الطريق عبر مسندم.
مسميات التاريخية
وظهرت عدد من الأسماء لشبة جزيرة مسندم في مصادر دول بلاد الرافدين، وفارس والمصادر الكلاسيكية (اليونانية والرومانية) هناك بعض الأسماء التي أطلقت على مسندم ومؤائنها في التاريخ، وذكر أسم “مجان في المصادر السومرية ويقصد به بـ “أرض الجبال” نسبة الى جبال مسندم. وقد وصفت مسندم في المصادر الكلاسيكية (اليونانية والرومانية) بأسماء مثل: (رؤوس الجبال) حيث كانت مركز لعبور السفن التجارية من والى الخليج العربي واسم “مكيتا”. ولقد مؤاني عمان بصورة عامة في حركة التجارة الإقليمية والعالمية ومنها ميناء “عمانا” حيث أشارت المصادر اليونانية ألى ميناء (عمانا) الذي يقع قريب من مدخل مضيق هرمز، وربما يكون ميناء (عمانا) هو ميناء (دبا) الذي كان من أشهر مؤاني عمان قبل الإسلام.
المواقع والأدلة الاثارية
تم اكتشاف عدد من المواقع الاثارية والتي تعود الى الفترة الممتدة من القرنين الثالث والثاني قبل الميلاد وكذلك أثار تعود للعصر الإسلامي في أماكن مختلفة من شبة جزيرة مسندم ومن اهم هذه المواقع: بخا وخصب التي بها نقوش مرسومة على الصخور تعود الى الف الثالث والرابع قبل الميلاد (العصر السومري والبابلي). وأيضا وجود آثار تعود الى فترة دول فارس مثل الاخمينية حتى الدولة الساسانية، وفي العصر الاسلامي: الاموي والعباسي، نشطت التجارة عبر مضيق هرمز لا سيما عبر ميناء خصب.
وشهدت شبة جزيرة مسندم نشاط تجاري في عهد مملكة هرمز حتى وصول البرتغاليين في مطلع القرن السادس عشر الميلادي( 1507 – 1650) وهناك قلاع برتغالية كمرمار. ومن الاثار الاسلامية جامع نجا، مسجد النور ويوجد في مدحاء حوالي 24 فلجا. وازدات أهمية شبة جزيرة مسندم في التاريخ الحديث حيث قامت بريطانيا في إنشاء أول محطة تلجراف عام 1864 في الخليج العربي ومنها أخذ أسم الجزيرة. وختاما فإن هذه الدراسة قد توصلت إلى أهمية الموقع الجغرافي لشبة جزيرة منذ التاريخ القديم حتى العصر الحديث. كما دلت المواقع الاثارية المتعددة على أهمية ودور مسندم في التجارة، الإقليمية والعالمية من خلال مضيق هرمز خلال مراحل تاريخية مختلفة، واستمرار أهمية موقع مسندم الاستراتيجي في العصر الحالي حيث تتحكم في مدخل مضيق هرمز، الذي يمثل أهخمية عالمية لمرور التجارة ومصادر الطاقة. وثبت من خلال النقوش في مسندم عن قيام علاقات تجارية وحضارية بينها وبين بلاد الرافدين وفارس وشبه القارة الهندية، كما أن عمان لم تكن فقط اسما لميناء وانما كانت لحضارة في شبة جزيرة مسندم.
البعد الجغرافي والسياسي
وفي الورقة الخامسة التي تناولت “البعد الجغرافي والسياسي لمحافظة مسندم” للدكتور سليّم بن محمد الهنائي، مشرفا تربويا بوزارة التربية والتعليم، حيث سلط الضوء من خلال دراسته إلى على أبعاد الموقع الجغرافي لمسندم وانعكاس ذلك على جوانب السياسة والاقتصاد، ولتحقيق أهدف الدراسة استخدام الهنائي المنهج الوصفي التحليلي من خلال تتبع المصادر العربية وكذلك الأجنبية، وتهدف الدراسة إلى إبراز مقومات الموقع الجغرافي وما تتمتع به مسندم من إمكانيات تعمل مجتمعة على جعلها من أهم المواقع العالمية في حركة التجارة وانعكاس ذلك على العلاقات الدولية، كما تهدف الدراسة للوصول إلى عدد من النتائج من أهمها مدى اسهام الموقع الجغرافي وما يتعلق به من جانب سياسي في العلاقات السياسية الخارجية لسلطنة عمان، إضافة إلى التعرف على دور موقع محافظة مسندم منذ القدم في أحداث المنطقة سواء كان البحري أم في الجانب المقابل للخليج، حيث ظهر الباحث طبيعة السطح ومكوناته الطبيعية والمقومات التي تتمتع بها المنطقة. كما وضح أهمِّيَّة َالموقعِ الجغرافيِّ لعمان ككل والذي ساهمَ بشكلٍ واضحٍ في نشاط ِالعمانيين الملاحيِّ وكيفَ كانت عمانُ رائدةً في ذلك المجال بفضل الموقع.
