المشاركة وتمثيل عُمان في المحافل الدولية والإقليمية والتعاون بين الجهات
الممتلكات الثقافية هوية وطنية والاتجار غير المشروع يسلب الأمم موروثها ويطمس الحقائق والمعلومات التاريخية
اقتناء التحف والآثار عن طريق الشراء والبيع واثبات بالمستندات الاصلية ومصدر القطعة
مسقط – وجهات|
تنظم وزارة التراث والسياحة برامج وحلقات عمل لمكافحة الإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية والتنقيبات غير المشروعة شراء أو بيع أو تهريب للممتلكات الثقافية بشكل غير قانوني. والممارسات غير القانونية كالحفريات غير المرخصة والسرقة وإنتاج القطع المزيفة مطابقة للأصل، وذلك انطلاقا من المسؤولية التي تضطلع بها الوزارة في صون وحماية الممتلكات الثقافية في سلطنة عمان، خاصة وأن الاتجار غير المشروع يطمس الحقائق والمعلومات التاريخية للبشرية.
وتعمل الوزارة جنباً إلى جنب مع الجهات الأخرى ذات العلاقة على التوعية وبناء القدرات عبر تنفيذ ورش ومحاضرات بالتنسيق مع شرطة عُمان السلطانية وتطبيق قانون التراث الثقافي العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم(35/2019) والذي يلزم كل مواطن ومقيم على هذه الأرض يمتلك مقتنيات أثرية وثقافية أن يبادر في تسجيلها في سجل التراث الثقافي العماني، حيث يتم تصنيف المقتنى وفق القانون ويتم تحديد قيمته واهمتيه ضمن المميزات، ويحدد السجل اشتراطات لعملية الانتقال والامتلاك وخروج المقتنى أو دخوله إلى أراضي سلطنة عمان وفق نماذج محددة يجب استيفائها، وذلك بهدف حماية التراث الوطني وفي حال تعرض المقتنى – لا قدر الله – لأي حادث مثل الحرائق أو السرقات أو التلف يكون سجل التراث الثقافي في الوزارة هي الحافظة والذاكرة الوطنية لهذه المقتنيات، حيث يتم توثيق المقتنى بشكلٍ شامل من حيث المواصفات وجميع البيانات المتعلقة به.
كما تقوم الوزارة بالتنسيق مع المنظمات الدولية و الإقليمية في كل ما يتعلق بمكافحة الإتجار بطريقة غير مشروعة، وفي حال وصول بيانات أو معلومات تفيد بأن مقتنى خرج أو دخل إلى أراضي سلطنة عُمان بشكلٍ غير قانوني فإن الوزارة تقوم باتّخاذ الإجراءات اللازمة في هذا السياق. كما أن هناك تنسيق بين شرطة عمان السلطانية ممثلة في الإدارة العامة للجمارك والوزارة، بأن لا يتم اخراج القطع التراثية والاثرية إلا بوجود تصريح تصدير من وزارة التراث والسياحة بعد معاينة القطع وإفادة الملاك بضرورة الحصول على التصاريح اللازمة من الوزارة، وفي هذا الصدد قامت الإدارة العامة للجمارك بوقف خروج القطع الأثرية من مطار مسقط الدولي.
الأحداث
في عام 2017 تم مصادرة عدد من القطع الأثرية المهربة من اليمن من قبل إدارة الجمارك بقيادة شرطة عمان السلطانية بمحافظة ظفار من خلال منفذ المزيونة الواقع عند الحدود المشتركة مع الجمهورية اليمنية الشقيقة، وتم إدانة المتهم واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.
في عام 2015م تم مصادرة عدد من القطع الأثرية المهربة من قبل إدارة الجمارك بقيادة شرطة عمان السلطانية بمحافظة مسندم، وتم إدانة المتهم واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.
