مسقط- وجهات /
اكد حسن بن محمد اللواتي، مدير عام الآثار والمتاحف بوزارة التراث والثقافة، إن التراث الثقافي المغمور بالمياه جزأ لا يتجزأ من مفردات التراث الثقافي الإنساني وعنصرا بالغ الأهمية في رسم ملامح تاريخ بعض الشعوب والأمم، ومرآة عاكسة للعلاقات التاريخية أو الحديثة بين الشعوب، وبالتالي فإن الحفاظ على هذا التراث مسؤولية تقع على عاتق الجميع وليس على مؤسسة أو أكثر.
وقال في كلمة القاها بمناسبة عقد حلقة عمل عن أهمية التراث الوطني الثقافي المغمور بالمياه، في اطار مراحل مشروع السواحل العمانية لجهود حماية الآثار المغمورة بالمياه، بالتعاون مع جامعة ساوثهمبتون البريطانية، قال: إذ يختزن التراث الثقافي المغمور بالمياه جوانب مهمة من تاريخ البشرية لم تعرف بعد ولم تصل إليه السجلات المدونة، ويمكن لهذه المفردة من التراث أن تضيف الكثير إلى جهود التعرف على مسيرة الحضارة البشرية متى ما تم اكتشافها ودراستها. وحرصاً من الوزارة على توثيق التراث الثقافي بشقيه المادي وغير المادي، فقد عملت مؤخراً على الحفاظ على هذا التراث المغمور بالمياه وإنقاذه بكافة أشكاله، ومن هذا المنطلق شرعت في تأسيس وحدة تعنى بالآثار المغمورة بالمياه، على أمل أن تكون دائرة متخصصة في المستقبل القريب.
اهتمام وطني
وأضاف: لا بد من الإشارة إلى أن الاهتمام على المستويات الوطنية بهذا الجزء من التراث الثقافي أصبح أكثر بروزا مع توجهات الاهتمام الدولي بهذه المفردة من خلال ما أقرته منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة في اتفاقية دولية تعنى بالحفاظ على التراث الثقافي المغمور بالمياه عام 2001م، حيث بلغ عدد الدول التي صادقت عليها 46 دولة؛ حيث ترسم هذه الاتفاقية الخطوط العريضة لالتزامات ومسؤوليات الدول لحماية التراث المغمور في مياهها الإقليمية ومنع صيادي الكنوز من العبث فيه وسرقته”.
لمحة عامة
وقدمت لوسي بلو لمحة عامة عن أهداف برنامج الحلقة، مؤكدة أن أهم ما تتوق إليه هو الحوار فيها، معددة الأهداف وهي: التعاون وفتح جسور الشراكة بين مختلف المؤسسات الرسمية والخاصة في الحفاظ على التراث الثقافي الوطني المغمور بالمياه، تفعيل التعاون في مجال البحوث العلمية الذي يشكل أرضية خصبة لإظهار هذا التراث الثقافي، والخروج بآلية مشتركة لمراقبة الممارسات التي قد تؤثر سلبا على مفردات التراث الثقافي المغمور بالمياه.
وقد أكدت لوسي بلو، على أنه يجب على جميع المشاركين أن يهتموا بأفضل الممارسات بهذا التراث وكيفية الحفاظ على الموارد التراثية.
جهود
كما قدم أيوب البوسعيدي عرضا عاما عن الجهود المبذولة لصون التراث الثقافي المغمور بالمياه في السلطنة، بدأ بتعريف التراث الثقافي المغمور بالمياه، مبينا أنه جميع آثار الوجود الإنساني التي تتسم بطابع ثقافي أو أثري، والتي ظلت مغمورة بالمياه جزئيا أو كليا لمدة مائة عام، مقدما أنواع وأشكال التراث الثقافي المغمور بالمياه من مواقع وهياكل ومبان، معرجا على أهمية الآثار المغمورة بالمياه، من حيث دراستها ومعرفة ونشر المكتشفات من الحضارات الإنسانية القديمة والعناية والاهتمام بها، فهي مصدر جذب سياحي، موضحا بعد ذلك تجربة السلطنة في مجال الآثار المغمورة بالمياه، حيث تقوم وزارة التراث والثقافة بإعداد برنامج تم تأسيسه وفقا للممارسات الدولية، لكون السلطنة رائدة في هذا المجال إقليميا.
جلسات ومحاور
قدمت خلال حلقة “التراث الوطني الثقافي المغمور بالمياه” ثلاث جلسات، دارت حول ثلاثة محاور، المحور الأول حمل عنوان (ما هو علم الآثار البحرية، وعلم التراث تحت الماء، والتراث الساحلي) و(علم الآثار البحرية في شبه الجزيرة العربية) و(التراث الثقافي البحري في عمان .. نظرة عامة على الأعمال السابقة .. والسياق البيئي .. ومستوى سطح البحر والتغير في المناظر الطبيعية .. والمحافظة والتشريعات والإمكانات) بعدها بدأت المناقشة حول محاور الجلسة الأولى.
ودارت الجلسة الثانية حول ثلاثة محاور أيضا وهي (الممارسة الأثرية البحرية، إيجاد المواقع، الإمكانات) و(المخاطر التي يواجهها التراث الثقافي المغمور بالمياه) و(إدارة التراث الثقافي المغمور بالمياه)، ثم بدأت بعدها مناقشة حول محاور الجلسة الثانية. ودارت الجلسة الثالثة حول (مشروع الحلانيات)، واختتمت الجلسة بمناقشة عامة حولها.
مشاريع
الجدير بالذكر أن وزارة التراث والثقافة عملت على تأسيس وحدة خاصة لبرنامج الآثار المغمورة بالمياه منذ 2009م، ونفذت عدة مشاريع من أهمها: التعاون مع جمهورية الصين الشعبية بالمسح والبحث عن أسطول زنج هي المرحلة الثانية، والتعاون مع المملكة الهولندية بالبحث والتنقيب عن سفينة امستلفين وإنتاج فيلم وثائقي عن حادثة غرق السفينة عام 1763م، وكذلك التعاون مع مؤسسة بلووتر في جزر الحلانيات في موسمين، الموسم الأول عام 2013م، والموسم الثاني عام 2014م، حيث جاءت النتائج مبشرة من خلال العثور على مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية المختلفة وصل عددها 1911، والتي ترجع لأسطول فسنتي سودري الغارقة عام 1503م.