السياحة رهان الإمارات في تنويع اقتصاد ما بعد النفط

أبوظبي – العمانية-فانا|

تقدم دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجا فريدا على المستوى العربي في تطوير القطاع السياحي وترسيخ مكانته كأحد أبرز القطاعات المساهمة في الناتج المحلي.

ويرتكز النموذج الإماراتي على تنويع المنتَج السياحي وتوسيع قائمة عوامل الجذب السياحي لتأمين استقرار أكبر للقطاع. وتعمل الإمارات على تسهيل إجراءات السفر وتعزيز تألقها في قطاع الفنادق خصوصا فيما يتعلق بالفنادق متوسطة التكلفة والتوسع في افتتاح المرافق والوجهات السياحية وتعزيز سياحة الأعمال والمؤتمرات والسياحة العلاجية.

وتعزز تلك الجهود الثقة في قدرة القطاع السياحي على التحول إلى مصدر بديل وحقيقي في ظل استراتيجيات ما بعد مرحلة النفط.

تجدر الإشارة إلى أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية رصدت ما يقارب من 380 مليار دولار للمشاريع السياحية حتى العام 2018، فيما تعزز استثماراتها في مجال البنية الأساسية والفنادق والمرافق وتحسين أنظمة إصدار التأشيرات السياحية.

ويترقب القطاع السياحي في الإمارات العديد من الأحداث والمناسبات المستقبلية التي ستعزز من فرص نموه وازدهاره، وفي مقدمتها استضافة إمارة دبي لمعرض “إكسبو 2020″، وما سيسبق هذا الحدث المهم من تطورات للتحضير له بما سيشكّل نقطة انطلاق جديدة نحو مستقبل ناجح في السياحة. ولا تقتصر جاذبية الإمارات السياحية على المنتجات السياحية الفريدة والمتميزة التي تقدمها للسياح سواء لسياحة الترفيه والتسوق أو لسياحة الأعمال والمؤتمرات، بل تمتد أيضا إلى ما تتمتع به الدولة من أمن وأمان واستقرار سياسي وازدهار اقتصادي وبنية أساسية متطورة.

وتؤدي السياحة في الإمارات دورا محوريا في تحريك عجلة الاقتصاد حيث بلغت قيمة مساهمته المباشرة في الناتج المحلي لعام 2016 قرابة 5ر68 مليار درهم إمارتي (7ر18 مليار دولار أمريكي) أي ما يعادل 2ر5 بالمائة، أما قيمة المساهمة الإجمالية فبلغت 1ر159 مليار درهم إمارتي (3ر42 مليار دولار أمريكي) بنسبة 1ر12 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي.

وتوفر السياحة بشكل مباشر حوالي 325 ألف فرصة عمل في الإمارات ومن المتوقع أن يرتفع هذا المعدل بنسبة 4ر2 بالمائة سنويا ليوفر 410 آلاف وظيفة أي ما يعادل 9ر5 بالمائة من مجموع الوظائف في عام 2027.

وتقدر قيمة استثمارات القطاع السياحي بمبلغ قدره 2ر26 مليار درهم إماراتي (1ر7 مليار دولار أمريكي) أي ما يعادل 7 بالمائة من إجمالي استثمارات الإمارات في عام 2016 وتبلغ نسبة الزيادة المتوقعة 11 بالمائة سنويا على مدى السنوات العشر القادمة.

ويعتبر القطاع الفندقي أحد أبرز عوامل الجذب في السياحة الإماراتية حيث تستضيف الإمارات على أرضها كبرى العلامات التجارية العالمية العاملة في هذا المجال.

ويشهد قطاع الفنادق في الإمارات طفرة واسعة من النمو والازدهار حيث كشف تقرير مجموعة “كوليرز إنترناشيونال” الشرق الأوسط لقطاع الفنادق عن إضافة ما يقارب من 6000 غرفة فندقية ذات علامة تجارية عالمية مختلفة خلال العام الماضي.

وبلغ عدد الغرف الفندقية في إمارة دبي حوالي 104 آلاف غرفة في عام 2017م استقبلت ما يزيد على 9ر14 مليون سائح، وفي أبوظبي سجلت المنشآت الفندقية أرقاما قياسية جديدة مستقطبة 87ر4 مليون نزيل في 162 فندقا ومنتجعا وشقة فندقية.

ووصل متوسط الإشغال في فنادق أبوظبي إلى نحو 83 بالمائة وفي دبي 81 بالمائة، في حين سجلت فنادق رأس الخيمة متوسط إشغال بلغ 79 بالمائة وفنادق الشارقة 75 بالمائة والنسبة نفسها في فنادق الفجيرة.

