مسقط – العمانية |
توجه طاقم تجارب محاكاة العيش على المريخ اليوم الى صحراء مرمول بمحافظة ظفار لانطلاق مشروع محاكاة العيش على المريخ «أمادي 18» الذي تستضيفه السلطنة كأحد إسهاماتها الدولية في البحوث والدراسات الفضائية في مجال ارتياد الإنسان للفضاء والاستكشاف العلمي الرامية إلى رفع مستوى جاهزية التقنية وتطوير الأنظمة الداعمة لحياة رواد الفضاء.
وقال اسامة البوسعيدي نائب رئيس الجمعية الفلكية العمانية ومدير مشروع تجارب محاكاة العيش على المريخ من الجانب العماني ان “المرحلة الاولى من المشروع والتي تبدأ اليوم 31 يناير وتستمر حتى 8 فبراير القادم هي الفترة المفتوحة حيث سيتم خلالها السماح للمدعوين والمهتمين والصحفيين وممثلي وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة من داخل السلطنة وخارجها بزيارة المنطقة، وفي 9 فبراير سيقضي الطاقم ثلاثة أسابيع تستمر حتى الاول من مارس في عزلة شبه كاملة إلا أنهم سيخضعون إلى مراقبة عن كثب من قبل فريق عمل”، ويتكون الطاقم من 16 شخصا من دول فرنسا والمانيا وبريطانيا والنمسا واسبانيا وهولندا والبرتغال والسلطنة ممثلة في اسامة البوسعيدي.
وأضاف في تصريح لوكالة الانباء العمانية: ان دور الجانب العماني يتلخص في توفير احتياجات التجربة من خلال التواصل مع الداعمين من مؤسسات القطاعات الحكومية والعسكرية وشركات الخاص للبدء في الوقت المناسب واجراء الاتصالات اللوجستية مع الجهات المشاركة للتأكد من توفير كافة تلك الاحتياجات داخل المكان”. واشار الى ان “طاقم التجارب سيقوم بإجراء 19 تجربة للمحاكاة من جميع الجوانب من بينها اجراء اختبارات لعجلات المركبة الفضائية والروبوتات لجمع العينات وحركاتها على السطح المشابه وقدرتها على اخذت العينات والمعلومات وارسالها الى مركز المعلومات الذي سيكون متواجدا في النمسا وسيكون هناك نقل حي لبعض التجارب على مواقع التواصل الاجتماعي”.
وتعد تجربة «أمادي 18» الأشجع على الإطلاق في سلسلة التجارب التي تحاكي مغامرة الحياة فوق سطح المريخ وقد سبقتها تجارب فوق سطح نهر جليدي متجمد في جبال الألب وتجربة داخل كهف مفتوح بجنوب إسبانيا وأخرى في الصحراء المغربية.
وبدأ التنسيق لهذا المشروع من خلال الاتصالات التي اجراها المنتدى النمساوي للفضاء بقاعات اجتماعات الأمم المتحدة بفيينا ضمن اجتماعات اللجنة الأممية للاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي بفيينا، وفي صيف عام 2016 م قدم مجلس إدارة الجمعية الفلكية العمانية طلب موافقة حكومية على استضافة السلطنة لمشروع تجارب محاكاة العيش على الكوكب الأحمر بنهاية عام 2016 م، ونتيجةً لمنافسة عالمية قام وفد من المنتدى النمساوي وبصحبة فريق من الجمعية الفلكية العمانية بزيارات ميدانية لعشرة مواقع في السلطنة وجد سبعة منها ذات طبيعة تتشابه في تكوينها مع كوكب المريخ، وعلى ضوء الزيارات الميدانية بالسلطنة وخارجها والتحاليل العلمية للمواقع جاء قرار المنتدى النمساوي للفضاء باختيار موقع بصحراء مرمول لإجراء التجارب في السلطنة ، وتم اختيار السلطنة لتوفر عدد من المعطيات والمعايير الأساسية التي رأى الفريق العلمي الممثل للمنتدى أنها ستسهم وبشكل كبير في خدمة التجربة وإنجاحها، حيث كانت المعطيات والمقوماتُ الجيولوجيةُ والطبوغرافيةُ التي تتمتع بها السلطنة مماثلة لسطح المريخ وتعتبر القاعدة الأساسية لتحقيق أهداف المحاكاة، وبدأت الأعمال التحضيرية والتنسيق المشترك في عام2017 م.