النشاط التجاري البحري
واختتمت الجلسة الأولى بالورقة السادسة للباحث حمود بن حمد الغيلاني، خبير بوزارة التراث والثقافة، بعنوان ” النشاط التجاري البحري في محافظة مسندم ” ( التجارة البينية)، وفيها قال الباحث إن علاقة العمانيين من أبناء محافظة مسندم بالملاحة البحرية علاقة قديمة تعود إلى فترة ما قبل الميلاد، زاولوا خلالها العديد من الأنشطة البحرية في التجارة الخارجية والتجارة البينية، والغوص والنقل وصيد الأسماك وصناعة السفن. حيث تهدف هذه الورقة إلى القاء الضوء على جهود أبناء محافظة مسندم في النشاط البحري. وتتخذ هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي التاريخي وتتكون من محورين، المحور الأول تناول صناعة السفن وأنواعها وصنّاعها وأهم الموانئ، ونواخذة السفن في المحافظة، أما المحور الثاني تناول الأنشطة التجارية البحرية، كالتجارة البحرية، والتجارة البينية مع الموانئ العمانية الأخرى، والنقل والغوص وصيد الأسماك.
الجلسة الثانية
وفي الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور سعيد الهاشمي والتي ضمت ستة أوراق عمل استهلها الدكتور عبدالله بن علي بن سعيد السعدي بورقة عمل ” مفردات من الماضي حول الحياة العمانية في محافظة مسندم” “وادي مدحاء” تطرق فيها على أن التَّعاون ضرورة من ضرورات الحياة، والإنسان مدنيّ بطبعه فهو لا يستطيع العيش وحده ويلبي متطلباته من دون التّعاون؛ ولا يمكن للفرد أن يُلبيَ هذه الحاجات، ويواجه الأخطار المحيطة به إلّا من خلال تعاونه مع غيره من الأفراد، وقد ضرب المجتمع العماني ضرب للعالم أروع الصور في التعاون والمحبة والترابط ومواقف تركها الأجداد إلى الآباء وعايشها الأبناء وسوف يبقى جيلا بعد جيل.
قصبة عُمان الحصينة
وجاءت الورقة الثانية الأستاذ الدكتور إبراهيم عبد المنعم سلامة أبو العلا، بجامعة الإسكندرية بعنوان “سكان وأسواق دَبَا فُرضة عُمان والعرب المشهور في عصري الجاهلية وصدر الإسلام” وتلقي الورقة الأضواء على سكان وأسواق دَبَا فرضة عُمان والعرب في عصري الجاهلية وصدر الإسلام، للتأكيد على أصالة سكانها وعروبتهم وعُمانيتهم، ودورهم في الفتوحات الإسلامية، ولإبراز أهمية دَبَا الاقتصادية كحلقة مهمة من حلقات التبادل التجاري بين شعوب العالم آنذاك.
