المنامة – العمانية-فانا |
تعول مملكة البحرين على قطاع السياحة ليكون أحد أهم محركات النشاط الاقتصادي خلال الفترة القادمة لاسيما أنه تتوفر بها العديد من المرافق السياحية المتنوعة وتملك مقومات السياحة العائلية التي يفضلها الزوار خاصة من الدول الخليجية المجاورة وتسود بين مواطنيها والمقيمين فوق أراضيها والوافدين إليها أجواء الألفة والمودة والترحاب.
ويحظى القطاع السياحي البحريني بأولوية كبيرة من جانب الأجهزة المعنية إضافة إلى العمل المتسارع لتوفير البيئة التنظيمية لأعماله من لوائح وتشريعات، ويجري العمل على قدم وساق لإقامة بنية أساسية قوية تستطيع تلبية احتياجات مختلف مستويات وشرائح زوار مملكة البحرين والاستفادة من إمكانات النمو الواعدة للقطاع بها وتأهيل مزيد من مواطنيها للانخراط والعمل فيه فضلا عن تدشين البرامج والفعاليات القادرة على استقطاب فئات جديدة من السياح.
وقامت البحرين في السنوات الأخيرة الماضية بدمج هيئة المعارض والمؤتمرات مع وزارة الصناعة والتجارة التي أُضيف إلى مهامها قطاع السياحة في مارس 2015 وذلك لحجم الارتباط الكبير فيما بينها، والرغبة في الاستفادة من ربحية القطاع المتعاظمة وجدواه الاقتصادية الكبيرة، حيث أُصدر الفترة الماضية نظاما مطورا لتصنيف الفنادق بهدف جعلها أكثر جاذبية والتزاما بالقواعد والمعايير الفنية المعمول بها في عالم المنتجعات والمنشآت السياحية.
وتم الترخيص أخيرا لبعض المؤسسات الفندقية الكبرى بتشغيل أرصفة بحرية لنقل الركاب بهدف الاستفادة بما تملكه البحرين من مقومات سياحية قوية، وبعد أن صدر عام 2017 قرار تنظيم نشاط الرحلات السياحية البحرية الداخلية، كما صدر قرار بشأن نظام الإحصاء الإلكتروني السياحي الذي يستهدف إيجاد قاعدة معلومات قوية حول اتجاهات وتفضيلات الحركة السياحية الوافدة للبحرين والاستفادة منها في بناء واختيار المشروعات التنموية المناسبة.
وقد أُعلن خلال المرحلة القريبة الماضية عن استثمارات جدية لتنفيذ نحو 14 مشروعا لدعم القطاع السياحي عموما، ويجري العمل فيها حاليا، وينتظر افتتاح بعضها قريبا، ويُتوقع خلال الفترة القادمة إنشاء معاهد متخصصة لتخريج مواطنين مؤهلين للعمل بأبنية هذا القطاع، واختتمت أخيرا فعاليات مدينة المهرجان الذي أقامته الهيئة المختصة بالسياحة في مملكة البحرين ونجح في استقطاب أكثر من 70 ألف زائر.
وتكشف هذه التطورات عن الجهد الذي تبذله مملكة البحرين لجعل قطاع السياحة ومشتملاته من مرافق ضيافة وسكن ومجمعات تجارية جاذبة أحد محركات عجلة الاقتصاد، خاصة وأن البحرين لديها إمكانات سياحية وتاريخية ودينية وترفيهية ويمكن الاعتماد عليها لتنشيط حركة الزيارة إليها، وتعول الأجهزة المسؤولة على هذا القطاع ليكون بجانب القطاع الخدمي والمالي قاطرة للنمو الاقتصادي في الفترة المقبلة.
وتجدر الإشارة إلى هذه القفزة النوعية في مؤشرات قدوم السياح إلى مملكة البحرين ومدى زيادة الاهتمام بمرافق هذا القطاع المهم وأبنيته والوعي الرسمي وغير الرسمي بمنافعه وفوائده وعوائده الاقتصادية المباشرة منه وغير المباشرة حيث لم يتجاوز زوار مملكة البحرين خلال عام 2000 أكثر من 4 ملايين سائح، في حين أن هذا العدد تزايد عام 2014 ليبلغ 10 ملايين سائح بزيادة قدرها 1ر11 بالمائة مقارنة بعام 2013، وبلغت إيرادات منشآته الإجمالية نحو 228 مليون دينار بحريني وزادت بواقع 17 بالمائة خلال عام 2014 مقارنة بالعام الذي قبله.
