مسقط – وجهات|
أكدت غرفة تجارة وصناعة عمان في الأمسية الرمضانية الثالثة التي عقدت أمس الأول، والتي جاءت بعنوان “الضرائب وأثرها على التنمية الاقتصادية” على أهمية التطبيق العادل والمتوازن وتحسين كفاءة النظام الضريبي لتعزيز إسهام الضرائب في التنمية الاقتصادية وبما يحقق التوازن بين تحفيز بيئة الأعمال والاستثمار وتمويل الخدمات العامة.
رعى الأمسية معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد، وبحضور سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة الغرفة، كما حضر الأمسية عدد من أعضاء مجلس إدارة الغرفة، وأصحاب وصاحبات الأعمال.
وقال سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان: تعد الضرائب أحد الأدوات المالية الأساسية التي يعتمد عليها في تمويل النفقات العامة، ما يجعلها ليست مجرد تحصيل إيرادات وإنما لها دو محوري في تحقيق التنمية الاقتصادية وتوجيه الاقتصاد نحو النمو والاستقرار.
وبين الرواس أن توجيه الإيرادات الضريبية نحو تعزيز البنية الأساسية والخدمية يعزز بيئة الأعمال ويحسن مستوى المعيشة، وبالتالي يشجع الاستثمار ويحفز النمو الاقتصادي، إلا أن عدم وجود سياسة متوازنة للضرائب سيؤدي إلى إضعاف الحافز على العمل والاستثمار، مما يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال أو تراجع النشاط الاقتصادي خاصة وأن الضرائب المفرطة قد تؤدي إلى هروب الاستثمارات الأجنبية والمحلية إلى دول ذات معدلات ضرائب أقل فيما يعمل التهرب الضريبي على إضعاف الإيرادات الحكومية ويؤثر على تمويل المشاريع التنموية.
وأضاف: كما أن العدالة الضريبية تحفز على الامتثال وتعزز مناخ الأعمال، مما يساعد على النمو الاقتصادي المستدام.
السياسات الضريبية والاستثمار
وقدم صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد رئيس اللجنة الاقتصادية بغرفة تجارة وصناعة عمان ورقة عمل عن أثر السياسات المالية والضريبية في سلطنة عمان، استعرض من خلالها ملامح السياسة المالية لسلطنة عمان والتي تتضمن السياسة التنموية والصناعية والتي استثمرت الدولة من خلالها في البنية الأساسية، وأنشأت مناطق حرة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتنشيط القطاعات غير النفطية وضبط الإنفاق، حيث نفذت الحكومة إصلاحات مالية شملت إعادة توجيه الدعم تقنين منظومة التوظيف في القطاع العام للسيطرة على العجز، والإصلاحات المالية والتوازن المالي والتي تشمل إعادة توجيه الدعم وإدخال ضريبتي القيمة المضافة والانتقائية وإعادة جدولة الرسوم وتحسين كفاءة الانفاق العام.
كما استعرض رئيس اللجنة الاقتصادية بالغرفة في ورقة العمل أثر السياسات على النمو الاقتصادي والاستثمار من حيث الآثار الإيجابية التي تشمل ارتفاع الاستثمار الأجنبي وتنويع الاقتصاد مع وجود بعض التحديات التي تتضمن أن النمو الاقتصادي لا يزال هشا ومتقلبا أمام تغييرات أسعار النفط العالمية، كما تطرقت ورقة العمل إلى آثار الضرائب من حيث الانفاق الاستهلاكي والادخار وتأثيرها على الاستثمار، مبينا من خلالها أن تأثر النمو الاقتصادي بالضرائب يعتمد على الأدوات الضريبية ومدى كفاءتها وتدرجها وأعبائها وتختلف آثار أنواع الضرائب المباشرة وغير المباشرة على الأفراد والشركات من حيث الاستهلاك والاستثمار فيما يتوجب تعيين سياسة مالية وضريبية واضحة ومتزنة في النوع والكم مع مراعاة التجاذبات الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى أن كفاءة الانفاق الحكومي تعوض الفاقد من الاستهلاك والاستثمار بسب الآثار المباشرة وغير المباشرة للضرائب.
الضرائب والاستدامة
وقدم الدكتور خالد بن سالم السعيدي رئيس لجنة التظلمات ورئيس مجلس إدارة مركز التحكيم التجاري ورقة عمل حول دور الضرائب في تحقيق الاستدامة المالية، استعرض من خلالها الدور الذي تقوم به الضرائب كمصدر أساسي للإيرادات الحكومية، ما يوفر الاستدامة المالية التي تمكن الحكومة من إدارة مواردها المالية بطريقة تضمن استمرارية تقديم الخدمات العامة دون اللجوء إلى مديونية مفرطة أو عجز مزمن في الميزانية، حيث أن الضرائب توفر مصدرا ثابتا لإيرادات لتمويل الإنفاق الحكومي، كما يمكن للسياسات الضريبية أن تحفز الاستثمار والإنتاج، مثل تقديم إعفاءات ضريبية للشركات الناشئة والصناعات الاستراتيجية.
وبين السعيدي أن تحسين التحصيل الضريبي وتقليل التهرب، يمكن الحكومة من تقليل العجز في الميزانية مع دورها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال فرض ضرائب على سلع نوعية أو تعديل الضرائب على الاستثمارات، ما يمكن الحكومات من توجيه الاقتصاد نحو استدامة أكبر.
الضرائب والتنمية
من جانبه، قدم رشاد بن علي بن عبدالله المسافر المؤسس والشريك الإداري بشركة الآفاق المالية ورقة عمل عن الضرائب كأداة من أدوات السياسة المالية وأثرها على التنمية الاقتصادية وتمويل المشاريع الوطنية، مبينا من خلالها على محورية الضرائب في السياسة المالية، حيث تساهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتعزيز التنمية، وتمويل المشاريع الوطنية، مشيرا إلى أن نجاح السياسة الضريبية يعتمد على تحقيق توازن بين فرض الضرائب وتحفيز الاستثمار والاستهلاك، لضمان تحقيق أهداف النمو الاقتصادي دون التأثير السلبي على النشاط الاقتصادي العام. وتطرق المسافر إلى أهمية الإصلاحات الضريبية المستمرة وتكييفها مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، حيث أن ذلك يعَدّ ضرورة حتمية لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة، كما تم التطرق إلى تمويل الإيرادات الضريبية للعديد من المشاريع الوطنية التي تسهم في تحقيق التنمية المستدامة والتي على رأسها مشاريع البنية الأساسية التي تعزز من كفاءة النقل والتجارة وكذلك تحسين جودة التعليم والخدمات الصحية، مما يؤدي إلى رفع مستوى رأس المال البشري وتعزيز الإنتاجية وأيضا توفير الحكومة للدعم المالي للمؤسسات الناشئة.
وقد اقترحت ورقة العمل عددا من الآليات لاستخدام الضرائب في تحفيز الاقتصاد منها إعادة توجيه الإيرادات لدعم القطاع الخاص وضخ السيولة في السوق لدعم الأعمال، وخلق فرص عمل جديدة وتقديم إعفاءات ضريبية مؤقتة للشركات الناشئة والصغيرة وتحفيز الاستثمار من خلال سياسات ضريبية مرنة. وأكدت النقاشات على الدور المحوري للسياسات الضريبية في تعزيز بيئة الأعمال وتطوير الاستثمار، وأهمية تبني استراتيجيات ضريبية مدروسة لخلق مناخ استثماري جاذب يُساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتنويع الاقتصاد الوطني.