وذكر أبو العلا بأن دَبَا مدينة ساحلية مشهورة على خليج عُمان، وقد بلغت مكانة تاريخية واقتصادية كبيرة في عصري الجاهلية وصدر الإسلام، فكانت قصبة عُمان الحصينة، وإحدى فُرضتي (الفرضة هى محط السفن) العرب المشهورة بعُمان. وعرفت دَبَا بأنها “مصر تلك البلاد وسوقها العظمى”، وكانت سوقها من أهم أسواق العرب العشر في الجاهلية، وكانت تقام في آخر رجب من كل عام، ويأتيها تجار السند والهند والصين، وأهل المشرق والمغرب، وكان الجُلندى بن المستكبر حاكم عمان يعشرهم. غير أن مكانة دَبَا الاقتصادية ضعفت بعد الإسلام وطغت عليها صحار في الأهمية الإدارية والتجارية. وإن ظل اسم “السوق” يطلق على دَبَا كناية عنها في عصر الخلفاء الراشدين، لما كانت عليه من أهمية اقتصادية. وكان العماليق يسكنون دَبَا منذ القدم، ونزلتها بعض قبائل الأزد واستوطنتها، فقيل أزد دبا، ومنهم: عتيك بن الأزد بن عمران رهط المهلب بن أبي صفرة، ومن أزد دَبَا أيضًا بني البارقي، وبني جدَيد، وذو التاج لَقيط بن مالك، وكان يسامي الجلندى بن المستكبر في الجاهلية. وقد أسلم أهل دَبَا طوعًا، واشتهروا بالتجارة والملاحة، واشترك بنو عمران بزعامة أبو صفرة العتكي في الفتوحات الإسلامية في بلاد فارس والهند، لحنكتهم القتالية ومهارتهم في ركوب البحر.
رأس ماكيتا
وفي الورقة الثالثة مسندم رأس ماكيتا (ماكا / ماجان) “في ضوء الكتابات المسمارية والمصادر اليونانية والرومانية والنقوش اليمنية” للأستاذة الدكتورة أسمهان سعيد الجرو، أستاذة التاريخ القديم بجامعة السلطان قابوس، قالت فيها: بأن منطقة مسندم لم تحظ في العصور التاريخية المختلفة بالعناية الكافية من قبل الباحثين والمؤرخين القدامى والمحدثين، فتاريخ هذه المنطقة من عُمان يكتنفه كثير من الغموض، على الرغم من موقعها الإستراتيجي الفريد، فهي تطل على أحد أكثر الممرات الدولية أهمية، ويعزى ذلك إلى قلة المصادر والمراجع. حيث تسلط الباحثة الضوء على أقدم ذكر لشبه جزيرة مسندم في الكتابات المسمارية واليونانية والرومانية والنقوش اليمنية، هذه المعطيات العلمية مجتمعة ساعدت على رسم صورة تقريبية للدور التاريخي والحضاري لشبه جزيرة مسندم كجزء جوهري من تاريخ وحضارة عُمان في العصور التاريخية القديمة.
الخصائص الاجتماعية
وذكر الدكتور منتصر إبراهيم محمود عبد الغني، أستاذ مساعد بقسم الجغرافيا بجامعة السلطان قابوس، في الورقة الرابعة ” الخصائص الاجتماعية والاقتصادية ومستويات التنمية البشرية لسكان محافظة مسندم” حيث تتميز محافظة مسندم في سلطنة عمان بموقعها الجغرافي الفريد، فهي المحافظة الوحيدة التي لا تتصل مكانيا مباشرة مع باقي أجزاء السلطنة، ومن ثم تمثلا جيبا جغرافيا خارجيا للسلطنة، وتشرف على أحد أهم المضايق البحرية في العالم، مضيق هرمز، والذي تنتقل عبره نحو 20% من احتياجات النفط العالمية. ولقد كان لذلك الموقع الجغرافي الفريد والحساس تأثيرا واضحا على كل أوجه الحياه الطبيعية والبشرية في المحافظة. قدم الدكتور وصفا وتحليلا علميا للخصائص الاجتماعية والاقتصادية لسكان المحافظة، حيث شملت دراسة السكان حسب الجنسية (عمانيون ووافدون)، والتركيب العمري والنوعي للسكان، والحالة التعليمية والحالة الاجتماعية. كما ناقش الخصائص الاقتصادية للسكان مثل توزيع السكان حسب الحالة العملية، ووفق أقسام النشاط الاقتصادي، وأقسام المهن الرئيسية.
