قلعة سلالة “هو” في فيتنام.. نمط المدن الإمبراطورية في جنوب شرق آسيا

هانوي – العمانية|

 يعود تشييد قلعة سلالة “هو” في فيتنام إلى عام 1397م على يد “هو كي لي”، وهو من الشخصيات النافذة في بلاط ملوك “تران” الفيتناميين.
وقد بنيت القلعة وفقا لمبادئ “فانغ شوي” (الرياح والماء باللغة المحلية)، وهي فن من أصل صيني عمره آلاف السنين ويسعى إلى ضمان نسق مضبوط للطاقة البيئية يكفل الرخاء والصحة والازدهار لسكان المباني المشيدة تبعا لمعاييره.
وتمثل القلعة المبنية من صخور الكلس الضخمة المقطعة شاهدا مهما على نضج الكونفوشيوسية الجديدة في فيتنام في نهاية القرن الرابع عشر وانتشارها في أجزاء أخرى من الشرق الأقصى، ويأخذ المبنى شكل مستطيل بطول 870,50 مترا من الشمال إلى الجنوب و883,50 مترا من الشرق إلى الغرب، ويتضمن أربعة أبواب رئيسة أكبرها ذلك الموجود في الطرف الجنوبي والبالغ طوله 15,17 مترا وارتفاعه 9,50 مترا.
وتقع قلعة سلالة “هو”، حسب مبادئ “فانغ شوي”، في تضاريس ذات مشاهد جميلة على محور يربط بين جبال “تيونغ سون” و”دون سون” في سهل جاثم بين نهري “ما” و”بوا”.
وهي مكونة من القلعة الداخلية وسور “لا ثان” الخارجي ومذبح “نام جياو” وتغطي مساحة 155,5 هكتارا تحيط بها منطقة عازلة مساحتها 5078,5 هكتارا.
وحسب المؤرخين، فإن القلعة الداخلية تمثل مرحلة جديدة في تطور التقنية المعمارية وتكييف تخطيط المدن الجيومانتيكية مع سياق آسيا الشرقية وجنوب شرق آسيا؛ فهي إذن نموذج لتطبيق عناصر معمارية على تخطيط الأرض وديكور مدينة إمبراطورية ممركزة، مجسدة بذلك تصميما معينا للسلطة الملكية المؤسسة على تبني الفلسفة الكونفوشيوسية داخل الثقافة البوذية المهيمنة.
وتقول اليونسكو إن قلعة سلالة “هو”، التي ظلت عاصمة لفيتنام من 1398م إلى 1407م ومركزا سياسيا واقتصاديا وثقافيا لوسط شمال فيتنام خلال الفترة الفاصلة بين القرنين السادس عشر والثامن عشر، تمنح شهادة استثنائية على فترة حاسمة في تاريخ فيتنام.
ويشير المؤرخون إلى أن استخدام الكتل الصخرية الضخمة يدل على قدرة التنظيم لدى الدولة الكونفوشيوسية الجديدة في حين يميز نقل المحور الرئيسي خطة القلعة عن المعايير المتبعة في الحضارات الآسيوية المجاورة.
وبعد سنتين فقط من بناء القلعة، أي في 1399م، استولى “هو كي لي” على السلطة وحول إليها عاصمة ملكه وهي هانوي الحالية، ثم تعرض المبنى لاحقا للتدمير في 1407أثناء اجتياحه من طرف جيوش معادية وبات، منذ ذلك الوقت، عبارة عن خراب، باستثناء الأبواب الأربعة، ولا يرى الزائر اليوم داخله إلا أسس قصر وتنينين من الحجارة المنحوتة.
ومع ذلك، لا تزال معالم الأسوار واضحة للزوار، إضافة إلى بعض الآثار المرتبطة بالقلعة، وقد كشفت حفريات أجريت على المكان وجود مصدر غني للأطلال الأثرية المدفونة تحت الأرض والمحفوظة تحت حقول الأرز والمناطق الأخرى المزروعة حاليا في المساحات التي تحتلها القلعة الداخلية والسور الخارجي والمذبح.
وأعلنت وزارة الثقافة الفيتنامية هذا الموقع تراثا وطنيا منذ 1962م قبل أن تعتمده اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي يوم 27 يونيو 2011م.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*