المتحف الوطني يدشن معرض وفعاليات “يوم عُمان” بمتحف الفنون الجميلة في ليون بفرنسا


ليون – وجهات |

 تجسيدا للروابط التاريخية بين سلطنة عُمان والجمهورية الفرنسية، دشن المتحف الوطني وبالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب يوم الخميس الماضي، معرض وفعاليات يوم عُمان تحت عنوان ” رحلة إلى أرض اللبان” بمتحف الفنون الجميلة في مدينة ليون بالجمهورية الفرنسية، تحت رعاية غريغوري دوسيه، عمدة مدينة ليون، وبحضور ناتالي بيرين جيلبير، نائبة عمدة مدينة ليون للثقافة، وسيلفي راموند، مديرة متحف الفنون الجميلة في ليون، وبمشاركة جمال بن حسن الموسوي، الأمين العام للمتحف الوطني، وعدد من المحافظين والسفراء، والمسؤولين المهتمين بالشأن الثقافي والمتحفي.  تخلل حفل التدشين عرض موسيقي أحياه الفنان العُماني مسلّم بن أحمد الكثيري (الحاصل على جائزة خاصة في جائزة الأغا خان للموسيقى 2022م لتميزه في خدمة التراث الموسيقي العُماني)، وذلك برفقة فرقة البلد الموسيقية. شراكة 

وقال جمال بن حسن الموسوي، الأمين العام للمتحف الوطني: نتشرف بالتعاون مع متحف الفنون الجميلة في ليون، أحد المتاحف الرئيسية في الجمهورية الفرنسية، والذي يستضيف معرض وفعاليات “يوم عُمان”، وذلك بعد النجاح الذي حققه معرض “دروب عطرة” في مسقط، وتحديدا في قصر “بيت جريزة” التابع إداريا للمتحف الوطني، ويُعد المعرض أول معرض متحفي من سلطنة عُمان يتم استضافته في الجمهورية الفرنسية منذ سنوات عديدة، والأول على الإطلاق خارج باريس. وأضاف: تأتي الشراكة مع متحف الفنون الجميلة في ليون في إطار الدبلوماسية الثقافية التي ينتهجها المتحف الوطني، والتي تهدف إلى تقوية أواصر الصداقة والتعريف بالتراث الثقافي العُماني من خلال عدد من اللُقى الأثرية المنتقاة والتي تعكس هذه الخصائص التاريخية والجمالية والأخلاقية المتميزة من حضارة ماجان، وحضارة أرض اللبان، وعصر الإسلام، وتشكيل الإمبراطوريات العُمانية في فترة حكم اليعاربة والبوسعيد. 

مبادرة 

من جانبها، قالت سيلفي ريموند، مديرة متحف الفنون الجميلة في ليون بالجمهورية الفرنسية: إن المساهمة في نشر الثقافات وتعزيز الشراكة عبر الحدود من أبرز تحديات المتاحف في القرن الحادي والعشرين، ونشأ هذا المشروع الفرنسي العُماني الطموح الذي يتجاوز حدود الزمان والمكان عبر مبادرة دبلوماسية فرنسية وتعاون مثمر مع جمال بن حسن الموسوي، الأمين العام للمتحف الوطني وفريق العمل بالمتحف الوطني في سلطنة عُمان، حيث عرض متحف الفنون الجميلة في ليون، مجموعة من المقتنيات التي تعود إلى العصور القديمة انتهاءً  بالقرن العشرين تسلط الضوء على طريق العطور في معرض بعنوان “دروب عطرة” داخل أروقة بيت جريزة الرائع، وذلك تم تدشينه في أكتوبر 2022م.
 وأضافت: إنه لشرف عظيم أن نستضيف في مدينة ليون معرض “رحلة إلى أرض اللبان” الذي يضم مجموعة بارزة من مقتنيات المتحف الوطني في سلطنة عُمان، والتي تم انتقائها بعناية عبر فريق من المتحفين، والتي تدعو الزائر للغوص في أعماق الترا ث والثقافة العُمانية الغنية من العصور القديمة وحتى يومنا هذا. 

وأشارت إلى ان هذا التبادل لمقتنياتنا المتحفية، والمبني على أسس التبادل العلمي والثقافي الغني، يتيح لنا الفرصة لنقدم لزوارنا تجربة جديدة من مشاريع التعاون المثمرة، كما كان من المهم عرض المقتنيات العمُانية في سياق يحوي مشاهد واقعية من سلطنة عُمان، لذلك استدعينا المصور الفوتوغرافي فيرانتي فيرانتي الذي سينقلنا بعدسته لأرض اللبان.
25 مقتنى

ويزخر المعرض الذي سيستمر حتى 10 سبتمبر 2023م بـ (25) مقتنىً يسلط الضوء على الجمال وثقافة الطيب والمعتقد وطلب العلم والتجارة، ويضيء ملامحاً مرئية تجسد تاريخ سلطنة عُمان، وأمتها العريقة، بماضيها وحاضرها، ويعرضُ أنماطاً مختلفة من أشكال الحياة في البلد الأصيل، ذو السمات الثقافية التي يشتهر بها، وتتجلى في صورٍ متعددة فائقة الجمال، وله عبقٌ فواح يتضوع من ثقافة الطيب التي انفرد بها، وأصالته ورسوخ معتقداته. كما يسلط المعرض الضوء على المسالك التجارية لسلطنة عُمان، براً وبحراً، حيث كانت التجارة قلماً يرسم معالم التبادل بين الأمم، ويخط سُبل التواصل بين عُمان، وبلاد ما بين النهرين، ووادي السند، ومصر القديمة، وشرق أفريقيا، والإمبراطورية الرومانية.   