مسندم في كتابات الرحّالة
فيما عنونة الورقة الخامسة بـ”مسندم في كتابات الرحّالة الغربيين خلال القرنين 19 و20 الميلاديين” للدكتور سليمان بن عمير بن ناصر المحذوري، مدير مساعد لشؤون التعاون الدولي، بوزارة التربية والتعليم، عرف من خلالها المحذوري بأبرز الرحّالة الأجانب الذي زاروا محافظة مسندم خلال القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين، إلى جانب تحليل مضامين كتاباتهم، واستخلاص أبرز الإشارات حول الجوانب الطبيعيّة والجغرافية للمنطقة، والنشاط الاقتصادي إضافة إلى الجوانب السياسيّة والثقافية والاجتماعيّة في مسندم. ونظرًا لأهمية الموقع الجغرافي لمحافظة مسندم؛ أضحت المنطقة جسرًا لعبور التجارة الدوليّة، ومكان التقاء مختلف الحضارات، وبالتالي تمازجت فيه ثقافات بشريّة عديدة من الشرق والغرب على مر العصور. ونتيجة لذلك حظيت المنطقة برحلات جغرافيّة واستكشافيّة من قبل رحاّلة وجغرافيون وسياسيون أوربيون وغيرهم دونوا كتابات مهمة وثقوا من خلالها أحداثًا سياسيّة مرت بها المنطقة، كما تعرضوا للأوضاع الاقتصاديّة والثقافيّة والاجتماعيّة من خلال زياراتهم لمختلف مدن وقرى وجزر محافظة مسندم.
رأس أسبون
أختتمت ورقة عمل الدكتور عصام السعيد، أستاذ التاريخ بجامعة الإسكندرية جلسات عمل ندوة ” مسندم في ذاكرة التاريخ العماني” والتي عنونت بـ “رأس أسبون (رأس مسندم)، في النصوص القديمة” “دراسة طبوغرافية تاريخية حضارية”لقاء من خلالها السعيد الضوء على “رأس مسندم” في العصور القديمة، ودراسة المكان بكل جوانبه الطبوغرافية والجمروفلوجية، والتاريخية، والحضارية في العصور القديمة، حيث تم التطرق إلى ما ذكره بطليموس جغرافيته عن المكان، وكذلك مدن أخرى، كمدينة ديجيما، ومدينة دبا نجوقس، ومحاولة تحديدها جغرافيًا الآن شمالاً أو جنوب رأس مسندم. كما تم التطرق إلى أهمية رأس مسندم في بدايات الملاحة البحرية العمانية في العصور القديمة كحضارة “ملوخا” في بلاد السند، والتطرق إلى دلائل مادية وآثرية تكشف دور رأس مسندم الحضاري في العصور القديمة من خلال صلاتها التجارية ببلاد السند، التي تعتبر قفزة كبيرة في مياه البحار العميقة، أو من خلال وجود علاقات تجارية لما يرد إليها من السند وسكان شرق الجزيرة العربية، كذلك تم التطرق إلى ارتباط رأس مسندم الثقافية مع أم الغار، وهل هناك صلات مع بلاد الرافدين وأشياء أخرى.
وتضم المواقع الآثرية الرئيسية: جزيرة الغنم: بها آثار ترجع إلى الفترة بين القرن الثالث والسابع، وغب علي القديمة: بها آثار إسلامية من القرن السابع، والقرن التاسع –كما وجد خزف وفخار من القرنين الحادي عشر، الثاني عشر. وكانت معمورة حتى القرن السادس عشر، وموخي: بها خزف صيني من القرنين الثالث عشر، والرابع عشر، وحوحيني: بها آثار من صدر الإسلام في القرن التاسع – العاشر الميلادي، وكانت مغمورة من القرن الرابع عشر حتى القرن السابع عشر، وميناء ست: تقع شمال مسرب غب علي. بها خزف ينتمي إلى القرن التاسع، وبرزخ المقلب: به خزف صيني “مستورد” من القرنين الثالث عشر والرابع عشر. ومعسكر دبشون: به خزف من القرنين الثالث عشر والرابع عشر، إضافة إلى الشام: خزف من القرن الرابع عشر، والسيل الأسفل: خزف من القرن الحادي عشر، وخزف صيني جديد من القرن الثالث عشر، وصلالة: خزف صيني من القرن الثالث عشر، وخزف هورمزي من القرن الرابع عشر، قبال: خزف مصقول من القرن التاسع والقرن العاشر، وكانت مأهولة حتى القرن السادس عشر، ومعسكر خصب: خزف من العصر الساساني، وخزف صيني من عهد منج.
