صلالة – وجهات|
يُعد موقع البليد الأثري في صلالة بمحافظة ظفار، من بين أهم المواقع الأثرية في سلطنة عمان نظرا للمكانة التي كان البليد يتمتع بها على مدى التاريخ وماضيه الضارب في القدم.
وتحول الموقع التاريخي الهام إلى قبلة السياح الزائرين للمحافظة، فهو أحد أهم المزارات التاريخية الثقافية، التي يجد فيها مدينة أعيد إحياؤها من تحت التراب لتكون شاهدا على تاريخ ظفار العريق.
ويقع الموقع على بعد أقل من مئة متر من ساحل المحيط الهندي، على الشريط الساحلي لولاية صلالة، المعروفة من قبل المؤرخين الإسلاميين باسم ظفار.
ويعد منتزه البليد الأثري من أقدم المدن الأثرية في جنوب الجزيرة العربية.
قائمة اليونسكو
ويضم موقع البليد، المدينة الأثرية ومتحف أرض اللبان، والمنتزه الذي يحتوي عليه الموقع”.
وكان الموقع المسجل في قائمة يونسكو للتراث العالمي، يعتبر ميناءً تجاريا مهما جدا في القرن الثامن وحتى القرن السادس عشر، والذي مكّن من تصدير اللبان من ظفار إلى الخارج.
يعود تاريخ مدينة البليد القديمة للعصر البرونزي 2500 قبل الميلاد ومثلت مركزا سكانيا رئيسيا.
وتحتوي مكوناته على آثار بارزة، أهمها الحصن الرئيسي الذي كان مقراً ومسكناً للحاكم، ويحتوى على بوابة رئيسية واحدة وثلاثة أبراج دفاعية.
وكشفت التنقيبات التي جرت في 2015، عن وجود مبنى آخر خلف الحصن يعتقد أنه يعود لحاشية الحاكم.
ومن أهم مكونات المدينة جامع البليد، وهو أقدم الجوامع البارزة في المنطقة، ويحتوى على 144 عمود و7 بوابات رئيسية.
ويعود تاريخ موقع البليد إلى عهد ما قبل الإسلام واكتسب بعد الإسلام رونقاً إسلامياً فريداً من البناء المعماري، يظهر ذلك جلياً من خلال مسجده الكبير الذي يعد من أبرز المساجد القديمة في عمان.
دور تجاري
ومن المثير للجدل أن المسجد مخصص لصلاة الجمعة فقط بحجمه الكبير ويوجد به غرف مختلقة يعتقد أنها لصلاة النساء وحلقات الدراسة للأطفال.
وهناك السور الجنوبي يحتوى على 17 برج دفاع و4 كاسرات أمواج”، وأن تلك المكونات وكبر حجم المسجد والأسوار والحصن يعكس قوة وأهمية هذه المدينة.
ولعبت المدينة دوراً مهماً في التجارة العالمية في العصور الوسطى، حيث شملت صلاتها التجارية موانئ الصين والهند والسند وشرق إفريقيا واليمن من جهة والعراق وأوروبا من جهة أخرى.
وتبلغ مساحة الموقع الإجمالية حوالي 64 هتكارا، ويضم شواهد أثرية تنتمي غالبيتها إلى العصور الإسلامية، ويشغل الجانب الغربي منه مبان رسمية ضخمة ومقابر وبقايا جدران حجرية وأعمدة ظاهرة على السطح.
تاريخ البليد
الموقع عرفه علماء الآثار الأوروبيون منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر الميلادي، فقد زاره هاينز وتلاه كروتندن عام 1836 وكارتر في الفترة 1846ـ1851 ومايلز في ثمانينيات القرن التاسع عشر وغيرهم حسب ما نشره تقرير نشره وكالة الأناضول.
وكانت البليد أطلالا مهجورة عندما وصفها عالم الآثار كارتر، وهو أول باحث يقوم بإعداد مخطط منظم للموقع عام 1846 أشار فيه إلى بعض المباني الرئيسية مثل سور المدينة الجنوبي على ساحل البحر وبعض الأبراج.
ورسم كارتر حدود الموقع في المنطقة الواقعة بين الدهاليز والحافة بمساحة تصل إلى ميلين طولا وبعرض 600 ياردة، أما عالم الآثار مايلز فقد ذكر عام 1883 بأن البليد والمنطقة المحيطة بها كانت يوما ما مأهولة بعدد كبير من السكان ويوجد بها نشاط زراعي واسع.
وعام 1952 أجرت المؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان حفريات غير منظمة على المدينة القديمة، خصوصا في القصر وبعض المباني المهمة بما فيها المسجد الجامع ومدخلا المدينة.
وعام 1978 قام باولو كوستا بالتنقيب في ثلاث مناطق رئيسية هي المسجد الجامع والمنطقة “أ” التي تتضمن الجسر الغربي ومدخل المدينة، والمنطقة “ب” التي تتضمن جدران المدينة إضافة إلى مسجد.
شواهد تاريخية
وعثر خلال هذه التنقيبات على شواهد أثرية منها أعمدة مبنية من الكتل الحجرية، أغلبها منحوت من كتلة حجرية واحدة، والأعمدة ذات مقطع ثماني الأضلاع وهو السائد، أو دائري، كما عثر على بقايا مسجد مربع الشكل في جنوبا وغرب المنطقة “ب” لم يكن له فناء.
وأشارت الأدلة المكتشفة في الموقع إلى مراحل استيطان أربع تغطي الفترة من 500 إلى 1700 ميلادي.
وعام 2009 تم تنفيذ مسح أثري شامل في محافظة ظفار بهدف تحديد طبيعة الاستيطان البشري في العصور التاريخية القديمة المختلفة.
وشمل المسح الأثري مدينة البليد والمنطقة المحيطة بها، وأشارت النتائج بأن أقدم البقايا الأثرية التي تم العثور عليها تعود إلى العصر الحجري القديم بين مليون إلى 10 آلاف عام تشير إليها الأدوات المكتشفة والمصنوعة من حجر الصوان والمتناثرة على طول خط الأنهار القديمة.
ولقد تم العثور في المنطقة على مستوطنات غير مكتملة العناصر تعود للعصر البرونزي المبكر والعصر الحديدي، مما يشير إلى وجود استيطان مبكر في الفترة بين 2500 عام قبل الميلاد و عام 250 ميلادي.
وأكد المسح الذي أجري في المحافظة التصور العام لمدينة البليد “ظفار القديمة” والمنطقة المحيطة بها وما تتمتع به، حيث تم اكتشاف مخلفات للاستيطان البشري وأساسات لمنازل ومساجد وقنوات لري المزروعات ومقابر تشكل مدينة متكاملة.