ميبام.. جمالٌ أخّاذ مخفي بين الجبال

مكان يَعدُ الزائر بتجربة تتماهى فيها مغامرة دخول الوادي والوصول لشلالاته مع رحلة الاستكشاف 

لمع نجم وادي ميبام بين محبي المغامرات لما يحظى به من برك مائية عميقة فضلا عن المناظر الطبيعية البديعة

 رصد – وجهات |

 عليك أن تواصل الصعود؛ فهناك دهشة أروع بانتظارك، هكذا ستخاطبك نفسك وأنت تتأمل شلالا بديعا ينساب في مياه الوادي الزمردية، لكن ستقرر تجاوزه نحو أُعجوبة أخرى تليه، فالمكان مليء بأسرار جمالٍ حدثك عنها من سبقك بزيارته، وروتها لك مراجعات صفحات الإنترنت، إلا أنك حين تصل إليه لا تفتأ تقول لنفسك بأن الواقع يحمل من الحُسن أضعاف ما ظننت؛ فمن رأى ليس كـمن سمع، وهو مكانٌ اجتمعت فيه جماليات الطبيعة مع عمق التاريخ ما جعل الأنظار تتوجه إليها لتبنيه كمشروع قرية مستدامة للحفاظ على خصوصيته وإبراز إمكاناته. 

اليوم يأخذنا العدد العاشر من النشرة الفصلية لجهاز الاستثمار العماني (إنجاز وإيجاز) لنتجول في ميبام، إحدى قُرى نيابة طيوي التابعة لولاية صور، وهو مكان يَعدُ الزائر بتجربة تتماهى فيها مغامرة دخول الوادي والوصول لشلالاته مع رحلة استكشاف منظومة حضارية فريدة لقرية زراعية غرسها أهلها في عمق الجبل منذ آلاف السنين، فتأصل جذرها وقويَ عودها، وامتدت أغصانها لتغدو جنة تسر الناظرين. 

يمكن الوصول إلى نيابة طيوي عبر الطريق الممتد من قريات إلى صور، أو من خلال الطريق الممتد من شمال الشرقية عبر صور ثم الانعطاف إلى وادي طيوي. يبدأ الطريق المعبد من تحت الجسر محاذيًا المياه والبساتين وكأنك تشق دربك وسط لوحة فنية، ثم يعبر الطريق بين أزقة صغيرة موزعة بين البساتين في صعود ونزول لتشكل مجتمعا ذا خصائص مميزة يشعر فيه الإنسان بالأمان والطمأنينة في ظل نمط عمراني داعم لوشائج العلاقات الاجتماعية، من دون أن يغفل مساحات الإبداع والخصوصية، وقد دأب الإنسان العماني على شق الصعاب وتسخير الجغرافيا لبناء الحضارة. 

لمع نجم وادي ميبام بين محبي المغامرات لما يحظى به من برك مائية عميقة فضلا عن المناظر الطبيعية البديعة، حيث تبعد ميبام مسافة 11 كم عن ساحل نيابة طيوي، ويتطلب الوصول إليها سيارات دفع رباعي لتيسير صعوبات الصعود والانحدارات في الطريق المؤدي إليها. وعند الوصول إلى القرية، يمكن للزائر أن يحظى بمشاهدة الإطلالات الساحرة للوادي وشلالاته والمشي بين البساتين في مسارات مخصصة ومزودة بدرج ييسر على الزائر النزول إلى شلالات الوادي. هنا يمكن قضاء وقت ماتع في ممارسة السباحة والغوص والتقاط الصور والاستمتاع بالمناظر الخلابة. 

يعثر محبو الآثار على مبتغاهم باستكشاف نظم معمارية قديمة مُتقنة في ميبام، بدءا بالقلعة في قمة الجبل ومرورا بنمط البناء الصاعد من أسفل إلى أعلى في هندسة فريدة مارسها أهل القرية منذ القدم، ويتم فيها بناء جدار من الحصى (الحجارة) وبالتالي كبسه بالتراب لصنع تشكيل معماري أشبه بالمدرجات، حيث كانت تُهيأ بعض هذه المدرجات للزراعة، وتُبنى البيوت فوق بعضا الآخر، بينما يخصص عدد منها للاستخدام كمجالس للمناسبات العامة، وتفنن أهلها في شق الأفلاج التي ما تزال تجري حتى اليوم أبرزها فلج (المتمرد) الذي يبدو أن اسمه أتى من تمرده على حالة الجو! فهو ذو مياه باردة في الصيف ودافئة في الشتاء.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*