وأدركت حكومة دولة الإمارات أهمية قطاع الطيران بالنسبة لمستقبل السياحة وغيرها من المجالات، فشيدت المطارات العالمية وأسست أكبر شركات الطيران في العالم وأحدثها واستثمرت المليارات في البنية الأساسية حتى بات مطار دبي الدولي الأكبر عالميا من ناحية المسافرين الدوليين، ومطار أبوظبي الدولي الأسرع نموا في أعداد المسافرين، وعملت على ربط مطاراتها بالمئات من مدن العالم من خلال شركات الطيران الإماراتية.

وارتفع أسطول الناقلات الجوية الوطنية الأربع التي تضم (الإمارات للطيران والاتحاد للطيران والعربية للطيران وفلاي دبي) ليصل إلى 512 طائرة بنهاية العام 2017، كما ارتفع عدد المسافرين عبر مطارات دولة الإمارات خلال العام الماضي إلى أكثر من 5ر126 مليون مسافر بمعدل نمو بلغ 8ر1 بالمائة، مقارنة بـ 3ر124 مليون مسافر في عام 2016.

ووفقًا لبيانات الهيئة العامة للطيران المدني بدولة الإمارات العربية المتحدة فقد بلغ عدد الحركات الجوية في أجواء الإمارات نحو 6ر882 ألف حركة خلال العام الماضي، كما بلغ عدد المسافرين عبر “مطار دبي الدولي” 3ر91 مليون مسافر في عام 2017، كما تعامل مطار “أبوظبي الدولي” مع 24 مليون مسافر، و76ر9 مليون مسافر في “مطار الشارقة”، و899 ألف مسافر في مطار “آل مكتوم”، و6ر472 ألف مسافر في مطار “رأس الخيمة”، و8ر74 ألف مسافر في “مطار العين”، و11 ألف مسافر في “مطار البطين”، و4ر3 ألف في مطار “الفجيرة”، و371 مسافرا في مطار “الظفرة”.

وتمتلك الإمارات كنوزا طبيعية وبيئية عديدة ومخزونا حضاريا وثقافيا ثريا ومتنوعا في الصحراء والرمال مما جعلها قادرة على تقديم منتج سياحي متنوع يتيح للزائرين كل الخيارات حسب اهتماماتهم.

وتعتبر سياحة التسوق أحد أبرز الأنماط السياحية في الإمارات حيث تجذب سنويًا إلى مراكز تسوقها الضخمة كدبي مول وأبو ظبي مول وأسواقها التقليدية العريقة ملايين المتسوقين الذين يأتون من كل ركن من أركان العالم بحثا عن أجود وأفضل السلع والمنتجات.

وتعد الإمارات إحدى أبرز وجهات السياحة التاريخية والثقافية في المنطقة بفضل غناها بالمواقع الأثرية والمتاحف والصروح الثقافية والفنية التي تستضيف أهم الأحداث والمهرجانات العالمية. وتشمل قائمة المواقع التراثية في الإمارات كلًا من قصر الحصن وقلعة المقطع في أبوظبي، وقلعة الجاهلي في العين، ومتحف وقلعة الفهيدي في دبي، وموقعي المليحة ومويلح في الشارقة، وقلعة مصفوت والحصن الأحمر في عجمان، وقلعة ضاية والجزيرة الحمراء في رأس الخيمة، وقلعة الفجيرة وقصر الحيل في الفجيرة، وتل أبرق وجزيرة الأكعاب في أم القيوين.

وباتت دولة الإمارات وجهة استثنائية للفنون على اختلاف أنواعها حيث تقام على مدار العام المعارض الفنية والمهرجانات الموسيقية والعروض المسرحية.

وتبرز دولة الإمارات العربية المتحدة كواحدة من الوجهات الرئيسية المفضلة على مستوى العالم في سياحة الاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض. وتضم الإمارات مجموعة من المرافق الخاصة بسياحة المعارض كمركز أبوظبي الوطني للمعارض ومركز المعارض والمؤتمرات في دبي وإكسبو الشارقة.

وقطعت الإمارات أشواطا متقدمة على صعيد السياحة العلاجية واستقبلت في عام 2017 حوالي 400 ألف شخص قدموا إليها لأغراض صحية وللاستفادة من الخدمات العلاجية الفعالة ومنخفضة التكلفة في كبرى منشآتها الطبية “كليفلاند أبوظبي” و”مدينة دبي الطبية”، إضافة إلى تأثير عمليات تطوير القطاع الصحي على إعادة النظر في الابتعاث الصحي الخارجي واستقطاب حالات مرضية الأمر الذي ساهم في ترشيد وإعادة توجيه نفقات العلاج في الخارج، فيما يتوقع وفق معدلات نمو القطاع الصحي أن يكون رافدا حيويا للقطاع السياحي في المستقبل القريب.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*