 قطع أثرية 

ومن أبرز القطع الأثرية المعروضة لوح منقوش بخط المسند العربي الجنوبي (باللغة الحضرمية) من مدينة سمهرم بمحافظة ظفار يعود لحوالي القرن الأول قبل الميلاد (العصر الحديدي)، بالإضافة إلى عقد يعود للعصر البرونزي الأوسط (2700 – 2000 ق.م.) من منطقة بات في محافظة الظاهرة، حيث تشكل مواقع بات، والخطم، والعين، المدرجة في قائمة التراث العالمي لمنظمة (اليونسكو)، إحدى أكثر مستوطنات الألفية الثالثة قبل الميلاد تكاملا على مستوى العالم، كما يضم المعرض مبخرة بنقوش حيوانية وسماوية من موقع خور روري في سمهرم بمحافظة ظفار تعود للعصر الحديدي، بالإضافة إلى تمثال أفعى يعود لفترة العصر الحديدي (1.300ق.م.–300م) من سيح القاع بولاية الحمراء في محافظة الداخلية، حيث كشفت التنقيبات الأثرية عن مقتنيات عديدة لطائفة تقدس الثعابين في سلوت وقد اندثرت هذه الطوائف كغيرها من الطوائف الدينية القديمة مع انتشار الأديان التوحيدية، وبزوغ فجر الإسلام في الجزيرة العربية.

 مقتنيات

كما يضم المعرض مقتنيات من موقع مدينة قلهات الأثرية المدرج بقائمة التراث العالمي لمنظمة (اليونسكو) تمثل بقايا عناصر زخرفية (بلاط) لجامع قلهات يعود للفترة ما بين القرنين ١٤−١٥م، حيث كانت مدينة قلهات الأثرية، والمعروفة بكونها المدينة التوأم لهرمز؛ وهي الميناء الرئيسي في شمال عُمان، ما بين القرنين (7–9هـ/13–15م)، وكان جامع المدينة هو الصرح المعماري الأكثر شهرة من بين أبنيتها، ويضم المعرض كنز سناو المتمثل في جرة وقطع نقدية تعود للفترة 710–717م حيث يُعد أكبر كنز عملات عُثر عليه في عُمان حتى تاريخه، حيث تم العثور عليه داخل إناء فخاري في (شوال 1399هـ/سبتمبر 1979م) في نيابة سناو بولاية المضيبي بمحافظة شمال الشرقية، ويؤرخ الإناء للفترة الساسانية الإسلامية، ويتميز بالتزجيج الأزرق الفيروزي وبمقابض بكلا الجانبين، وبداخله (962) قطعة من الدراهم الفضية، تؤرخ للعهود الساسانية والإسلامية المبكرة. 
ومخطوط (النونية الكبرى) للملاح العُماني أحمد بن ماجد السعدي يعود للفترة 1157هـ/1744م، حيث لعب الملاحون العُمانيون دورا مهما في تطوير أدب الملاحة التقليدية في المحيط الهندي. أشهرهم البحار العُماني أحمد بن ماجد السعدي، الذي كان ماهرا بشكل خاص في قياسات ارتفاع النجوم، وقدم أكثر من 73 مجموعة نجمية لتحديد خط العرض، كما يضم المعرض أرجوزة (في تشريح العين) للمؤلف راشد بن عميرة بن ثاني الهاشمي العيني الرستاقي (عاش في القرنين 9 – 10 هـ / 16 – 15 م، يعود للفترة 6 نوفمبر 1887 (دولة البوسعيد). وكذلك محبرة مزينة بنقوش نباتيه وكتابات عربية، تنسب للسلطان تركي بن سعيد تعود للنصف الثاني من القرن 19م (دولة البوسعيد)،  مخزن بارود (تلاحيق) حيث صمم قرن البارود لتعبئة فوهة بندقية (أبوفتيلة) بالبارود يعود لعام 1796م (دولة البوسعيد).

رسالة 

جدير بالذكر، أن المتحف الوطني يهدف إلى تحقيق رسالته التعليمية، والثقافية، والإنسانية، من خلال ترسيخ القيم العُمانية النبيلة، وتفعيل الانتماء، والارتقاء بالوعي العام لدى المواطن، والمقيم، والزائر، من أجل عُمان، وتاريخها، وتراثها، وثقافتها، ومن خلال تنمية قدراتهم الإبداعية، والفكرية، ولاسيما في مجالات الحفاظ على الشواهد، والمقتنيات، وإبراز الأبعاد الحضارية لعُمان؛ وذلك بتوظيف واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المتبعة في مجالات العلوم المتحفية.  

يشار إلى أن متحف الفنون الجميلة في ليون يقع في قلب ساحة “تيرو” في وسط مدينة ليون، في دير البيندكيتين الرائع الذي يعود إلى القرن الـ (17م) وأصبح الدير الآن موطنًا لحديقة منحوتات خلابة، ويتكون المتحف من خمسة أقسام و(70) صالة عرض تركز على أعمال فنية من جميع الحضارات الكبرى والمدارس الفنية، من العصور القديمة وحتى يومنا هذا.
ويقدم المتحف قصة سرد متحفية تمتد إلى نحو (5000) عام من تاريخ الفن بروائع للفنانين فيرونيز وروبنز ورمبرانت وبوسين ورينوار وغوغان وشاجال وماتيس وبيكاسو خلال السنوات المنصرمة. 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*