متحف قطر الوطني يكشف أخر مستجداته قبيل افتتاحه في مارس المقبل

الدوحة – وجهات|

نظّم متحف قطر الوطني اليوم أول لقاء إعلامي رسمي للكشف عن أخر مستجدات هذا الصرح العملاق وتسليط الضوء على أبرز ملامح التجربة المتحفية التي تنتظر الزوار.  

واستعرض عدد من مسؤولي متاحف قطر ومتحف قطر الوطني في مقدمتهم منصور بن إبراهيم آل محمود، المستشار الخاص للشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، والشيخة آمنة بنت عبدالعزيز آل ثاني، مدير متحف قطر الوطني، والدكتورة كارين إكسيل، اختصاصي تطوير متاحف أول بمتحف قطر الوطني، والدكتورة هيا آل ثاني، نائب مدير شؤون تنظيم المعارض بمتحف قطر الوطني، وسيف الكواري، نائب مدير العمليات في متحف قطر الوطني، استعرضوا تفاصيل تُكشَف لأول مرة عن متحف قطر الوطني قبل افتتاحه الرسمي العام المقبل.

ومن أبرز ما أشار إليه المتحدثون في تصريحاتهم التي أدلوا بها لوسائل الإعلام التفاصيل المتعلقة بالمرويات التاريخية التي تُعد من أهم عناصر التجربة المتحفية وأبرزها حضورًا. وتعيد هذه المرويات لأذهان الزوار لحظات تاريخية مهمة ذات صلة بثقافة دولة قطر وتراثها وعادات شعبها.

وحول هذه المرويات، أوضحت الدكتورة هيا آل ثاني، أن متحف قطر الوطني تعاون مع عدد من الشركاء من بينهم معهد الدوحة للأفلام على مدار 5 أعوام لتسجيل هذه المرويات وحفظها، وترجمتها في شكل عدد من الأفلام التي ستُعرَض بالمتحف. وتجاوز عدد الأفلام التي تم إنتاجها أكثر من 70 فيلمًا، بينما بلغ مجموع الأشخاص الذين سجلوا ذكرياتهم أكثر من 300 شخص من العامة.  

ويروي المتحف التفاعليّ فصولَ قصة قطر وشعبها منذ قديم الأزل حتى وقتنا الحالي، مانحًا قطر صوتًا للتعريف بتراثها الثريّ وثقافتها الغنية والتعبير عن طموحات شعبها المستقبلية النابضة بالحياة. وفي قلب المتحف الجديد، يقبع القصرُ التاريخيُّ للشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني (1880-1957) نجل مؤسس دولة قطر الحديثة، وهو قصر قديم أُعيدَ ترميمه، وكان يُستخدَم في السابق مسكنًا للعائلة المالكة ومقرًا للحكومة، ثم تحوّل لاحقًا لمتحف قطر الوطني القديم. وإلى جانب القصر، يضم المتحف الجديد، الممتد على مساحة 52 ألف متر مربع، أعمالًا فنية مبتكرة صُمِمَت خصيصًا على يد فنانين قطريين ودوليين لعرضها بالمتحف، بالإضافة لمقتنيات نادرة وثمينة، ومواد وثائقية، وأنشطة للتعلم التفاعلي.

وقالت الشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر: قطر بلدٌ عريق، يزخرُ بعادات أهل الصحراء والبحر، وهو أيضًا موطنٌ للعديد من الحضارات القديمة، ولا تزال قطر حتى اليوم وفيَّةً لقيمها الثقافية الأصيلة، برغم تيار الحداثة الذي غيَّر معالمَ بنيتها التحتية. ونحن نتطلع لإهداء هذه التجربة المتحفية الجديدة في ربيع العام المقبل لمجتمعنا الثري بتنوعه والفخور ببلاده ولضيوف الدوحة الذين نرحب بهم من جميع أنحاء العالم.

