مسقط – وجهات|
تعد القلاع والحصون والأبنية التراثية واحدة من أهم الاهتمامات السياحية سواءً على مستوى السواح الأجانب، أو الزوار العمانيين والمقيمين، لما تمثله المعالم التاريخية من استحضارٍ عميق للحضارة العمانية من خلال شواهدها الأثرية، فيما تحتل الهندسة والعمارة العمانية بطبيعة زخارفها الهادئة وأصالة الألوان والنمط المعماري جزءا كبيرا من فضول السائح ونهمه الذي يسعى لإروائه من خلال الوقوف الميداني على تلكم الشواهد والآثار.
وتولي الوزارة بالغ عنايتها لما يزيد عن 54 معلماً أثرياً متوزعا بين القلاع والحصون، كما تقيم تعاوناً مشتركاً بينها وبين وزارة التراث والثقافة حول إحالة بعض المواقع التراثية، يقضي هذا التعاون إلى إحالة بعض القلاع والحصون التي تكون قد استكملت ترميمها وصيانتها من قبل وزارة التراث والثقافة إلى وزارة السياحة؛ وذلك للتمكين من سهولة استثمارها وتطويرها وتوظيفها سياحياً بما يتناسب مع أهميتها من الناحية التراثية والسياحية، لتصبح مزارات سياحية وتراثية مستدامة لكافة الزوار من داخل السلطنة وخارجها.
ووفق الإحصائيات المسجلة لدى وزارة السياحة، فإن عدد زوار المواقع الأثرية السياحية في السلطنة للعام المنصرم بلغ (319.136) زائراً جلّهم من خارج السلطنة، ومن المؤمل تنامي العدد واقترابه من 400 ألف أو يزيد في العام الجاري حسب المؤشرات الأولية، يعود هذا الإقبال إلى عاملين رئيسيين، أولهما تطوير المواقع الأثرية من قبل الوزارة وجعلها مزارات سياحية يسهل الوصول إليها، وتوفير المرشدين ومختلف الخدمات ذات العلاقة ، ثانيهما يعود إلى حملات الترويج والإعلان التي تقوم بها الوزارة محلياً وخارجياً حول الأهمية التاريخية للمواقع التراثية والأثرية بالسلطنة.
وانطلاقا من إيمان الوزارة بأهمية السياحة الأثرية، حققت “السياحة” العديد من الإنجازات في تطوير وتأهيل القلاع والحصون بمختلف محافظات السلطنة، وذلك بالتعاون مع الجهات المعنية في وزارة التراث والثقافة، بالإضافة إلى اشراك المجتمع المحلي بالمحافظات وتكليف إحدى الشركات الاستشارية المتخصصة لتنفيذ الأعمال الاستشارية وذلك لتنشيط الحركة السياحية في المواقع التاريخية وعلى سبيل المثال الموقع التاريخي (حصن خصب) والذي فاز بجائزة الأوسكار عام 2010م، بالإضافة الى (حصن الحزم بولاية الرستاق وقلعة نخل، وقلعة نزوى، وحصن جبرين، وحصن بيت الرديدة بنيابة بركة الموز بولاية نزوى بمحافظة الداخلية، وحصن مرباط, وقلعة مطرح, وحصن بركاء, والنعمان والسنيسلة) حيث تم تطويرها وتأهيليها وتأثيثها لتكون تحفة معمارية لتسجل علامات الحضارة العمانية لكل قلعةٍ وحصنٍ يتميز بموقعه الاستراتيجي وتصميمه المعماري والهندسي؛ حيث تم تأثيثها بمجموعة من المقتنيات التراثية الفريدة والنادرة من أجل الحفاظ على الموروث التاريخي للاستفادة منه من قبل الزائرين وخدمة للسواح ليحكي كل موقع على الكثير من المكنونات التراثية والعادات والتقاليد والتاريخ العريق لكل ولاية من ولايات السلطنة.
