مركز عبدالله السالم الثقافي.. صرح حضاري يرفد الحركة الفكرية في الكويت

الكويت – العمانية – فانا|

 بإطلالة بهية على مياه الخليج العربي وبمبانيه الثمانية ذات التصميم الجمالي الأخاذ يلفت مركز الشيخ عبدالله السالم الثقافي أنظار الزوار والسياح ليأخذهم إلى رحابه ويجول بهم في صرح حضاري يرفد الحركة العلمية والفكرية في الكويت.
ومنذ أن دشن المركز في الخامس من فبراير عام 2018 بدأت في أرجائه حركة دؤوبة من الفعاليات الفكرية والثقافية والفنية أسهمت في التأكيد على مدى التطور الحضاري الذي تشهده الكويت وإعادة إحياء الدور الثقافي الرائد الذي لطالما عرفت به طوال العقود الماضية.
وجاء افتتاح المركز الذي يحمل اسم أمير الكويت الحادي عشر الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح مؤسس وراعي النهضة الحديثة للكويت تعبيرا عن رؤية القيادة المتمثلة في كونه صرحًا علميًا وثقافيًا وتاريخيًا يسترجع الماضي ويعكس الحاضر ويتطلع إلى المستقبل.
وقبل أن تضطر الكويت إلى إغلاق مراكزها الثقافية في مارس عام 2020 بسبب انتشار جائحة كورونا كان المركز قد استقبل بعد فترة وجيزة من افتتاحه نحو 600 ألف زائر ونظم نحو 90 فعالية تنوعت بين معارض ومحاضرات ومهرجانات ومخيمات ومسرحيات شملت مختلف المجالات التي تهم جميع شرائح المجتمع منها الثقافية والفنية والإنسانية وكذلك في مجال علوم الطبيعة والفضاء والفلك.
وحصل المركز عام 2017 على جائزة (LEAF) العالمية المرموقة لأفضل مبنى إضافة إلى جائزة أفضل تصميم معماري للخدمات العامة في عام 2018 كما حصل على أربع جوائز عالمية منذ افتتاحه.
وشارك المركز في فعاليتين خارجيتين أقيمت الأولى في يونيو عام 2019 بمدينة البندقية الإيطالية بعنوان “مهرجان قلب الثقافة” فيما أقيمت الثانية في أكتوبر عام 2019 في مدينة برلين الألمانية بعنوان “مهرجان الأضواء”.
وشيد المركز على مساحة إجمالية تبلغ نحو 127 ألف متر مربع بمساحة مبان تبلغ 30 ألف متر مربع وحدائق مقامة على مساحة 97 ألف متر مربع فيما يبلغ مجموع المساحة المبنية وهي عبارة عن طابقين سفليين وثلاثة طوابق عليا نحو 123 ألف متر مربع، فيما تزين المركز 25 نافورة مياه موزعة حول المحيط الخارجي للمباني لتضيف أجواء جمالية إلى ذلك الصرح.
ويتضمن المركز ثمانية مبان تضم ستة متاحف إضافة إلى مبنى للوثائق وقاعة مؤتمرات تحوي مسرحًا يتسع لنحو 300 شخص ومبنى للخدمات العامة ومركزًا للمعلومات ومبنى لمواقف السيارات يتسع لنحو 1231 سيارة.
ويضم المركز ستة متاحف يبلغ عدد صالاتها 22 صالة تحوي أكثر من 1100 قطعة من المعروضات فيما ساهم في تجهيزها نحو 100 جهة متخصصة من 13 بلدًا مما يعد تعاونًا دوليًا متميزًا.
وأول المتاحف هو متحف “النظم البيئية” الذي يُعرف الزوار بعالم الطبيعة وأهمية الأنظمة البيئية والتنوع البيولوجي والغابات المطيرة والحياة البحرية إضافة إلى البيئة الاستثنائية للكويت وكائناتها الحية.
وأما ثاني المتاحف فهو “متحف التاريخ الطبيعي” الذي يأخذ الزوار إلى عالم الزواحف والثدييات التي عاشت قبل نحو 65 مليون سنة ويعرفهم على الكيفية التي أثر بها مناخ الكويت على العالم وكيفية المحافظة على البيئة ومواردها الطبيعية.
ويؤرخ المتحف الثالث “متحف العلوم والتكنولوجيا” لتطور العلوم في العالم عبر العصور وينقل الزوار من الثورة الصناعية الأولى إلى الثورة الصناعية الرابعة التي يشهدها العالم حاليًا مرورا بالثورتين الثانية والثالثة، وفي المتحف الرابع “جسم الإنسان” يتعرف الزوار على أسرار جسم الإنسان وأهمية الصحة والمحافظة عليها وكيفية التعامل مع أي هجوم يقع على الجسم عبر عرض رباعي الأبعاد يوضح عجائب الجسد البشري والكيفية التي يدافع بها عن نفسه.
كما يؤرخ المتحف الخامس “متحف العلوم العربية والإسلامية” لإبداعات العلماء العرب والمسلمين في شتى العلوم التطبيقية والنظرية ولاسيما الطب والهندسة والرياضيات والفيزياء والكيمياء وأثرها على تطور الحضارة الغربية.
ويطل “متحف الفضاء” على عالم الفضاء الواسع ليعرف الزوار على أهم الإنجازات والاستكشافات البشرية في تاريخ دراسة الفضاء وأسرار الكواكب والمجرات ويتيح استكشاف عجائب الكون الفسيح.
ويضم المركز مرافق أخرى كالمسارح والمطاعم والمقاهي التي تقدم مأكولات خفيفة فيما تحيط بمبانيه مساحة مفتوحة تمنح الزوار فرصة للاسترخاء وتعرض فيها معروضات تفاعلية وأعمال فنية لفنانين محليين وعالميين.
ويحوي المركز قاعة للمحادثات والمؤتمرات وقاعات للتدريب والحلقات التي تستهدف تدريب جميع شرائح المجتمع في مجالات علمية وفكرية وإدارية يستعين فيها المركز بخبراء في هذه المجالات من داخل الكويت وخارجها.
ويضم المركز أيضا مركزا للفنون الجميلة يتضمن قاعات عرض واستوديوهات للفنانين ويهدف إلى إعداد برامج فنية بالتعاون مع مؤسسات مرموقة بهدف تشجيع الفنانين الكويتيين ومنح فرص تطوير احترافي للشباب الواعدين بالتحاور مع الفنانين الدوليين والمحترفين.
وخصص المركز مساحة كبيرة لمكتبته تحوي كتبا تناسب جميع الشرائح العمرية ومساحة أخرى لـ “ديوانية الفنانين” التي تعد ملتقى بين الفنانين الموهوبين والجمهور لمناقشة الأمور الفنية فيما يعد فريق متخصص من المركز برامج شهرية متعلقة “بركن الإبداع” الذي يمثل ملتقى يسلط الضوء على المواهب المتميزة في مجال الصناعات الإبداعية المحلية.
وعلى الرغم من استمرار تداعيات جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على جميع مناحي الحياة في مختلف دول العالم إلا أن الجهود تتواصل على قدم وساق لاستئناف دور المركز الرائد نحو تعزيز الثقافة في المجتمع وتشجيع الطاقات الإبداعية على المزيد من العطاء في مجالات الفن والفكر والثقافة والعلوم واستضافة الكوادر الواعدة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*