وشكلت السلطنة لجنة توجيهية للاستضافة برئاسة المكرم الشيخ البروفيسور الخطاب بن غالب الهنائي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي بالجمعية وبعضوية عدة جهات معنية: مجلس الدولة، وزارة الخارجية، وأركان قوات السلطان المسلحة، وزارة السياحة، مجلس البحث العلمي، وزارة النقل والاتصالات، الهيئة الوطنية للمساحة، جامعة السلطان قابوس، الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، شركة تنمية نفط عمان، شركة النطاق العريض، الجمعية السلطانية لهواة اللاسلكي فضلا عن الجمعية الفلكية العمانية التي تعتبر المنصة والحاضن الوطني للمشروع والمتابع لتنفيذ توصيات اللجنة التوجيهية المشرفة على أعمال التحضير المبكر لهذه التجربة من مختلف النواحي الإدارية والفنية والعلمية واللوجستية لتعظيم الفائدة للسلطنة.
وستشارك وتساهم كل من شركة تنمية نفط عمان وجامعة السلطان قابوس في إنجاح التجربة الدولية، وسيتضمن برنامج مشروع المحاكاة سلسلة من التجارب العلمية التي تم اقتراحها من مجموعة من المؤسسات البحثية العالمية وقد تم اختيار التجارب الواعدة وخطوات سير العمل من خلال عملية مراجعة دقيقة تركز التجارب على علوم الارض والهندسة وعمليات سطح الكوكب والعامل البشري وعلوم الحياة مثل علم الاحياء الفضائي وجوانب عملية البعثة واختبار التعديلات الجديدة على بدلة الفضاء وكبسولة فضائية قابلة للنفخ والانظمة الروبوتية بالإضافة الى خطوات سير العمل لخطط الطيران ونظام الدعم العلمي عن بعد المتعلق بالمهمات المعقدة ويتضمن ذلك التأخير في الوصول وتجارب الجاذبية ودرجات الحرارة وعدم توفر الخدمات في الفضاء وردة فعل رواد الفضاء والغلاف الجوي والبيئة وفهمها والاستعداد لها وتجارب علمية أخرى متنوعة.
ومن منطلق أهمية التجربة للسلطنة فقد تمت دعوة العديد من الجهات الحكومية والخاصة للإسهام في هذا المشروع لما له من دور محوري في إعطاء صورة مشرفة عن تضافر الجهود الوطنية والتكاتف الرائع في مثل هذا النوع من المشاريع التقنية العلمية الدولية الرائدة. وستقوم شركة تنمية نفط عمان والشركة العمانية للنطاق العريض بجوانب الدعم اللوجستي والمالي ومكاسب الشركتين غير العينية بما يتماشى مع المسؤولية المجتمعية وتنمية المجتمعات.
وعقدت اللجنة التوجيهية لمشروع محاكاة العيش على المريخ والجمعية الفلكية العمانية ومنتدى الفضاء النمساوي يوم امس بقاعة مركز التدريب بالهيئة العامة للطيران المدني ندوة تعريفية بالمشروع تحت رعاية الدكتور محمد بن حمد الرمحي وزير النفط والغاز، حيث تحدث فيها المكرم الدكتور الشيخ الخطاب بن غالب الهنائي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي بالجمعية الفلكية العمانية قائلا ان ” الطرفان العماني والنمساوي عملا بجد واجتهاد خلال الاشهر الماضية من اجل التمهيد للمراحل العملية لهذا البرنامج، وقاما بعمل مشترك دؤوب لوضع القواعد الاساسية لهذه التظاهرة العلمية تأكيدا على جديتهما على وضع هذه التجربة بثقة للوصول الى ابعد مدى ممكن”.
واكد “ان دور الجمعية الفلكية العمانية الممثلة لمؤسسات المجتمع المدني في التجربة كان ولا يزال حجر الرحى لنجاح انطلاقتها وان الجهود الحثيثة التي قامت بها الجمعية من منطلق المسؤولية المجتمعية دليلا ان عمان دولة تسعى الى تحقيق التقدم والسبق ليس بالدعاية والاعلان بل بالعمل الدؤوب والتعاون المثمر الفاعل بين كافة قطاعات الدولة حكومية وخاصة واهلية مستنيرة بالنهج السامي الذي خطه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم اعزه الله”.
