لأقتفاء أثر الدروب القديمة .. المسارات الجبلية.. سياحة في بطون جبال عمان

أحمد العبري يطوف بالسياح عبر مسارات جبلية في تحد ومغامرة لاكتشاف جمال السلطنة

وزارة السياحة توثق وتجهز 12 مسارا جبليا موثقا للسياحة الجبلية

حوار- حمدان البادي  | يقتفي السياح أثر الدروب القديمة التي خطى عليها الإنسان العماني قديما في تنقلاتهم وتجارتهم وحياتهم ومعيشتهم، يعتلون قمم الجبال حين لم تكن هناك عوائق  تحول دون الوصول إلى أهدافهم ولأن” كثرة المشي تصنع الدروب” فإن السلاسل الجبلية من رأس مسندم في أقصى الشمال إلى رأس سمحان في أقصى الجنوب مليئة بالمسارات الجبلية القديمة. وإن ذهب الإنسان واسستقر في المدن بقت المسارات الجبلية بكل ما تحويه من جماليات حاضرة لتحكي تفاصيل الذين مروا الدروب، ومقصدا للسياح والمغامرين، فيما يعرف بالمسارات الجبلية trekking يقصدها السياح من مختلف دول العالم، حيث تتوغل بهم هذه الدروب إلى عمق الجبال كاشفة عن الكثير من التفاصيل في مشهد بانورامي.
أحمد بن محمد العبرى من ولاية الحمراء مدير التسويق والمرشد السياحي في شركة مغامرات الوادي، هو اليوم واحد من الشباب البارعين الذين يرشدون السياح والهواة في هذه المسارات. وقد خص جريدة “وجهات” بهذا اللقاء ليكشف لنا جانب متخصص في السياحة الجبلية وبعضا من تلك الدروب أو كما يقال لها المسارات الجبلية.

١٠١

دروب
يقول أحمد  العبري: المسارات الجبلية او ما يعرف ب trekking في السلطنة تم تصنيفها إلى نوعين النوع الأول المسارات الخاصة التي كان يرتادها الإنسان وهي الأكثر صعوب لصلابة إنسان ذلك الزمان وبحثة عن أقصر المسافات للاتصال بين جهتين، أما النوع الثاني فهو مسارات الدواب أي التي كان يسلكها الإنسان حينما يتخذ من الدواب رفيقا لحمل الأمتعة وهي الأسهل حيث أنها تمر بمسارات سهلة نوعاً ما تستطيع أن تمر بها قوافل الحمير.
ويضيف؛ سلسلة الجبال الممتدة من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال في السلطنة والتي أتخذها الإنسان العماني كسكن وملجأ يأوي إليه بماشيته وأيضا كدروب مختصرة بين القرى والمدن التي قصدها الإنسان العماني قديما لقضاء شؤون حياته، كل هذا ترك أثره في تلك الجبال، واليوم نحن نقتفي ذلك للسياحة والرياضة والمغامرة والاستكشاف من أجل التمتع بجماليات البيئة الجبلية برفقة سياح أتو من أقصى بقاع الأرض لأتباع تلك الخطى.
ويقول؛ بدأت في هذا المجال بشكل عملي منذ العام ٢٠٠٣ وقد عملت لفترة مع وزارة السياحة في توثيق هذه المسارات واليوم أدير شركة سياحية متخصصة في هذا الجانب السياحي ونستقبل سياحا من مختلف دول العالم يأتون خصيصا للقيام ب trekking في السلاسل الجبلية العمانية التي تجذبهم ويجدون بها متعتهم حيث نصحبهم كمرشدين ومدربين ولأن هناك نوعين من المسارات الجبلية فنحن بحكم الخبرة نحدد فئة السياح والمسار الذي يجب أن نأخذهم عبرها مثلا “اذا كانت هناك عائلة أو سياح من كبار السن نختار لهم المسار التي كان يستخدمها الإنسان مع الدواب وخاصة الحمير لانها تعتبر الاسهل.
وأشار أحمد العبري إلى أن المسارات الجبلية تختلف من مكان لآخر وذلك وفقاً لوعورة المنطقة الجبلية والمسافة التي تفصل بين نقطة البداية والنهاية وأيضا فروقات الارتفاع، لذا يعد كل مسار هو رحلة مستقلة وكلما كان فرق الارتفاع أكبر كانت الصعوبة أكبر.

