دبي – العمانية|
تتجسد الحضارة العُمانية وعلى مر العصور في صور تتقاطع رؤاها وحيثياتها، فهي تنطلق من التفاعل الذي شكل رؤية العمانيين على مر التاريخ في الحفاظ على هُويتهم الثقافية والاجتماعية، والمتتبع لهذه الحضارة سيجد أنها نتاج التفكير الجمعي لمجتمع أوجد أسسا رصينة ينطلق منها في جميع توجهاته، وحتى تكون أكثر حضورا وإدهاشا لدى المتتبع لأثره.
وفي إطار التشارك والتفاهم والتبادل على مستوى جميع الأصعدة، يواصل جناح سلطنة عُمان مشاركته في المعرض العالمي اكسبو 2020 دبي ويلقي الضوء على قصص الاستدامة المختلفة بداية من التواصل مع العقول مرورا بصناعة الفرص للمستقبل، التي تتطابق مع المحاور الرئيسة لإكسبو 2020 دبي.
يستلهم الجناح تصميمه اللافت من شجرة اللبان، الذي صُمم بأنامل شابتين عمانيتين رحاب الزكوانية وعلياء البطاشية، وضعتا لمسات تضاف إلى إنجازات الشباب العماني وما تحقق على أرضه الطيبة المعطاءة، وتضم المسطحات الخارجية للجناح عشر أشجار لبان عمانية، أنقذتها حديقة النباتات والأشجار العمانية عام 2013 بعد أن كانت مهددة من أحد مشروعات تمديدات الطرق في منطقة حاسك جنوب سلطنة عُمان. وتتميز هذه الأشجار بشكلها الطبيعي في مشهد بانورامي، حيث ستُعاد إلى الحديقة بعد انتهاء المعرض.
يبدأ جناح سلطنة عُمان بسرد نقطة البداية للزوار بحياة شجرة اللبان باعتبارها قصة الجناح الذي يسعى إلى إبراز أربعة محاور رئيسة وهي الاستدامة ورعاية المواهب والتواصل والمعرفة ويتكون من ثلاثة أدوار: الطابق الأرضي (الشجرة الأم)، حيث يكون الزائر في لقاء واقعي مع شجرة اللبان الكتروميكانيكية التي تتمركز في منتصف القاعة وهي تحاكي الشجرة الطبيعية في تفاصيلها الدقيقة وترمز إلى العديد من المعاني الجسدية والعاطفية والروحية بالإضافة لاستخداماتها العملية المتنوعة.
ويوجد على الجدار المحيط شاشة بانورامية تَعرض قصة اللبان العماني من أرض وادي دوكة ورحلته مرورا بمختلف حضارات العالم عبر الزمن (التجارة في شبه الجزيرة العربية، والتحنيط في مصر القديمة، والصلوات المسيحية في العهد القديم، والطب الصيني القديم) مما يتوافق مع العنوان الرئيس لإكسبو دبي 2020 “تواصل العقول”.
وفي الطابق الأول قاعة النمو (غابة الاستدامة) يتجوّل الزوّار في غابة افتراضية لأشجار اللبان مصنعة من أسطح عرض شفافة تُستخدم لعرض ثماني قصص من قصص الاستدامة المختلفة في عُمان وهي: مشروع “المليون نخلة” واستخدام تقنيات الطائرات بدون طيّار (المسيرة) في التلقيح والاستزراع السمكي واستخدام تقنية إنترنت الأشياء في إطعام الأسماك ومشروع الطاقة المتجددة وطاقة الرياح في ظفار والمدن المستدامة والحفاظ على البيئة وإدارة النفايات وحديقة النباتات والأشجار العمانية وجماليات وتنوع التضاريس في سلطنة عُمان.
كما يضم الدور الأول قاعة الحصاد التي تحتضن الكيفية التي ترعى بها سلطنة عُمان المواهب والموارد وتنقل المهارات والمعرفة بين الأجيال والتخصصات، وتوفر أفكارا وفرصا جديدة لإيجاد مجتمع نابض.
وتعتبر هذه المنطقة مساحة عصرية ونشطة تركز على الأشخاص عبر استخدام محطات عرض تحاكي قطرات صمغ اللبان وتحكي كل واحدة منها قصصًا عن الاقتصاد القائم على المعرفة في عُمان مثل: عالم عُماني متخصص بالعصور القديمة يتحدث عن اللبان والموسيقى والصناعات الإبداعية، والمرأة في مجالات العلو، والشركات العُمانية التقنية الناشئة، وكراسي السلطان قابوس العلمية.
كما يحتوي الدور الأول على قاعة التجارة وهي عبارة عن رحلة عبر الزمان والمكان، بدءًا من عرض لميناء قديم (موقع البليد) لتصدير اللبان على جدار العرض وصولا إلى رؤية عُمان للمستقبل تنقل البشر والبضائع والمعلومات ويستعرض مبادرات النقل البري والبحري والجوي والبنية الأساسية الطموحة واسعة النطاق في عُمان.