من جهتها، قالت الشيخة آمنة بنت عبدالعزيز بن جاسم آل ثاني، مدير متحف قطر الوطني: سيوفر المتحف الوطني لزواره تجربة متحفية لا نظير لها، بفضل رؤيته وأسلوب تطويره اللذين يراعيان احتياجات الجمهور في المقام الأول؛ فهذا متحف يروي قصة قطر وينقلها للناس بأسلوب مبتكر ومتكامل وتفاعلي. كما يوفر المتحف فرصًا للتعلّم أمام الجميع، صغارًا وكبارًا، عبر البرامج والأنشطة التفاعلية والمعارض بموضوعاتها المختلفة، حيث تعد التجربة التعليمية من أهم عناصر رؤية المتحف. وسيكون للأرشيف الرقمي دورًا مهمًا للغاية في معارضنا الدائمة المتاحة للجميع، حيث سيضم آلاف الصور والفيديوهات والوثائق من قطر والعالم، وسيُتاح كل ذلك لأكبر عدد ممكن من الناس.

وينسجم التصميم المعماري الديناميكي لجان نوفيل مع جغرافية قطر ويستحضر تاريخها وثقافتها. وحول ذلك يقول جان نوفيل: لقطر علاقة ضاربة في عمق التاريخ مع الصحراء بنباتاتها وحيواناتها وبَدوها وعاداتها. ولهذا بحثت عن معنى رمزيّ يعبّر عن هذه العلاقة بجميع خيوطها المتناقضة، إلى أن تذكرتُ ظاهرة وردة الصحراء بأشكالها البلورية التي تشبه التفاصيل المعمارية الصغيرة؛ تلك الوردة التي تخرجُ من الأرض وتتشكل بفعل اجتماع الرياح مع الماء المالح والرمال. ومن هذه الوردة، استلهمت فكرة تصميم المتحف، بأقراصه المنحنية وتقاطعاته وزواياه الناتئة، ليكون معبرًا عن معنى الشمول على المستوى العام، ويقدم في الوقت نفسه تجارب معمارية ومكانية وحسيّة على المستوى الفرديّ.

وقال منصور بن إبراهيم آل محمود، المستشار الخاص للشيخة المياسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر: يحتفي متحف قطر الوطني بتراثنا وثقافتنا التي كان للبر والبحر دور كبير في تشكيلها.  

وفي الوقت نفسه، يعكس المتحفُ، بتصميمه المعماري وبما يحتويه من تقنيات حديثة مبتكرة روح العصر الحالي وقدرتنا على المضي قدماً في أن نكون جزأً لايتجزأ من المشهد الثقافي العالمي

واضاف: لقد ظل هذا القصر لسنوات طويلة مسكنًا للعائلة الحاكمة ومقرًا للحكومة، ثم تحوَّل منذ ما يزيد عن أربعين عامًا إلى متحف قطر الوطني القديم. كما أن أهل قطر يحتفظون بذكريات حيّة وعزيزة لهذا المكان، حُفِرَت في قلوبهم عند زيارتهم له قديمًا.

كما أن تواجد القصر وسط المتحف الجديد يعني أن المتحف الوطني القديم صار قلبًا نابضًا للمتحف الجديد.

وقالت الدكتورة كارين إكسيل، أخصائي تطوير متاحف أول، من خلال العمل مع حرفيّين متمرّسين من مختلف أنحاء العالم، صنعنا أيضًا أكثر من 1400 مجسّما بديعًا للعرض في المتحف، تشمل التاريخ الطبيعي والمعماري والأثري، ونسخ متطابقة من مستندات، نماذج قوارب، ومجسمات تعتمد على اللمس، ومجسمات للأطفال.  

واكدت قائلة، أنتجنا أكثر من 150 عرضًا رقميًا لدعم صالات العرض في المتحف، وتسهم هذه العروض في صنع تجربة تفاعلية متعددة الجوانب. وقد أشرف على إنتاج هذه العروض فريق محلي وأبدعها فريق من المبدعين الرقميين الدوليين.

كما أن الأعمال الفنية التي صممت خصيصًا من أجل المتحف الوطني تعد جزءًا لا يتجزأ أيضًا من تجربة المتحف.

• وقد تم دعوة فنانين محليين ودوليين لصنع أعمال تعرض في المتحف تتوافق مع مجموعة المتحف وتعزز معروضاته.