واستمر الاتجاه بزيادة أعداد الزائرين للبحرين في عام 2015 مما يدل على الحرص الحكومي لتطوير القطاع السياحي، حيث وصلت هذه الأعداد لأكثر قليلا من 11 مليون سائح بحسب تصريحات الرئيس التنفيذي لهيئة السياحة والمعارض بالبحرين. ورغم بعض التراجعات في السنتين الأخيرتين نتيجة للظروف الاقتصادية في دول المنطقة، لكن حجم زوار البحرين زاد بنسبة 8ر12 بالمائة ووصل لـ 7ر8 مليون زائر حتى الربع الثالث من عام 2017 مقارنة بـ 7ر7 مليون زائر في عام 2016، وهو العام الذي اُختيرت فيه المنامة كعاصمة للسياحة الخليجية وشهد اهتماما أكبر بالقطاع السياحي والآليات المناسبة لإحداث مزيد من التطور فيه خاصة مع الاحتفالات التي شهدتها البحرين في هذا العام.
ويبدو أن هوامش الربح المحققة في هذا القطاع جعلت كثيرا من التدفقات الاستثمارية بداخل البحرين وخارجها تتجه إليه للعمل والاستثمار فيه خاصة أن بالبحرين إمكانات سياحية هائلة لم تُستثمر بعد منها: نحو 33 جزيرة والمعارض المختلفة كالجواهر والحدائق والصناعات والدفاع والطيران الذي ينتظر إقامته في نوفمبر هذا العام، والسباقات الرياضية الكبرى كالفورمولا 1 في إبريل القادم، فضلا عن فرص ازدهار السياحة العلاجية والبيئية والتعليمية التي تتوفر بالبلاد وغير ذلك الكثير.
ويذكر أن إنفاق السياحة الوافدة خلال عام 2017 بلغ نحو 919 مليون دينار بحريني مع إجمالي إنفاق للزائر الواحد بلغ 74 دينارا بحرينيا في اليوم الواحد، وقد تم تسجيل 2ر7 مليون ليلة سياحية بمتوسط 1ر2 ليلة للسائح الواحد في هذا العام.
ويتوقع في السنوات المقبلة أن يزيد عدد زائري البحرين وتنمو الحركة السياحية بنسبة 10 بالمائة على الأقل، وأن تنجح المملكة في العام الجاري 2018 في استقطاب 15 مليون زائر وأن يحقق القطاع لها عائدات تقدر بمليار دينار بحريني في عام 2020 مقارنة بـ 600 مليون دينار عام 2015.
وتشهد البجرين طفرة هائلة في بناء المنشآت السكنية ذات الطبيعة الفندقية والمطاعم وغيرها من مجمعات تجارية ذات سمعة مرموقة في البحرين والمنطقة ترتبط بقطاع السياحة بشكل مباشر حيث وصل عدد الفنادق بالمملكة حتى عام 2015 الى 113 فندقا وأكثر من 100 مطعم وتشكل نسبة الفنادق من فئتي الـ 4 نجوم والـ 5 نجوم حوالي 70 بالمائة من المعروض من الخدمات الفندقية في البحرين.
ويجري حاليا تنفيذ عدد من المشروعات الفندقية الكبرى منها: 15 فندقا تصل كلفة إنشائها 10 مليارات دولار كالعنوان وفيدا وغيرهما، وسيتم الانتهاء من إنشائها خلال السنوات الخمس القادمة وسوف ترفع هذه الاستثمارات الطاقة الاستيعابية لقطاع الضيافة بحوالي 4 آلاف غرفة حتى عام 2020.
يشار إلى أن المشاريع التنموية الكبرى تصب في الأساس إلى خدمة قطاع السياحة والضيافة في البحرين كمجمع الأفنيوز الذي بلغت تكلفة مرحلته الأولى نحو 159 مليون دولار أمريكي ويفتتح في أكتوبر 2018 إضافة إلى مشروعات يجري العمل فيه حاليا لافتتاحها مستقبلا كمجمع دلمونيا ومراسي جاليريا وبحرين مارينا واستكمال عدة مشاريع أخرى كخليج البحرين وديار المحرق ومشروع سعادة لربط سوق المحرق القديم بواجهة بحرية عصرية وتطوير عدة شواطئ جديدة وفتحها للجمهور.
