د. ناصر المعولي: المؤشرات الاقتصادية مكتسبات مرحلية مهمة وتنعكس إيجابيًّا على مسيرة التنمية
مسقط – العُمانية|
أكدت وزارة الاقتصاد على أن ما تعكسه المؤشرات المالية والاقتصادية للعام الماضي وخلال الربع الأول من العام الجاري يدل على قدرة الاقتصاد العُماني على تجاوز التحديات، وتهيئته بشكل أساس لانطلاقته وتنافسيته.
وقال الدكتور ناصر بن راشد المعولي وكيل وزارة الاقتصاد: إن المؤشرات الاقتصادية الحالية تعد مكتسبات مرحلية مهمة للاقتصاد العُماني، تنعكس إيجابيًّا على المسيرة التنموية الاقتصادية. مشيرا إلى أن المؤشرات تبرهن على كفاءة السياسات الحالية في اغتنام الفرص السريعة التي يتيحها المشهد الاقتصادي العالمي وتحولاته، وتوظيفها لخدمة تسريع التنمية الاقتصادية، والحفاظ على نسق الاستدامة المالية المتصاعدة، وتهيئة القطاعات الاقتصادية الرئيسية للوصول إلى مستويات المساهمة المستهدفة للخطة الخمسية العاشرة.
وبيّن في تصريح صحفي: أن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لعام 2022م سجّل ارتفاعا بنسبة 30.0 بالمائة، ليصل إلى 44 مليارًا و89 مليونًا و500 ألف ريال عُماني، محققًا معدل نمو بالأسعار الثابتة بنسبة 4.3 بالمائة خلال عام 2022م مقارنةً مع نمو نسبته 3.1 بالمائة في عام 2021م.
وذكر المعولي أن الاقتصاد العُماني حقق مكتسبا مرحليًّا بوصوله إلى نحو 44 مليار ريال عُماني خلال عام 2022م؛ ما يعد مؤشرا على قوة التعافي وبدء مرحلة الانطلاق إلى آفاق اقتصادية أوسع وأرحب، مؤكدا على أن هذا النمو جاء مدفوعا بنمو إنتاج النفط والغاز بمعدلات بلغت نسبتها 9.6 بالمائة و3.7 بالمائة على التوالي في عام 2022م، بالمقارنة مع عام 2021م، إضافة إلى استمرار المبادرات الحكومية الهادفة لتنشيط قطاعات الإنتاج وخاصة قطاعات التنويع الاقتصادي عوضًا عن تسريع العمل ببرامج الخطة الخمسية العاشرة (2021 – 2025)، والدور المحوري للبرامج الوطنية المسرعة لتنفيذ مستهدفات المرحلة، وخاصة في الجانب الاقتصادي.
كما أشار إلى الارتفاع المباشر في القيمة المضافة وخاصة للأنشطة غير النفطية بنسبة 1.6 بالمائة لتصل إلى 24.70 مليار ريال عُماني خلال عام 2022م، مبيّنًا أن هناك نموًّا ملحوظًا في نشاط الصناعات التحويلية بنسبة نحو 17 بالمائة، ونشاط النقل والتخزين الذي نما بنسبة 16.3 بالمائة، ونشاط التعدين بـ 10.5 بالمائة.
وأكد أنه بالرغم من ارتفاع معدلات بنحو 2.8 بالمائة خلال عام 2022م مقارنةً بقرابة 1.5 بالمائة خلال عام 2021م، إلا أنه لا يزال ضمن المعدلات المقبولة عالميًّا؛ إذ شهد العالم طفرات غير مسبوقة في مستوى الأسعار العالمية مدفوعة وخاصة السلع الغذائية الأساسية والزراعية، إضافة إلى الاختلالات في سلاسل التوريد العالمية، وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين والخدمات اللوجستية.
وفيما يتعلق بالفوائض المالية التي حققتها الميزانية العامة، وضّح أن الميزانية العامة للدولة حققت فائضًّا ماليًّا مقداره 1.18 مليار ريال عُماني في عام 2022م، وانتهجت سلطنة عُمان سياسات واضحة ومحددة لتوجيه الفائض المالي لأغراض رفع كفاءة الإدارة المالية، وتحقيق مستويات مرضية من الاستدامة المالية؛ عبر خفض الدين العام الذي انخفض إلى 43.0 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2022م.
وقال: إنه مع مطلع هذا العام استطاعت منظومة إدارة المحفظة الإقراضية وفقًا للنهج الذي تتبعه من اغتنام الفوائض المالية لتدارك مخاطر الدين بشكل أفضل، حيث انخفض بنحو 1.1 مليار ريال عُماني ليبلغ نحو 16.6 مليار ريال عُماني بنهاية الربع الأول من عام 2023م.
ويرى أن هناك نهجا مرحليًّا واضحا ومحددا لتوجيه الفوائض المالية، ويرتكز على عنصرين أساسيين: الأول يتمثل في دعم النمو الاقتصادي عبر بعض المبادرات التي أقرتها الحكومة في عام 2022م لتسريع بعض المشروعات التنموية، والثاني التقليل من عبء الدين والوصول به إلى نسب آمنة ومستقرة قياسًا بحجم وطبيعة الاقتصاد العُماني، مؤكدا على أهمية الموازنة بين توجيه الفوائض المالية المحققة في خفض مستويات الدين العام والتحفيز الاقتصادي من خلال زيادة الإنفاق على المشروعات الإنمائية ذات الأولوية.
وأكد أن المكتسب المرحلي الأهم هو في تحسّن التقييم الائتماني لسلطنة عُمان من قِبل مؤسسات التقييم الدولية الرئيسة، حيث رفعت وكالة فيتش تصنيفها من (BB-) في ديسمبر 2021م إلى (BB) مع نظرة مستقرة في أغسطس 2022م، في حين أبقت وكالة “موديز” على تصنيفها السابق في أكتوبر 2021م عند (Ba3) مع تعديل نظرتها المستقبلية إلى إيجابية بدلًا من مستقرة في أكتوبر 2022م، أما وكالة “ستاندرد آند بورز” فقد رفعت تصنيفها من (-BB) في أبريل 2022م إلى (BB) مع نظرة مستقبلية إيجابية في مارس 2023م.
ووضح أن هذا المكتسب مهم جدًّا لتهيئة المجال لتحقيق مستهدفات إطار الاقتصاد الكلي لخطة التنمية الخمسية العاشرة، سواء كان فيما يتصل بالاستثمار أو بجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى سلطنة عُمان، أو فيما يتعلق بخطط التمويل.
ولفت إلى أهمية ارتفاع فائض الميزان التجاري نتيجة نمو الصادرات السلعية، وارتفاع القيمة التراكمية للاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ لتصل نحو 18.14 مليار ريال عُماني حتى نهاية الربع الثالث من عام 2022م.
وتوقّع وكيل وزارة الاقتصاد أن المؤشرات الحالية والتوقعات تعكس حالة إيجابية، وما يتم التركيز عليه هو إبقاء التضخم عند الحدود الآمنة، وتحديدًا فيما يترواح مع 2 بالمائة خلال العام الجاري، ومع استقرار أسعار النفط العالمية عند حدود التوقعات المرسومة محليًّا؛ فإنه من المؤمل استمرار تحسن أوضاع المالية من خلال زيادة الإيرادات وخاصة النفطية منها، وبالتالي زيادة فائض الميزانية العامة، فيما توقّع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد العُماني بنسبة 4.1 بالمائة في عام 2023م.