قرية “وادي المُر”.. طمرتها الرمال وبقيت في ذاكرة قاطنيها

صور – العمانية|

المتابع لأحوال قرية “وادي المُر” بولاية جعلان بني بوعلي بمحافظة جنوب الشرقية، سيجد أنها أصبحت أطلالا اليوم، نظرا للجفاف الذي أصابها عام 1991م، وزحف الرمال إليها في العام نفسه؛ مما أدى إلى هجر قاطنيها لتلك الأسباب مع قلة توفر الخدمات الأساسية التي من المفترض أن تؤدي إلى إنعاش القرية والمكوث فيها.
 عودة إلى الماضي، فإن لأهالي هذه القرية ميزات خاصة، حيث كانت تتقاطع مع حياة القرى في سلطنة عُمان، بما فيها التكافل والتكاتف، والتجمع اليومي وتقاسم الأرزاق فيما بينهم.
 وفيما يتعلق بالمناسبات الاجتماعية كالأعراس والمناسبات الخاصة، تلتف الأسر في قرية “وادي المُر” لتكون صفًّا واحدا مع أهالي القرى المجاورة للمشاركة في الأفراح والأهازيج الشعبية، وتتمثل تلك الأهازيج في “الرزحة” العُمانية والفنون الخاصة بالنساء من بينها “المغايض” وتكون باسم العريسين، وفن “بساير” وفن “بن عبادي” مع تقديم العون والمساعدة لأهل بيت العريس والوقوف إلى جانبهم ماديًّا ومعنويًّا.
 المصادر تفيد بأن أهالي القرية يستبشرون بقدوم شهر رمضان المبارك من خلال ما تصلهم من أخبار عن طريق الثقات أو الولاة حيث تكون المراسيل الرسمية مصدرًا مهمًّا للإعلان عن بداية حقيقية للشهر الفضيل.
 المتتبع لتاريخ قرية “وادي المُر” يجد أن هناك ممارسات خاصة لها في شهر رمضان المبارك، فمع قرب هذا الشهر الفضيل، تقوم الأسر بالاستعداد لتحضير المأكولات المحلية وتجهيز الأطباق الشهيرة الخاصة به، وعند صيامه يكون الإفطار جماعيًا كل يوم، فالرجال يتجمعون في مسجد القرية، أما النساء فقد خُصص لهن مكان خاص بهن لتكون الخصوصية الاجتماعية العُمانية حاضرة بتجلياتها.
 وفي أول أيام عيد الفطر السعيد، يذهب أهالي قرية “وادي المُر” إلى المصلى الذي عادة ما يكون في ساحة مفتوحة، يؤدون فيها صلاة العيد متشاركين مع أهالي القرى المجاورة، ثم السلام وتبادل التهاني والذهاب إلى المنازل لتناول الوجبة الرئيسة لنهار أول يوم وهي “العرسية”، أما فيما يتعلق بعيد الأضحى المبارك فيكون الاستعداد منذ فترة ليست بالقصيرة، ويتمثل في شراء الأضاحي والملابس وخياطة الأثواب التي تشتهر بها المنطقة، وغيرها من الأزياء التي تتميز بها المنطقة عامة، والتي طرزت بـاليد، لتكون أكثر بهاءً وجمالًا على من يرتديها.
 قد لا تختلف احتفالات العيدين (الفطر والأضحى)، ولكن لعيد الأضحى المبارك بهجته الخاصة في تبادل التهاني والتبريكات بين أبناء قرية “وادي المُر” والقرى المجاورة.
 يتميز عيد الأضحى المبارك عن عيد الفطر السعيد بتحضير عدد من الأكلات العُمانية أهمها “المظبي”، و”الشواء”، وهذه الطرق المتعلقة بتحضير لحوم الأضاحي قد لا تكون حاضرة إلا في عيد الأضحى، حيث يستفيد الأهالي من تلك اللحوم التي عادة ما تجفف تحت أشعة الشمس لتكون ضمن وجبات حاضرة طيلة أيام السنة.
 يتذكر من استوطن هذه القرية ومنذ عشرات السنين أن الخسائر المادية في المنازل التي تقع جراء الأمطار والحرائق يتم تعويضها من خلال تكاتف الأهالي والتفافهم حول بعضهم أيضا في تلك الظروف العصيبة، فهم يقومون بالتعويض المباشر من خلال توفير الكساء والغذاء والمتطلبات الضرورية.
 الزائر لقرية “وادي المُر” بولاية جعلان بني بوعلي اليوم، سيجد أن الحياة لا تزال فيها، رغم ما أصابها من عوامل تعرية، فهناك المراعي والبيوت العتيقة وغيرها من المرافق شبه المهجورة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*