أما الطابق الثاني والأخير فيحتوى على قاعة الاستخدام (المستقبل) وتضم مكتبة تفاعلية مستقبلية للخبرات وتمثل مساحة روحانية ومستقبلية، حيث يحظى الزوار بعدد من التجارب متعددة الحواس بدءًا من الحديقة المستقبلية، وإجراء تجربة حيّة على شتلات اللبان خلال فترة إقامة المعرض.
كما سيستمتع الزوار بكبسولات عطرية مخصصة لشم أنواع مختلفة من خلطات اللبان من عُمان تحت ضوء ساطع يمر من خلال كريستال اللبان.
وأخيرا، تنتهي الرحلة عند الشاشات المسطحة التي توفر معلومات موجزة أو مفصّلة -حسب رغبة الزائر- عن القصص والموضوعات المعروضة في قاعات الجناح.
وقال زائر من الولايات المتحدة إن جناح سلطنة عُمان “رائع ومتفرّد” ورغم أني زرتُ العديد من المعارض الدولية، إلا أن جناح السلطنة يتميز بالتنظيم وتوظيف تقنيات حديثة لعرض حلول ملهمة للمستقبل.
وأضاف أن الجناح يعرض مشروعات عمانية وأفكارا حديثة ذات طابع مستدام للمستقبل ويبرز أهم محور في اكسبو 2020 دبي وهو الاستدامة. وأبدى إعجابه برمز شجرة اللبان في الجناح ودورها في التعبير عن محور مهم في هذا الحدث العالمي وهو التواصل مع العقول متمثلا في تواصل هذه الرمزية مع حضارات قديمة في الشرق والغرب.
ووصف زائر آخر لجناح سلطنة عُمان من باربادوس، السلطنة بأنها “جوهرة مخفية عن العالم” مشيرا إلى أنه تعرف في زيارته الجناح على المعالم السياحية المختلفة والمواقع الأثرية في سلطنة عُمان المسجلة بقائمة التراث العالمي لليونسكو. وأشاد بترحيب القائمين على الجناح بالزوار وحرصهم على إبراز مفردات الجناح العماني والمحاور التي تتطابق مع اكسبو 2020 دبي متمثلة في الاستدامة والتنقل والفرص للمستقبل.
وعبرت زائرة من الولايات المتحدة عن سعادتها لزيارة جناح سلطنة عُمان في اكسبو 2020 دبي قائلة “أعرف سلطنة عُمان وزرت بلدكم وكنتُ قد عملت في السلطنة، لذلك وددت أن يطلع أصدقائي من خلال هذا الجناح الرائع عن قرب على سلطنة عُمان ومعالمها الحضارية والمحاور التي يسلط عليها الضوء مثل الاستدامة والتنقل”.
وأضافت أن محاور اكسبو 2020 دبي ترتبط ارتباطا وثيقا مع الجهود الدولية للمحافظة على كوكب الأرض وهو ما تسعى له الكثير من أجنحة الدول المشاركة في هذا الحدث العالمي.
وأشارت إلى أن سلطنة عُمان بلد حضارة يتواصل ويتفاعل مع مختلف الحضارات عن طريق التجارة. وأبدت إعجابها بمنتجات شجرة اللبان الفريدة واستخداماتها الطبية المختلفة.
واعتبر الصحفي المصري أحمد مرسي جناح سلطنة عُمان من أهم الأجنحة في اكسبو 2020 دبي، موضحا أن السلطنة تُقدم نفسها بشكل متطور في هذا الحدث العالمي من خلال عرض مشروعات الشباب العماني الطموح وتوظف التكنولوجيا بشكل تقني عالٍ، وفي الوقت نفسه تحافظ على التوازن بين الماضي والحاضر وتنظر إلى فرص المستقبل.
وأبدى شاب من الولايات المتحدة رغبته في زيارة سلطنة عُمان، مشيرا إلى أن جولته في الجناح العماني بإكسبو 2020 دبي أتاحت له الفرصة للتعرف على ملامح حضارة عُمان والمفردات التي تسلط الضوء على محور التنقل في الجناح العُماني بشكل خاص ومعرض إكسبو 2020 دبي بشكل عام..
وقال: نحن كأفراد نرغب في استكشاف مفردات الجناح وتوسيع معارفنا عن حلول ومشروعات الاستدامة المعروضة بتقنيات تواكب التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم أجمع.
يذكر أن معرض إكسبو 2020 دبي افتتح أبوابه بداية شهر أكتوبر الماضي ويستمر إلى 31 مارس القادم بمشاركة 190 دولة.