والقى الدكتور صالح بن سعيد الشيذاني رئيس مجلس إدارة الجمعية الفلكية العمانية كلمة في الندوة قال فيها: ان اللجنة التوجيهية والجمعية الفلكية العمانية حرصتا على مشاركة باحثين من السلطنة وطالبات مدرسة ام الخير في تجربة محاكاة الجاذبية بالفضاء التي تهدف الى معرفة قدة الانسان على التأقلم مع بيئة السقوط الحر وقدرته بعد ذلك في التحكم في مركبة فضائية وادارتها واختبار جاهزية الطابعة الثلاثية الابعاد لدعم المهام الفضائية وحيث وفرت الجمعية الطابعة بخصائص النسخ والمسح والارسال لتسهيل المهام الفضائية ودعمها مما يتيح طباعة ادوات تالفة او استقبال او طباعة ادوات جديدة بالمريخ صممت بالأرض، وتجربة اختبار الهياكل المنفوخة لتحمل الرياح وتقلبات الطقس، وتجربة استكشاف مناطق التجارب قبل توجه نظراء الرواد اليها او ارسال العربات الفضائية لرفع مستوى التخطيط ومتابعة اعضاء الفريق اولا بأول فضلا عن البحث عن نظراء الرواد او المركبة في حالة تعذر الاتصال بها.
وأضاف ان الباحثين العمانيين سيشاركون ايضا في دراسة مدى انتشار ذرات وحبيبات الغبار بالغلاف الجوي ومدى ارتباطها بطبيعة المنطقة كما تظهر من خلال التصوير بالأشعة تحت الحمراء للتعرف على العوالق الغبارية، وتجربة دور البيئات الارضية الرقمية لتخفيف العزلة من خلال عرض الصور والافلام عن مناطق مألوفة لدى نظراء الرواد او محببة لديهم بالأرض تخفف عنهم حيث يمكن الجلوس بها واستشعار جوانب واستذكار احاسيس وذكريات ارضية لتخفيف اثر العزلة عنهم. كما تشمل تلك التجارب دراسة اثر التمور العمانية والسواك في المحافظة على الصحة ورفع مستوى المناعة ضد أعراض البرد والغبار.
وأشار الشيذاني الى ان مشاركة فريق بحثي مكون من عدد من طالبات مدرسة أم الخير للتعليم الأساسي بولاية إزكي بمحافظة الداخلية وبإشراف من جامعة السلطان قابوس وشركة تنمية نفط عمان في تجربة البحث عن الماء بالجيوفون وهو مبدأ ارسال موجات زلزالية او فوق صوتية الى طبقات القشرة الارضية والتقاط انعكاساتها والبحث عن اشارات وجود الماء بها.
ومن جانب الآخر تحدث في الندوة الدكتور جرنوت جرومر رئيس منتدى الفضاء النمساوي في الندوة التعريفية عن التجربة التي ستبدأ اليوم في مرمول، وقال ان العوامل التي على ضوئها تم اختيار السلطنة لإجراء تجارب محاكاة العيش على الكوكب الاحمر ( المريخ) لا تشمل فقط المقومات الجيولوجية والطبوغرافية التي تتمتع بها، وانما الاستقرار السياسي ومستوى الامن المرتفع الذي تعيشه السلطنة مما يوفر جوا مريحا وسهلا لطاقم وفرق المشروع التي تتابع هذا الجهد الدولي لتحقيق الاهداف بنجاح مما سيضع سلطنة عمان على خريطة بحوث الفضاء.
وأشاد جرومر بالجهود التي تبذلها السلطنة من اجل توفير كافة الامكانيات التي ستعمل على نجاح التجارب ، واعرب عن امتنانه وتقديره لكل الجهات العمانية المشاركة والداعمة والعاملة في المشروع ، وقال ان البرنامج يتضمن قيام طلبة عمانيون بزيارة لمنتدى الفضاء النمساوي في الصيف القادم للمشاركة في الانشطة الطلابية الخاصة بالرحلة الفضائية. واشار الى ان مركز دعم الحملة والمراقبون في منتدى الفضاء النمساوي سيقومون بالمتابعة اليومية لما يحصل في الميدان من تجارب المحاكاة في مجمع التجارب بمرمول والذي يضم غرفة العمليات وقاعة للاسترخاء وعيادة وغرفة تبديل الملابس وغيرها.
وأضاف انه سيتم توثيق التجربة للجيل القادم بجمع اكبر قدر من المعلومات وستكون هناك اوراق بحوث علمية ومجالات علمية تتناول الجانب العلمي اضافة الى انشطة إعلامية مصاحبة وافلام تسجيلية ستعرض هذه التجربة.