مسقط – العمانية |
احتفلت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية اليوم بتكريم الدفعة الثانية من رواة التاريخ الشفوي تحت رعاية الشيخ سعود بن سليمان بن حمير النبهاني مستشار الدولة، وبحضور الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية وعدد من المعنيين والمكرمين بفندق جراند هرمز بمرتفعات المطار.
وقال الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في كلمة له إن رواة التاريخ المروي يقدمون جوانب مهمة في تاريخ عمان التليد فكان البعض صناعًا للأحداث وشهودًا عليها أو فاعلين في وقائعها ومتابعين لمراحلها أو صلتهم المباشرة أو غير المباشرة بالأمور التي أسهمت في تغير مجرى الأحداث.
وأضاف أن هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية حرصت على أن يكون لذاكرة الرواة مكان في محفوظات الوطن وسجلاته وأن تحظى سيرهم أو أفعالهم النبيلة وخصالهم الحميدة ومشاركاتهم ومساهماتهم الوطنية الجليلة في إيلاء الاهتمام بالدراسة والبحث لغرض تعزيز الذاكرة الوطنية بمصادر متعددة من الوثائق والمخطوطات والصور والخرائط ومختلف الوسائط التي أكدت لنا عظمة عمان والعمانيين وإسهامهم في الحضارة الإنسانية.
وأكد على إيمان الهيئة بما للذاكرة الشفوية من قيمة وثائقية تسجل ذاكرة الإنسان العماني الذي يمتلك معارف فكرية وعلمية وتجارب عملية ومسؤوليات اجتماعية ووظيفية خدموا الوطن في مواقع متعددة وتركوا أثرا طيبا وأعمالا مشهودة وأفعالا محمودة وسيرا مذكورة اتسعت تلك المعارف بسعة الأفق وبصدق الكلمة وأمانة تسجيلها وتدوينها لتكون حاضرة وشاهدة وباقية لجيل الحاضر والمستقبل ليستفيدوا من المادة التاريخية الشفوية في إجراء الدراسات والبحوث العلمية الأمر الذي جعل الهيئة تمضي قدما من أجل الوصول إلى توثيق ذاكرة العديد من الشخصيات العمانية وغير العمانية ممن أسهموا بخدمات جليلة في خدمة السلطنة في مختلف مجالات الحياة.
من جانبه قال الشيخ أحمد بن سويدان البلوشي في كلمته نيابة عن الرواة إن التاريخ إذا لم تخطه أخبار الحفظ والتوثيق يضمحل ويؤول إلى الضياع والنسيان، مؤكدًا أن لولا رسومات الإنسان الأول على جدران الكهوف والصخور ثم الجدران، لما وصلت إلينا تفاصيل الحياة التي مروا بها عبر العصور.
وأضاف : كم هي سعادتنا جميعا بالغة عندما وصلتنا الدعوات لنخط بألسنتنا تلك التفاصيل المخزونة في الذاكرة التي رجونا أن تبقى ونوصلها لأجيال عُمان والعالم أجمع، فحملت هيئة الوثائق والمحفوظات هذه الأمانة من على رقابنا وترجمتها توثيقا مخلدا عبر الزمان.
ويأتي هذا التكريم إدراكا من الهيئة بالاهتمام بما خلفه الاَباء والأجداد من حضارة وإرث تاريخي عظيم ترتكز عليه النهضة، وأن الأمة التي تبغي مجدًا عليها أن تبث في الأفراد الروح والعزيمة، وأن تبعث فيهم الشعور بالعزة، وذلك بالاهتمام بماضيها وربطه بحاضرها المشرق، وتعريف الناشئة بجهود أسلافهم ومآثرهم المختلفة، ومالهم من أثر في رقي وازدهار البلاد، كما يهدف التكريم للوقوف على أهمية التاريخ المروي والاحتفاء برواة التاريخ الشفوي الذين سجلوا روايتهم الشفوية عبر المقابلات الشخصية التي أجراها فريق عمل المشروع بهيئة الوثائق لعدد من أصحاب الفكر والتجربة والمحفوظات الوطنية.
واشتمل برنامج الحفل على فيلم الرواة الذي عرض بثلاثة أجزاء قصيرة تحدثت عن التاريخ الشفوي والكادر الفني الذي تزخر به الهيئة في هذا المجال وعن العمل الدؤوب الذي يقوم به الفريق وطريقة العمل في هذا الجانب والإنجازات التي حققها وبعض المقابلات التي أجراها لبعض المسؤولين في الهيئة ودورها في اقتناء وتوفير أفضل الأجهزة المختصة في سبيل إنجاح العمل وإخراجه بالطريقة المثالية ومجموعة من المقاطع للمكرمين أثناء تسجيلهم لبعض الحلقات في الفترة الماضية في لحظة زمنية تعود بالرواة إلى الماضي الجميل إضافة إلى فيلم آخر بعنوان “التاريخ الشفوي”.
وفي نهاية الحفل قام راعي المناسبة بتكريم رواة التاريخ الشفوي والجهات الإعلامية، وفريق العمل في المشروع، كما تم تقديم هدية تذكارية لراعي الحفل.
جدير بالذكر أن مشروع التاريخ الشفوي “المروي” الذي تعمل عليه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية انطلق مع بداية سنة 2012م، وذلك سعيا منها في توثيق وحفظ التاريخ الشفوي الذي يمثل جزءا من الذاكرة الوطنية إلى جانب الوثيقة المكتوبة، حيث تم تشكيل فريق عمل متخصص ومدرب في مجال التاريخ الشفوي ومجهز بكل الأدوات الفنية والتقنية التي يحتاجها العمل.
وباشر فريق العمل لإنجاز المهمة الجديرة بالاهتمام الموكلة إليه لحفظ جانب من الإرث والمخزون العلمي والثقافي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والفكري والأدبي الذي تختزنه الذاكرة البشرية وهي عرضة للفقدان للعديد من المسببات أهمها الوفاة أو المرض أو التقدم في السن وما يصاحبه من ضعف الذاكرة، والتي يحتفظ بها العديد من أبناء هذا الوطن ممن كان لهم دور مهم في الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والعسكرية وغيرها، أو من الذين عاصروا التطور الذي تعيشه البلاد تحت ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد “حفظه الله ورعاه”.
ويأتي اهتمام الهيئة بهذا المشروع إيمانا منها بأهمية توثيق تاريخ عُمان التليد من خلال حفظ الرواية الشفوية، والذي يمثل مشروع التاريخ الشفوي “المروي” إضافة جديدة ومركز إشعاع مهم للمعرفة البحثية، ويعد من الركائز الأساسية في توجه الهيئة لتكوين بيئة داعمة للبحث العلمي وقادرة على الإسهام الفاعل في حفظ ذاكرة الوطن، ولضمان بقائها كرصيد تاريخي حي للبلاد، من خلال إجراء المقابلات التوثيقية مع صناع الحدث أو المشاركين فيه أو مع أصحاب الفكرة والتجربة اليومية.