وتعمل الجهات المعنية بتوجيهات سديدة من قيادة الدولة بمملكة البحرين لإيجاد بدائل ومنتجات سياحية عديدة تناسب مع كل الفئات القادمة للبحرين من أجل السياحة، وبحيث يتميز هذا القطاع بالاستدامة التي تؤهله للاستمرار وإدرار الدخل خاصة أن بإمكان هذا القطاع وحده توفير أكثر من 42 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في مجتمع تمثل فيه الفئة العمرية من الشباب التي تتراوح بين 15 ـ 24 سنة نسبة كبيرة، ويعد 85 بالمائة منهم مؤهلون علميا ويستطيعون العمل في القطاعات الخدمية الجديدة وهي نسبة تعد الأعلى على مستوى دول الخليج.
ويستطيع القطاع السياحي المساهمة في زيادة الناتج المحلي الإجمالي للبحرين التي وصلت عام 2015 لـ 5 بالمائة عائدات مباشرة وبنحو 12 بالمائة عائدات غير مباشرة في أنشطة الإقامة ومرافق البيع بالتجزئة والمطاعم وغيرها، وقد ارتفع هذا العائد المباشر إلى 3ر6 بالمائة في عام 2016 ووصل إلى 7 بالمائة في عام 2017 بحسب تصريحات رسمية.
ولعل من بين أهم البدائل والمنتجات الجديدة التي أضافتها مملكة البحرين أخيرا على خططها وبرامجها السياحية تلك الفعاليات والمهرجانات المختلفة التي تشغل فترات مختلفة من العام وينتظرها كل أفراد العائلة البحرينية والخليجية على السواء باعتبارها تجارب مليئة بالفرح للصغار والكبار والمعروف أن أكثر الفئات قدوما للمملكة هم من الزوار من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذين بلغوا 6ر6 مليون زائر خلال عام 2014 بارتفاع قدره 8ر16 بالمائة مقارنة بعام 2013 ويفضلون بطبيعتهم العائلية الإقامة في الشقق الفندقية بنسبة 34 بالمائة مقابل 26 بالمائة للغرف الأمر الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بازدهار القطاع العقاري بالبحرين.
ومن بين أهم هذه الفعاليات والمهرجانات: “صيف البحرين” و”تاء الشباب”، و”البحرين تتسوق” الذي انطلق لمدة شهر في يناير وفبراير من هذا العام 2018، واختتمت فعالياته مؤخرا بحضور ما يفوق 122 ألف زائر وبمشاركة 27 فندقا و21 مجمعًا تجاريا و41 مطعمًا مقارنة بحوالي 22 فندقا و18 مجمعا تجاريا و29 مطعما عام 2017، وحقق معدل إنفاق تخطى الـ 135 بالمائة ووصل حجم المشتريات به 1ر19 مليون دينار بحريني مقارنة بـ 1ر8 مليون دينار بحريني في عام 2017 ووفر أكثر من 300 فرصة عمل للكوادر البحرينية الشابة بحسب تصريحات أخيرة لرئيس هيئة البحرين للسياحة والمعارض.
ويرتبط التوسع في الاهتمام بالحركة السياحية الوافدة إلى البحرين بعدد من المشروعات التنموية الكبرى التي يقع على رأسها مشروع توسعة مطار البحرين الدولي الذي يستهدف زيادة الطاقة الاستيعابية إلى 14 مليون مسافر سنويا وزيادة مساحته لتبلغ 4 أضعاف المساحة الحالية وتبلغ تكلفته 1ر1 مليار دولار أمريكي ويتوقع الانتهاء منه في عام 2020.
ومن المتوقع خلال هذا العام أن يتم الشروع في بناء مشروع أرض المعارض الجديد “مركز البحرين الدولي للمعارض” الذي سيضم العديد من المرافق وقاعات العرض ومراكز المؤتمرات وساحات التسوق والفنادق وسيشغل مساحة تقدر بـ 100 ألف متر مربع على الأقل وينتهي بناؤه في غضون سنتين إلى سنتين ونصف وتقدر تكلفة الإنشاء الأولية بما يزيد على نصف مليار دولار أي ما يعادل 200 مليون دينار بحريني.