أسفار | خيبة أمل باريسية

بقلم | فاطمة بنت عبدالله العليان | كنت أنتقل ذات يوم بين برامج وسائل التواصل الاجتماعي، وقرأت معلومة أثارت استغرابي، فقررت أن أقرأ عنها المزيد، لكي أفهم حيثيات هذا الأمر وصحته من عدمه، فأسرعت إلى ” العم جوجل ” ليوافيني بما لا أعلم، تقول المعلومة: ” أن هناك ما يسمى بـ ” متلازمة باريس ” وهو اضطراب نفسي سبق وأصيب به سائحون يابانيون بعد زيارتهم باريس لأول مرة، أعراض هذا الاضطراب ليست بسيطة، فالمصاب بمتلازمة باريس تظهر عليه أعراض مثل القلق والهلوسة ومشاعر الاضطهاد والانفصال عن الواقع، بالإضافة إلى الدوار واضطراب دقات القلب والتعرق وغيرها .

حسناً، يعود سبب نشوء هذا الاضطراب حسب ما قرأته إلى عدة عوامل منها : فارق اللغة، والاختلاف الثقافي، والصورة المثالية لمدينة باريس والمنافية للواقع نسبياً، والتعب الشديد نتيجة استهلاك الكثير من الجهد والوقت في زيارة كل بقعة سياحية شهيرة.
لا أعلم أن كان اليابانيون حساسين بشكل مفرط، ولكنني زرت باريس قبل عامين، وكنت أحمل أيضا الصورة البراقة الجميلة عن مدينة الأنوار، في الواقع كان قلبي يخفق من فرط الشوق لزيارتها، فهذه باريس التي نسمع ونقرأ عنها منذ الطفولة، باريس التي تحوي برج إيفل الشهير وملاهي ديزني الخيالية، ومتحف اللوفر العظيم، ونهر السين التاريخي، والشارع الاسطوري الشانزليزيه، الذي يقع على رأسه قوس النصر الشامخ .
وأظن أن علي الاعتراف أن باريس التي رأيتها، تختلف نوعا ما عن الصورة التي حملتها في ذهني، رأيت برج إيفل ولم أشعر بالانبهار الذي انتظرته سنوات طويلة، والناس هناك يرتدون الملابس العادية ولا يخرجون بمعاطف الفرو الفاخرة وربطات العنق الثمينة كما تخيلت أن يحدث في عاصمة الأناقة أو كما ( تمنيت ربما )، ويوجد هناك الكثير من المتسولين في أكثر الأماكن ازدحاما بالسياح، ولا تملأ الأضواء شوارع هذه المدينة الساحرة كما ظننت.
لن أظلم باريس حقها، فهي مدينة جميلة وهادئة، تملأ شوارعها المقاهي وتصدح منها موسيقى الساكسفون، ويمكنك أخذ جولة في متحف اللوفر لتنبهر بكل ما تملك من حواس لما تراه من آثار متقنة ولوحات رائعة لم تكن تتخيل أن تراها يوماً ما، وأن ترى جمال البنيان وقدرة الانسان في قصر فرساي، وأن تركب على ظهر أحد السفن وتمخر عباب نهر السين وتستمع بمشاهدة مباني باريس القديمة، ولكنني أعترف أنني أصبت بعد زيارتها بما يمكن أن يوصف بـ ” خيبة أمل باريسية ” لا أكثر ونحمد الله أن الأمر لم يصل للإصابة بمتلازمة باريس .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*