تدشين قاعة عُمان بمتحف الإرميتاج في روسيا

مسقط – سانت بطرسبرج – وجهات |

احتفل اليوم في مدينة سانت بطرسبرج بروسيا الاتحادية، بتدشين قاعة عُمان بقصر الشتاء العريق، على هامش استضافة المدينة لمنتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، والذي يشهد مشاركة دولية واسعة على أعلى المستويات، حيث شارك بالحضور في حفل الافتتاح الرسمي السفير يوسف بن عيسى الزدجالي، سفير السلطنة لدى روسيا الاتحادية، والبروفيسور الدكتور ميخائيل بيتروفسكي، مدير عام متحف الإرميتاج وعضو مجلس أمناء المتحف الوطني، وبمشاركة جمال بن حسن الموسوي، أمين عام المتحف الوطني، عبر الرابط الافتراضي المباشر. 

مبادرة

وتُعد مبادرة إنشاء “ركن عُمان” مبادرة أطلقها المتحف الوطني عملا بما جاء في تحديد أهداف المتحف بموجب المرسوم السلطاني السامي رقم (62/2013م)، الصادر بتاريخ (20نوفمبر 2013م)، والتي من بينها: المشاركة في إبراز الموروث الحضاري والتاريخي والثقافي والعلمي للسلطنة على المستويات الإقليمية والدولية. حيث تهدف المبادرة إلى إبراز الأبعاد الحضارية لعُمان وتجليات من تراثها الثقافي الفريد عبر العصور، لتعريف ملايين الزوار سنوياً بالسلطنة، وبناء سمعتها كوجهة متميزة للسياحة الثقافية. وتتمثل المبادرة في التوقيع على عقود إعارة لقى متحفية متوسطة الأمد – قابلة للتجديد – مع مجموعة منتقاة من المؤسسات المتحفية الرائدة والعريقة على مستوى العالم، لتخصيص قاعات أو أركان عرض متخصصة ضمن سياق قصة السرد المتحفي الثابت في هذه المتاحف تحمل اسم “عُمان”. 

تسلط قاعة عُمان الضوء على مجموعة من اللقى الأثرية المنتقاة بعنايةٍ وتحمل بُعداً تاريخياً لعُمان عبر العصور، حيث كانت القلب النابض لطرق تجارة اللبان، والتي ازدهرت بدءًا منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد، فكانت أرض اللبان ملتقىً للتجار من بلاد ما بين النهرين، ووادي السند، ومصر الفرعونية. وساهمت التجارة الممتدة عبر الأزمنة بدور فاعل في صياغة أشكال اللقى الأثرية المكتشفة حديثًا في عُمان، والتي وفدت إلى عُمان إما بحرًا، أو برًا. 

وتٌجسد الٌلقى المعروضة في هذه القاعة ذلك تواصل عُمان الخارجي منذ العصر البرونزي، وهو فترة النشأة الأولى لحضارة مجان التي اشتهرت بالبراعة في صهر النحاس وبناء السفن العابرة للبحار. وتأخذنا هذه القاعة في رحلة زاخرة بالتنوع الكبير والثري الذي كانت تشهده الحياة في عُمان القديمة، وتصور اطلالة رائعة على تاريخ أرض رحبت بكل ود بالتجار والرحالة والمسافرين. 

وتنقسم القاعة إلى عدة أقسام وهي: قسم حضارة مجان، وقسم أرض اللبان، وقسم موقع سلوت. أما قسم حضارة مجان فيتناول الحقبة ما بين (2500-2000 ق.م.)، حيث أظهرت الحفريات الأثرية في أقصى شرق عُمان بمواقع رأس الجنز ورأس الحد وجعلان  ملامح جديدة لهذه الحضارة، إذ وجدت أمام خليج رأس الجنز قرية كبيرة، منازلها مبنية من الطوب اللبن، كان يقطنها المئات من السكان، توزعوا على شكل مجموعات عائلية كبيرة وبنمط عربي تقليدي. 

وقد عثر في هذا الموقع الأثري على أقدم مبخرة (مجمر) في عُمان، كما أثبتت القطع التي اكتشفت في هذا الموقع، علاقة السكان بحضارات العالم القديم، حيث وجدت أوعية فخارية تعود لبلاد الرافدين، وجرار جلبت من وادي السند، وأوعية حجرية من إيران، ووجدت كذلك صناعات محلية بغرض التصدير، منها أوعية من الحجر الصابوني، وأصداف ولآلي. أما قسم أرض اللبان فيتناول تجارة اللبان الدولية منذ الألفية الثالثة ق.م.، حيث شملت كلًا من بلاد الرافدين، ووادي السند، ومصر الفرعونية، ولاحقًا حضارة الرومان، وبيزنطية، ومنها يأتي اهتمام الجانب الروسي بحضارة أرض اللبان، لارتباط اللبان بالطقوس الدينية والشعائرية الكنسية، والتي لا تزال حاضرة إلى هذا اليوم. وتأكيدًا على أهمية تجارة اللبان في صياغة الحضارة الإنسانية عبر التاريخ، فقد تم إدراج أربع مواقع أثرية تختص بتجارته في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، وهي: مدينة البليد، ومدينة خور روري (سمهرم)، ومدينة شصر (أوبار)، ووادي دوكة. بينما يتناول القسم الثالث والأخير موقع سلوت الأثري كونه معقلًا للوجود العربي الأصيل في عُمان، وذلك نتيجة الهجرات المتوالية لقبائل الأزد من اليمن خلال العصر الحديدي.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*