الشارقة – العمانية |
اختتمت اليوم فعاليات النسخة الحادية عشرة من ملتقى
الشارقة للحرف التقليدية، الذي نظمه معهد الشارقة للتراث بمقر المعهد ومركز التراث العربي بإمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة بمشاركة مميزة من الإمارات وسلطنة عُمان والسعودية والبحرين والكويت.
اشتمل اليوم الأخير من الملتقى على ختام الندوة العلمية التي أقيمت على مدار يومين حيث تحدث في الجلسة الثالثة للندوة الدكتور سالم البحري، مستشار وزيرة التربية والتعليم في السلطنة، وتناول في ورقة عمله حرفة الفخار في عُمان بين الماضي والحاضر، كما تحدث الباحث البحريني خالد السندي خلال ورقة عمله عن صناعة الفخار، التقنيات والمخرجات، قرية عالي نموذجاً، والباحث العُماني أحمد المعشني، الذي تناول من خلال ورقة عمله محافظة ظفار كنموذج لصناعة الفخار في سلطنة عُمان، وأدار الجلسة الدكتور حمد بن صراي.
وقال الدكتور سالم البحري من خلال ورقة عمله، إن صناعة الفخار تعتبر واحدة من أهم وأقدم الصناعات التقليدية في السلطنة، وقد كشفت أعمال الحفريات والتنقيب عن ازدهار
صناعة الفخار في عُمان خلال الألفية الرابعة قبل الميلاد، وكان استخدامه في تلك المرحلة في الطقوس الدينية القديمة وتقديم القرابين من الطعام والشراب، وقد عرف الإنسان القديم كيف يحول الطين إلى مادة صلبة عن طريق الشوي في النار في الأفران، “القمائن”، وعرف كيف يشكله ويصنعه في عدة ألوان وأشكال.
ولفت إلى دور وجهود السلطنة اليوم من أجل الحفاظ على صناعة الفخار، كما تطرق إلى البيئة العمانية والموارد الأولية لصناعة الفخار وصناعة الفخار قديماً والبعد التاريخي
لصناعة الفخاريات.
من جانبه تحدث الباحث خالد السندي في ورقة عمله عن قرية عالي في البحرين كنموذج لصناعة الفخار، مشيراً إلى أن الغوص من أجل اللؤلؤ لم يكن الصناعة الوحيدة القديمة
التي اشتهرت بها البحرين، حيث تم العثور على قطع فخار في مختلف أنحاء البحرين ما يدل على أن الفخار صنع في البحرين منذ قرون عديدة.
وتطرق السندي إلى قرية عالي كنموذج لصناعة الفخار اليوم، حيث يعمل سكانها بنفس الطريقة التي كان يعمل بها أجدادهم، وتشتهر قرية عالي بوجود تلال الدفن الأثرية التي
تعود إلى أكثر من 4 آلاف سنة، منذ فترة دلمون. ولفت إلى أن منتجات قرية عالي الفخارية تتميز بالبساطة والتنوع، حيث تضم الجرار والسلاطين وقلل الماء والأطباق واللوازم المنزلية.
من جانبه تناول الباحث العُماني أحمد المعشني نموذج محافظة ظفار في صناعة الفخار في سلطنة عُمان، مشيراً إلى أن حرفة تشكيل الفخار هي من أقدم الحرف في عُمان منذ
أزمنة سحيقة، وانتشرت على نطاق واسع في المحافظة لسد حاجيات الإنسان اليومية من الآنية وسواها، حيث أنتج الحرفي الظفاري العديد من المشغولات والمنتجات الفخارية مثل جرار الماء وقدور الطبخ وأوعية حفظ الطعام والمباخر وغيرها.
أما الجلسة الرابعة والأخيرة للملتقى التي أدارها الباحث خالد السندي، فتحدث فيها الدكتور حمد بن صراي الذي تناول من خلال ورقة عمله الرموز في المقتنيات الفخارية ودلالاتها التاريخية والثقافية، وأهمية الفخار في التأريخ، حيث أشار إلى أن الملتقطات الفخارية من أكبر الدلائل على النشاط الحضاري الإنساني، ومنذ أن بدأ الاهتمام بالفخار كدلائل على التأريخ لفتت أنظار الآثاريين والمؤرخين العلامات والرموز والرسومات
والزخارف التي زخرت بها الأواني الفخارية، نظراً لإشاراتها الفنية والعملية والتأريخية حيث استفاد منها المتخصصون في تحديد الإطار الفني لكل شعب.
