بورت لويس – العمانية|
حققت السلطنة إنجازاً جديداً أمس تمثل في إدراج اللجنة الدولية الحكومية للاتفاقية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي التابعة لليونسكو، عرضة الخيل والإبل كملف منفرد للسلطنة ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية.
جاء هذا الإعلان خلال أعمال الدورة الـ 13 لاجتماعات اللجنة الدولية المنعقدة حاليا في مركز سوامي فيفينكاناندا الدولي للمؤتمرات بجمهورية موريشيوس والتي تستمر حتى الأول من ديسمبر المقبل.
وقالت الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم رئيسة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم بمناسبة تسجيل “عرضة الخيل والإبل” في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية لدى منظمة اليونسكو : يعتبر التراث الثقافي غير المادي من المواضيع التي تحظى بالعناية والاهتمام السامي من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، حفظه الله ورعاه، الذي حرص على
أن يكون المجتمع العماني محافظاً على تراثه وتراث أجداده الأصيل وأن لا تأخذه الحداثة وتبعده عن هذا الموروث الضارب في جذور التاريخ.
وأضافت الشيبانية أن السلطنة انضمت إلى اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي باليونسكو في عام 2005 بموجب المرسوم السلطاني رقم 56/2005 مما ساعد على اهتمامها بالعناصرالثقافية المختلفة على المستويين المحلي والدولي والعمل على وضع خطط الصون المناسبة لهذا الموروث الثقافي للمحافظة عليه من الاندثار ونقله للأجيال القادمة، كما تحرص السلطنة على المشاركة في الاجتماعات التي تعقدها هذه الاتفاقية منها اجتماع اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي واجتماع الجمعية العامة للدول الأطراف في الاتفاقية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي.
وأكدت الدكتورة وزيرة التربية والتعليم أن السلطنة تمكنت في إطار التعاون القائم بينها وبين منظمة اليونسكو من تسجيل ثمانية عناصر لتراثها غير المادي وهي : فن البرعة عام 2010م، وفن العازي والتغرود عام 2012م، وفن العيالة عام 2014م، وفن الرزفة عام 2015م، والمجالس والقهوة العربية عام 201م، وعرضة الخيل والإبل هذا عام 2018م.
وأوضحت الشيبانية أن وزارة التربية والتعليم حرصت على أهمية تواجد هذا الموروث الثقافي في مناهجها الدراسية والمناسبات الثقافية والاحتفالات الوطنية في جميع المحافظات والمديريات التعليمية، مما يعزز نقل هذا الموروث الثقافي الوطني وممارسته من قبل أبنائنا الطلاب والطالبات.
وأشارت الدكتورة وزيرة التربية والتعليم رئيسة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم انه وفي مجال توثيق هذا الموروث قامت وزارة التربية والتعليم ممثلة باللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم بإنتاج فيلمين وثائقيين، أولهما للمواقع العمانية المسجلة على قائمة التراث العالمي لليونسكو وهي (قلعة بهلا، ومواقع أرض اللبان، ومقابر بات، والخطم والعين، ونظام الري بالأفلاج)، وثانيهما للعناصر الثقافية للتراث العماني غير المادي المسجلة لدى اليونسكو وهي سبعة عناصر تم ذكرها أعلاه، وهذان الفيلمان مترجمان باللغتين الانجليزية والفرنسية.
واوضحت أن هذه الانجازات والنجاحات الوطنية في المحافل الدولية تعتبر مفخرة وطنية وشعبية ستبقى حاضرة وشاهدةً على الاهتمام بهذا المورث الوطني.
كما صرح الشيخ حمد بن هلال المعمري وكيل وزارة التراث والثقافة للشؤون الثقافية بمناسبة هذا الحدث بأن عُمان بلد ضارب في جذور التاريخ وهذا ما يعكس تفاعل الإنسان العُماني مع الطبيعة ومع بيئته ومجتمعه وأن إدراج عرضة الخيل والإبل في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية اليوم شاهد على ثراء الحضارة العُمانية وتنوع عطائها وشموليته.
واضاف وكيل وزارة التراث والثقافة للشؤون الثقافية ان نجاح السلطنة في إدراج هذه العناصر يمثل برهانًا على جهود الشباب العُماني في إعداد هذه الملفات لتفعيلالاتفاقية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي وما تتطلبه من برامج ومشاريع فكل التحية لتلك الجهود المخلصة على العمل الدؤوب والمتميز”.
وقال حميد بن علي بن محمد الزرعي مدير عام الهجانة السلطانية إن تسجيل أي مفردة من مفردات التراث الثقافي غير المادي يتعبر إنجازًا على المستوى الدولي والعالمي ليس للسلطنة فحسب بل للممارسين والمشاركين في الإعداد، والمفردة في حد ذاتها تؤكد للعالم أنّها تحمل عادات وتقاليد وقيما وتساهم في الإثراء الثقافي والمجتمعي ويعكس إدراج هذه العناصر البعد العالمي للإرث العماني كونه تراثًا إنسانيًا يمثل الإبداع البشري في التعامل مع الحيوانات على مستوى العالم، كما أنّه يمثل نجاحًا للجهود العمانية في الحفاظ على هذا الإرث وتسجيله في القائمة العالمية للتراث غير المادي للإنسانية، وبجانب ذلك يعبر هذا الإدراج عن دور الممارسين والمهتمين وجميع أفراد المجتمع بالتمسك بتراثهم وهويتهم الوطنية.