كما أن للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة دورا في المساهمة في تطوير المواقع التاريخية، وذلك لما تحمله تلك المؤسسات من تطلعات مستقبلية بالمساهمة في الاستثمار في بعض المواقع التي تشرف عليها وزارة السياحة، وبالتالي خلال الفترة الماضية على سبيل المثال أقدمت إحدى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على إدارة إحدى القلاع الرئيسية بمحافظة الداخلية (قلعة نزوى) وذلك بعد التنسيق مع الجهات المعنية ذات العلاقة التي كانت لها الأثر الإيجابي في تحمل مسؤولياتها في إدارة تلك القلعة التاريخية بطرق حديثة ومبتكرة تساهم في اجتذاب الزائرين اليها من خلال إعداد الفعاليات المتنوعة والمختلفة والتي ساهمت الى حد كبير في جعل ذلك الموقع من المواقع المفضلة لدى الزائرين بمحافظة الداخلية.
يكاد لا تخلو رقعة من عُمان، إلا وتجد بها معلماً أثرياً يوثق بطولاتها وتاريخها الضارب في عمق الحضارة الإنسانية، فمتى ما حطت رحال السائح إلى العاصمة مسقط، سيجد قلعة مطرح تستقبله بعبير التاريخ، ويلوح له حصن بيت مقحم في بوشر برائحة العراقة، وإن ابتعد قليلاً سيجد حصن قريات شامخاً يجذب إليه الأنظار.
واذا ما اتجه إلى جنوب الباطنة، سيجد الرستاق تستقبله بحصن الحزم وقلعة الرستاق، وعلى مقربةٍ منها تزدان نخل بقلعتها الجميلة، ويطل على الجوار منهما حصن العوابي، لتشمخ بركاء هي الأخرى بحصنيها المعروفين النعمان وبركاء، وفي المصنعة يقف صامداً حصنها الكبير.
وإذا ما واصل رحلته شمال الباطنة فإن صحم وشناص سيستقبلانه بحصنيهما اللذان تسميا باسميهما، وتحظى السويق بنصيبها الوافر من الحصون كحصن الثرمد وحصن السويق إضافة إلى سور آل هلال وسور المغابشة، ولصحار سورها “السهيلة” المعروف أيضاً، لتشمخ لوى كذلك بحصنيها “فزح ولوى”، وللخابورة أيضاً حصنها.
أما محافظة الداخلية فإن صدرها متوشحٌ بآثار قلعة نزوى الضخمة وحصن بيت الرديدة البهي، ليطل أعجوبة العمارة العمانية بزهوٍ حصن جبرين، قبل أن تجذب قلعة الفيقين بمنحٍ الأنظار إليها، كذلك الحال مع حصن سمائل وبيت الخوبار أو بيت الصاروج كما يحلو لأهله تسميته، وعوداً إلى ما قبل الإسلام، سيجد الزائر ضالته في قلعة بهلاء وسورها التاريخي، ليرجع قافلاً إلى حصن بدبد وقد ختم رحلته الأثرية بما يملأ النفس دهشةً وضياء.
أما في محافظة البريمي، فإن حصن الحلة وحصن الخندق وحصن بيت الند وحصن مرجب؛ كلها ستشبع ذائقته أصالةً وجمال، وفي المدى البعيد لأجمل بقاع عمان البحرية، تطل محافظة مسندم بحصونها الأربعة الآسرة: (خصب، الكمازرة، بخا، دبا)، في حين أن محافظة الظاهرة أيضا تحتفي بالزائر بحصونها الأربعة الأخاذة: (عبري، العراقي، بيت المراح، المعمور).
أما عن الشرقية فلا ترضى بأقل من عشرة آثارٍ مدهشات بين قلاعٍ وحصون، ففي شمالها تقبع قلعتا الروضة والأخضر، وحصونها الثلاثة (بيت خبيب، بيت اليحمدي، المنترب)، وفي جنوبها حصونٌ خمسة: (بلاد صور، السنيسلة، العيجة، جعلان بني بو حسن، راس الحد)، وفي محافظة ظفار أربعة حصونٍ تتنافس مع بعضها في الحضارة والعراقة وهي: (طاقة، مرباط، سدح، كوت حمران).