وقالت رحمة بنت سعيد بن زايد الزوايدية رئيسة قسم سجل التراث الثقافي ومكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية إن جهود وزارة التراث والسياحة يتضمن استحداث قسم سجل التراث الثقافي ومكافحة الاتجار غير المشروع والذي أستحدث في عام 2019م، وهو معني باتخاذ التدابير الاحترازية، والتعاون والتنسيق بين الجهات ذات العلاقة وتنسيق وتعزيز التواصل مع الجهات المختصة كشرطة عمان السلطانية ممثلا في الإدارة العامة للجمارك، ورصد المخاطر المتعلقة بصون الممتلكات الثقافية والتأكيد على إدارة المخاطر ، والتأكد من وضع اللوائح التحذيرية في مختلف المواقع الأثرية بسلطنة عمان.
قوانين حماية
وبينت أن الوزارة قامت بإدراج قوانين حماية الممتلكات الثقافية في قانون التراث الثقافي رقم (35/ 2019). كما بينت أن الوزارة تحفز المواطنين على تسليم المقتنيات الأثرية التي يعثرون صدفة عليها للوزارة، مضيفة أن الوزارة تقوم ايضا بوضع الإجراءات التي تكفل التصدي لظاهرة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية وتقوم الوزارة أيضاً بمعاينة المقتنيات الأثرية والتراثية، وإصدار تصريح بخروجها بعد المعاينة وإصدار التنبيهات في حالة وجود ممارسات غير قانونية تمس الممتلكات الثقافية. وأوضحت رحمة الزوايدي أن ظاهرة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية تعد ظاهرة دولية تتطلب التعاون والتكاتف وتبادل الخبرات الذي يسهم بشكل كبير للحد من هذه الظاهرة التي تتم عبر سلسلة من الأشخاص والجهات والبلدان، وتبدأ هذه السلسلة من دولة المنشأ مصدر القطعة الغير قانونية والتي تكون من ضمن البلدان الغنية بالآثار والتراث الحضاري لتنتقل القطعة عبر النقل والتهريب ومحاولة إضفاء الشرعية عليها فيما يعرف ببلد العبور ثم تنتهي القطع في الأسواق والمزادات.
وقالت إن خطورة هذه الجريمة تكمن في أن الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية يسلب الأمم والشعوب موروثها الثقافي لما تمثله هذه الممتلكات الثقافية من طرق وأسلوب حياة لتلك المجتمعات في الأزمان الماضية وانتقالها من جيل إلى آخر، فالممتلكات الثقافية تعتبر هوية وطنية وموروثا وثقافة للبلدان، والاتجار غير المشروع بها يطمس الحقائق والمعلومات التاريخية للبشرية الذي يؤدي إلى عدم استدامة التراث الثقافي المادي مما يحرم الأجيال القادمة من هذا الموروث. فالشعوب تستمد هويتها من تراثها الحضاري المتراكم على مر التاريخ والحقب الزمنية وما يتضمن هذا الإرث من منجزات، ويمثل التراث الثقافي مصدر اعتزاز للشعوب ويعظم الشعور الوطني لدى الفرد، وهذا ما أولته رؤية عمان 2040 في محور الإنسان والمجتمع والذي تمثل في أولوية المواطنة والهوية والتراث والثقافة الوطنية لمجتمع معتز بهويته وثقافته وملتزم بوطنيه.
وقالت إن الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية يتم عبر الحصول على الممتلكات الثقافية من خلال سرقة الآثار أو التنقيب غير المشروع للمواقع أو تزوير المقتنيات والاتجار بها أما اقتناء التحف والآثار فيكون عن طريق الشراء والبيع واثبات ذلك بالمستندات الاصلية ومصدر القطعة وإثبات عملية البيع والشراء، ولذلك من الضرورة تحري مصدر القطعة.
مكون رئيسي
من جانبها، قالت الدكتورة أحلام بنت حمود الجهورية الكاتبة والباحثة في التاريخ وعضو مجلس إدارة الجمعية التاريخية العُمانية: إن سلطنة عُمان أسهمت بنصيب وافر في بناء الحضارة الإنسانية على مرَ العصور، وكان للإنسان العُماني حضورًا حضاريًا لافتًا محليًا وعالميًا، وسجلَ بصمته الواضحة مؤثرًا في بيئته، ومتأثرًا بمحيطه الذي يتفاعل معه، ونتج عن هذا التأثير والتأثر الكثير من الآثار المتوزعة على الرقعة الجغرافية الكبيرة والممتدة لعُمان التاريخية. وبالتالي فإن التاريخ والتراث مكون رئيسي في الهُوية الوطنية لسلطنة عُمان، ومع وجود الإطار القانوني المنظم لحماية الآثار لابد من وجود إطار منظم أيضاً لنشر الوعي، فالاتجار غير المشروع بالآثار والممتلكات الثقافية جريمة تؤثر على المجتمع حالها حال كل الجرائم الأخرى، والوعي هو أهم ما يعول عليه في التصدي للاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية وحماية التراث الثقافي.