واضاف الزرعي أن فعالية ركض العرضة تتجدد كل موسم ضمن فعاليات المهرجان السنوي لسباقات الهجن الأهلية الذي تنظمه الهجانة السلطانية بشؤون البلاط السلطاني وتجد كل الاهتمام من أصحاب الإبل من مختلف محافظات السلطنة .
وقد ترأست وفد السلطنة المشارك في أعمال الدورة الـ 13 لاجتماعات اللجنة الدولية، السفيرة الدكتورة سميرة الموسى المندوبة الدائمة للسلطنة لدى منظمة اليونسكو والذي يضم ممثلين عن وزارة التراث والثقافة والخيالة السلطانية والهجانة السلطانية واللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم. كما يشارك في الاجتماعات الخبير الدولي السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي المدير العام المساعد للفنون في وزارة التراث والثقافة ممثل السلطنة في اللجنة المسؤولة عن تقييم ترشيحات الإدراج في قائمة التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى صون عاجل وإلى القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية من البرامج والمشاريع والأنشطة المقترحة.
وتضمن الملف الذي تم تقديمه الى اللجنة الدولية كملف منفرد يسجل باسم السلطنة مسميات العرضة وآداب ممارستها للممارسين لها وآليات صون العرضة والجهود الحكومية والأهلية للحفاظ عليها وقوائم الحصر الوطنية العُمانية وتعريفا بفن التحوريب (القصيدة التي يفتتح بها عرضة الخيل وينتهي بها) إضافة إلى تعريف بفن الهمبل وهو شعر يلقى على ظهور الإبل في وصف مناقبها كصافرة لبدء العرضة.
يذكر أن 4 شخصيات عمانية تم تسجيلها على قائمة الشخصيات العالمية البارزة باليونسكو وهم الخليل بن أحمد الفراهيدي إمام اللغة وواضع علم العروض الذي سجلته اليونسكو عام 2006م، والطبيب راشد بن عميرة عام 2013م، والموسوعي الإمام نور الدين عبد الله بن حميد السالمي الذي تم تسجيله عام 2015م ، والفيزيائي العماني أبو محمد عبد الله بن محمد الأزدي المعروف بابن الذهبي 2015م، إضافة الى مخطوطة “معدن الأسرار في علم البحار لناصر بن علي الخضوري والمسجلة في سجل ذاكرة العالم للتراث الوثائقي.
جدير بالذكر أن عرضة الخيل والإبل من الاستعراضات حيث يقوم الفرسان أو راكبو الإبل بعروض تعكس مهارة تعامل الإنسان العماني وترويضه للإبل والخيل والتناغم بين الفرسان أثناء تأديتها، وتبدأ العرضة بدخول الفرسان أوالإبل أو معا في شكل صفوف ترحيبية وهي بكامل زينتها وجمالها، ويردد الفرسان أو راكبو الإبل فنونا شعبية وأبيات شعرية تسمى بالهمبل وهم على ظهورها، بعدها تبدأ فقرة المحورب وهي المشي بالخيول والإبل في الميدان ببطء بشكل طولي يتقدم كبار السن ثم الشباب، ومن اشتراطاتها دخول الخيول في المقدمة تليها الإبل إذا كان الاستعراض مشتركا، تلي هذه المرحلة ركضة العرضة حيث تكون الخيول في خط مستقيم متساو ويقوم الفرسان بلقطات متنوعة كالوقوف على ظهور الخيل والتشابك بالأيدي تظهر براعتهم وقدراتهم، أما الإبل فتكون باركة على الأرض وتنطلق مباشرة عند ركوب المشارك على ظهرها وتسمى هذه العملية “بالزجر” وتنتهي العرضة بالتنويم وهو نوع من المهارة تظهر العلاقة والانسجام عند المشاركين وقدرتهم على ترويض الخيل والإبل. ولممارسي هذا الفن أدوارهم ومهامهم الخاصة فبالإضافة إلى الفرسان وراكبي الإبل الذين يقومون بتقديم العروض نجد مربي الإبل والخيل ومهمتهم إعداد الإبل والخيول للعرضة وذلك بتدريبها والعناية بها، كما يناط اليهم مسؤولية تدريب الشباب، ويقوم أصحاب ميادين الاستعراض أو المنظمون بتجهيزها وتنظيم قدوم الجماهير والمشاركين، كما إننا نجد مقدمي الفنون الشعبية ومنها الهمبل ومحورب الخيل، وأيضا صناع الأدوات التقليدية المرتبطة بالعرضة فالفرس أو الإبل تنزل الميدان بكامل زينتها التي يقوم بصناعتها حرفيون عمانيون.