تجربة الزوار

وينقسم متحف قطر الوطني إلى ثلاثة أقسام وهي: البدايات، والحياة في قطر، وبناء الأمة. وتُعرَض محتويات هذه الأقسام في 11 صالة عرض، حيث ينطلق الزائر في رحلة زمنية يقطع خلالها مسافة 1.5 كلم، يبدأها مع الحقبة الجيولوجية قبل استيطان الجزيرة العربية، ثم ينتقل من محطة لأخرى عبر التاريخ وصولًا إلى وقتنا الحالي، مستكشفًا على طول الطريق محتويات مدهشة حتى يصل إلى درة تاج المتحف، وهي قصر الشيخ عبدالله الذي يمثل جوهر الهوية القطرية الوطنية. وكل صالة من الصالات الإحدى عشرة تتميز ببيئتها الشاملة، حيث تروي فصلًا من فصول القصة الكبيرة للمتحف من خلال مزيج بديع من العناصر مثل المرويات التاريخية والصور الأرشيفية والأعمال الفنية وسماع الحكايات والروائح المرتبطة بالذكريات. كما تحتوي صالات العرض على مجموعة مذهلة من المقتنيات الأثرية والتراثية من بينها سجادة بارودة الشهيرة المصنوعة من اللؤلؤ والتي أُمرَ بتصميمها في عام 1865 والمطرزة بأكثر من 1.5 مليون لؤلؤة خليجية عالية الجودة ومزينة بالزمرد والماس والياقوت، إلى جانب المخطوطات والوثائق والصور والجواهر والأزياء.  

ودعا متحف قطر الوطني فنانين من قطر والعالم لإبداع أعمال فنية مخصصة للعرض في المتحف بحيث تتوافق مع مجموعته الفنية وتعزيز معروضاته.

تواصل مجتمعي

وتحيط بالمتحف حديقة للعامة تمتد على مساحة 112,000 متر مربع، وتشمل ساحات تعليمية تفاعلية ترحب بالعائلات، وممراتللمشي، وبحيرة، وتنتشر فيها نباتات قطرية مقاومة للجفاف. وتوفر الحديقة للأطفال ساحة للعب والتعلم واستكشاف جوانب مهمة من الحياة في قطر على غرار ما يتعلمونه داخل المتحف.

كا سيتيح المتحف نفسه باقة متنوعة من الأنشطة للمجتمع بأسره من خلال تخصيص مساحات لورش العمل والمسابقات ودروس تعليم الفنون، هذا إلى جانب تثقيف الجمهور حول جُملةٍ من الموضوعات الثقافية والتاريخية، ومن أهم أدوار المتحف أيضًا دعم المناهج الدراسية الوطنية من خلال أنشطة مخصصة للطلاب.

تصميم معماري لوردة الصحراء

تصميم المتحف مستلهم من وردة الصحراء، على هيئة أقراص كبيرة متشابكة ذات أقطار ومنحنيات مختلفة، فبعضها “رأسي” يدعم المبنى، وبعضها “أفقي” يستند على غيره من الأقراص، وتشكل في مجموعها ما يشبه القلادة التي تحيط بالقصر التاريخي. ويتوسط حلقة صالات العرض فناء مركزي (حوش) يمثل ساحة خارجية للتجميع خلال الفعاليات الثقافية. ويتناغم طلاء السطح الخرساني للمتحف مع الصحراء القطرية، حيث يأخذ لونًا شبيهًا بالرمال، ليبدو المبنى وكأنه نبتًا خارجًا من الأرض ومتوحدًا معها. كما تلقي أقراص المتحف الناتئة ظلالًا تقي الزائرين من حرارة الشمس وهم يترجلون في الخارج، وفي الوقت نفسه توفر غطاءً لمن هم في الداخل لتقيهم من الحرارة.

وعلى غرار التصميم الخارجيّ، يأخذ التصميم الداخلي شكل الأقراص المتشابكة بألوان محايدة أو أحادية اللون. وتأخذ الأرضيات لونًا شبيها بالرمال. أما الحوائط “الرأسية” فمطلية بجص تقليدي وجص ممزوج بالجير. وتتباين المساحات الداخلية في أحجامها بشكل ملحوظ، ما يمنح كل صالة عرض طابعًا خاصًا يختلف عن غيرها، ويضفي نوعًا من المغامرة ويعزز عنصر المفاجأة في رحلة الزائر داخل المتحف.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*