وشارك الباحث أحمد الطنيجي مدير عام دائرة الآثار والمتاحف في رأس الخيمة، الذي تحدث من خلال ورقة عمله عن حرفة الفخار في جبل حقيل برأس الخيمة. وقال إن خلال
السنوات السبعين الماضية كانت رأس الخيمة موطناً لصناعة وإنتاج الفخار، وكانت أكبر صناعات ما قبل النفط على أرض دولة الإمارات، ولفت إلى أن إنتاج الفخار بدأ حوالي عام 1300 ميلادي في رأس الخيمة، بدءاً من غيلان وشمل ومن ثم وادي حقيل، حيث لا تزال بقايا أفران الفخار موجودة حتى اليوم.
وهدف الملتقى الذي نظمه معهد الشارقة للتراث على مدار يومين، إلى المساهمة في تنمية الحرف والصناعات اليدوية بشكل دائم، ودعم الأفراد والجهات في مجال الحرف، وتبادل
الخبرات والتجارب والمهارات وتفاعلها، ونقلها إلى الأجيال القادمة.
وقال الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث في كلمة له بعد تكريمه للمشاركين في ملتقى الشارقة للحرف التقليدية إن الملتقى يركز هذا العام على الصناعات الفخارية، فللفخار أهمية كبيرة في التراث الشعبي والتراث الثقافي لكل أمة، حيث كان في دولة الإمارات شيئاً رئيسياً في الأواني المنزلية واواني الحفظ، كما أن الفخار منتج رئيسي متميز، وقد انحسرت صناعة الفخار في فترة لاحقة بسبب وجود بدائل
قد تكون أكثر عمراً من النحاس والمعدن”.
وأشار المسلم إلى أن المعهد يعمل على إعادة التوعية لأهمية صناعة الفخار، وننظم وننفذ ورش ودورات تدريبية، وإصدارات مهمة، منها 4 كتب عن التراث العربي والعالمي عن الفخار.
جدير بالذكر أن في جلسات اليوم الأول للندوات العلمية شاركت فيها الباحثة في التراث فاطمة المغني التي تناولت في الجلسة الأولى، الفخار في زينة المرأة في الإمارات، والباحث عبد الله عبد الرحمن، حيث تحدث عن الفخار في الذاكرة الشفاهية لأهل الإمارات، وأدار الجلسة، الدكتور محمد يوسف. أما الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور سالم البحري، فتحدث فيها الباحث في هيئة الآثار والمتاحف، خالد حسين صالح، عن
الفخار في الشارقة خلال العصور القديمة، والفنان التشكيلي الدكتور محمد يوسف الذيتحدث عن تشكيل الفخار، والطين والفخار في الإمارات، والباحث في معهد الشارقة للتراث، عزيز رزنارة الذي تناول تطوير الحرف التقليدية، وركز على الفخار كنموذج.
وشهد اليوم الأول تنفيذ ورش متنوعة عن الفخار وحزمة من الفعاليات والأنشطة من بينها سوق الفخار والمعرض المصاحب، واستهدفت الفعاليات المختصين والمهتمين بمجال التراث والحرف التقليدية، والمجتمع المحلي، وموظفي الحكومة المحلية في إمارة الشارقة، وطلبة المدارس الحكومية والخاصة في الشارقة.
هدفت الندوة العلمية “صناعة الفخار في الخليج العربي”، التي كانت إحدى محطات الملتقى الأساسية، إلى التعريف بحرفة الفخار وتطورها التاريخي وأهميتها في كتابة التاريخ الحضاري للشعوب، ومتطلبات هذه الحرفة وضرورتها الاجتماعية وأساليب صناعتها وتطورها، وأوجه الشبه والاختلاف بين نماذجها المختلفة، وصونها والحفاظ عليها كأحد عناصر الموروث الثقافي والاجتماعي.
وناقشت الندوة على مدار يومين عدة محاور، من أهمها: الفخار في المكتشفات الآثارية، والرموز في المقتنيات الفخارية ودلالاتها التاريخية والثقافية، ومتطلبات الحرفة وتقنيات
وشروط إنتاجها ومراحلها، ومنتجات حرفة الفخار ومسمياتها وأنواعها واستخداماتها، وأساليب صون واستدامة صناعة الفخار.