المعرض الوثائقي.
المعرض الوثائقي الثامن المصاحب لـ “مسندم في ذاكرة التاريخ العُماني ” بمحافظة مسندم – خصب في الفترةً ١٠_١٣ديسمبر ٢٠١٨م يؤكد على أهمية ترسيخ الذاكرة الوطنية في المحافل المحلية وابراز هذا الكنز التاريخي والحضاري ، وقالت حنان بنت محمود، مديرةً دائرة المعارض الوثائقية، يحتوي المعرض على العديد من الموضوعات التي تبرز مجموعة قيمة من الوثائق والصور والخرائط والصحف والمجلات والمخطوطات التي وثقت التاريخ العُماني بشكل عام وتاريخ محافظة مسندم تحديدا في كافة المجالات ( السياسية ، التجارية ، الشؤون الداخلية ، الشؤون البحرية ، الميراث وغيرها …) ويحتوي المعرض لما يزيد عن ١٥٠ وثيقة متنوعة أبهرت الزائر لما تمتلكه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية من رصيد هائل من الوثائق والمحفوظات بموجب قانون الوثائق والمحفوظات العمانية، من بينها رسالة من السلطان سعيد بن تيمور سلطان مسقط وعمان إلى الشيخ محمد بن علي بن مهدي الشحي يخبره بوصوله إلى خصب لتفقد أحوال الرعية، وأخرى رسالة من والي خصب إلى المشايخ عبدالله سلطان ومحمد علي مهدي وكافة مشايخ الكمازرة حول تلقيه برقية من صاحب الجلالة قابوس بن سعيد يعلمهم بتوليه زمام الحكم ٢٣-٥-١٣٩٠ه الموافق ٢٧-٧-١٩٧٠م، إلى جانب مجموعة من الوثائق التي تزخر بها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.
المعرض الوثائقي يحتوي على عدة أقسام توضح من خلالها دور الهيئة في حفظ وصيانة الوثائق ابتداء من العصور الحجرية، وتم التركيز لعرض وثائق المواطنين وتحديدا من محافظة مسندم تكريما لما قدموه من مبادرة طيبة لتسجيل وثائقهم لدى الهيئة وهذا يدل على حرصهم ووعيهم التام لأهمية المحافظة على الوثائق وإدراكهم لدور هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية لحفظ الذاكرة الوطنية، اضافة لعرض تاريخ الأرشفة واساليب التوثيق من العصور الحجرية منذ ان خلق الانسان لإعطاء زوار المعرض وأبناء ولاية خصب والولايات المجاورة لمحة عن نشأة التوثيق في سلطنة عمان وأساليبها سابقا في التوثيق كالرسم والنقش على الصخور وانتهاء في الكتابة والتوثيق وهجرة قبائل الإزد إلى عمان ونشأة الإمامة ودولة النباهنة واليعاربة، كما يحتوي المعرض على ركن يتحدث عن مراسلات الأئمة والسلاطين وركن يستعرض أبرز المراسلات والاتفاقيات والمعاهدات لحقب زمنية مختلفة ولدول متعددة يبرز عمق العلاقات الدولية والدبلوماسية مع العالم ، وايضاً استحدثنا ركنا خاص يستعرض مجموعة من الخرائط والصحف والمجلات الأجنبية والعربية والمحلية التي وثقت أبرز الأخبار والاحداث العمانية والتي تصدرت الصفحات الاولى لهذه الصحف، وركنا يحتوي على مجموعة متنوعة من المخطوطات العمانية، كما يعرض في المعرض جميع إصدارات الهيئة وهي حصيلة قيمة ومميزة لدراسات وابحاث علمية وما نتج من المؤتمرات الدولية التي نفذتها الهيئة، فيما ندعوا الجميع لزيارة المعرض الوثائقي الثامن في فندق قاعة خصب في الفترة من ٨:٣٠صباحاً -٢:٣٠ ظهرا ومن ٤:٣٠ عصراً – ٨:٠٠ مساءا ولمدة أربع أيام .