وأضافت أن القضية أكبر من مجرد كونها جريمة مادية لها تبعاتها وأبعادها المختلفة؛ بل هي جريمة تمس هُوية الشعوب والمجتمعات لأن ذلك التراث هو الذاكرة الجمعية للمجتمعات، وهو سجل لإنجازات وتفاعلات الإنسان مع بيئته ومجتمعه، والأمر كذلك أكبر من النظر إليه كونه ماضٍ للشعوب بل هو حالياً أداة من أدوات الاقتصاد إذا ما تم النظر إليه كرافد للاقتصاد الوطني، فالسياحة التاريخية قائمة على ذلك التراث.
ومن جانب آخر، يعد التراث الثقافي للدول أداة من أدوات القوة الناعمة ويعوّل عليه الكثير لتحقيق مختلف المنافع الاقتصادية إذا ما تم توظيفه في صناعات اقتصادية نوعية من شأنها أن ترفع المستوى المعيشي للأفراد والمجتمعات.
جشع
كما قال المحامي خميس بن راشد العبري ـ عضو جمعية المحامين إن غياب الوعي والجشع وضعف الانتماء أبرز الأسباب التي ساهمت في تزايد ظاهرة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، كما أن الإغراءات التي تقدمها الدول المستوردة لهذه الممتلكات تمثل أحد أهم هذه الأسباب لأنها تقوم بتحفيز العصابات على توسيع أعمالها ونشاطاتها وتطوير أساليبها وأدواتها لما تمثله من مصدر دخل سريع.
وبين أن الاتجار بالتراث المادي وغير المادي ظاهرة خطيرة جدا، فقانون التراث وقانون الجزاء العماني اثم هذه الممارسات الخطيرة. وأضاف أن المجتمع يطالب الجهات ذات الاختصاص بحماية هذه الكنوز العظيمة، حيث أن سلطنة عمان منذ سنوات طويلة في عام 1980 وهي تحارب هذه الظاهرة التي تأتي في المرتبة الثانية عالميا بعد تجارة المخدرات من حيث حجم الجريمة، وبالتالي تشكل لمن يمارسها دخلا كبيرا.
وقال إنه نظرا إلى أن سلطنة عمان من ضمن الدول التي تمتلك كنوزا عظيمة من تراث وآثار وغيرها من الكنوز الاخرى فهي بحاجة إلى تعاون الجهات ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد لحماية هذه الكنوز. وأشار إلى أن عقوبات هذه الجريمة تصل للسجن لمدة سنة كاملة وغرامة تصل إلى 50 ألف ريال عماني في حالة التعدي على التراث الثقافي.
عقوبات
ونص القانون على عقوبة لكل من يضبط في حيازته تراث ثقافي بطريقة غير مشروعة تصل للسجن لمدة لا تقل عن شهر واحد، ولا تزيد على (3) ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ريال عماني، ولا تزيد على عشرة آلاف ريال عماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين كما ورد في المادة (74) من المرسوم السلطاني رقم 35/2019.
وأوضحت المادة (75) في فصل العقوبات بأنه يعاقب كل من يمتنع عن تنفيذ قرار نهائي بنزع ملكية التراث الثقافي المنقول أو قرار الاستيلاء المؤقت عليه أو يتسبب في تعطيل تنفيذه بالمخالفة لأحكام هذا القانون بالسجن لمدة لا تقل عن (3) ثلاثة أشهر ، ولا تزيد على سنة واحدة ، وبغرامة لا تقل عن (1000) ألف ريال عماني ، ولا تزيد على (5000) خمسة آلاف ريال عماني ، أو بإحدى هاتين العقوبتين.