١٠٣

توثيق
وتطرق العبري إلى الجهود التي بذلتها وزارة السياحية في توثيق بعض المسارات الجبلية حيث قال، قامت وزارة السياحة بتوثيق المسارات الجبلية كمسارات سياحية وتهيئتها بالخرائط واللوائح والعلامات الدالة في بداية ونهاية كل مسار، وأيضا أبرز المعالم السياحية التي تمر بها هذه المسارات، وقد اشتغلت وزارة السياحة على عدد 12 مسارا جبليا منها مسار W6 في جبل شمس ومسار W4 من جبل شمس إلى قمته وتسمى القنة وحيل سمد ومسار  W6A من قرية وادي غول إلى الخطيم بجبل شمس ومسارين في الحجر الغربي والحجر الشرقي من وادي طيوي إلى وادي بني خالد وهو أطول مسار بطول 28 كم ، وأيضا مشروعين في مسقط من حديقة ريام لسوق مطرح وأيضا في منطقة قنتب.
وعملت وزارة السياحة على توثيقها وتغطيتها بالخرائط واللوائح في بداية ونهاية كل مسار مع البيانات اللازمة عن مسافة المسار وجوانب الصعوبة وارشادات السلامة إلى جانب المشاهد السياحية التي يمر بها المسار والعلامات الدولية للسياح للاستدلال بها وأيضا قامت الوزارة باصدار كتيب لكل مسار حيث يمكن للمتمرسين في هذا النوع من السياحة أن يقتفوا أثر تلك الدروب من دون الحاجة لدليل أو مرشد سياحي وخاصة المسارات السهلة.

W6
وعن أشهر المسارات الجبلية تحدث أحمد العبري عن مسار جبل شمس W6 والذي يمر بقرية ساب بني خميس؛  فقال: أن شهرته تعود لارتباطه بجبل شمس وسهولة الوصول إليه، لذا السياح كثيرا يسألون عن الأنشطة التي يمكن تنفيذها في الجبل وأغلب السياح تفضل المسار W6 لأنه يمر بالفج العظيم،  كما أنه من أسهل المسارات، مسافته معقولة وقصيرة وقد تستغرق الرحلة به 3 ساعات ونص ويمكن للسياح أن يسلكوه بصحبة أطفالهم يمر بقرية ساب بني خميس المهجورة وفي نهايته يوجد مكان مخصص للتسلق لمن لا يرغب بالعودة من نفس المسار والباحثين عن المغامرة يختمون هذا المسار بالتسلق والذي يسمى “فيا فراتا” عبارة عن مسار تسلق مجهز بكيبل وما على السائح سوى احضار أدواته الشخصية، حيث ان المكان مجهز من قبل وزارة السياحة.

قوافل تجارية
وذكر العبري قائلا: كل مسار من هذه المسارات تحكي قصة وتاريخ المناطق التي تمر بها باعتبارها مسارات لقوافل تجارية مثل مسار مسفاة العبريين إلى وادي السحتن والمسار الواصل بين بهلا والرستاق والمسار الواصل بين جبل شمس ومسفاة العبريين وأيضا وادي السحتن وبلد سيت وكذلك المسار الذي يربط بين الجبل الأخضر ووادي مستل وقرية وكان، واليوم تعمل هذه المسارات على تنشيط الجانب الاقتصادي لسكان القرى التي تمر بها هذه الدروب حيث يستقبل الأهالي السياح بمنتجاتهم وبعض الأعشاب والزيوت التى تصنع من الأعشاب والأشجار الجبلية.
وفي الأخير أكد أحمد العبري؛  الأقبال على هذه المسارات يزداد سنويا ويتضاعف والأوروبيين هم أكثر السياح. كما أن العمانيين باتوا اليوم يخرجون إلى هذا النوع من السياحة، وهناك مجموعات سياحية من الشباب تختص بهذا النوع من الرحلات، وهنا أود أن أؤكد على ضرورة المحافظة على البيئة لهذا نحن نحرص على انتقاء السياح بعناية وذلك حفاظا على البيئة، حيث أن الكثير من السياح يتركون مخلفاتهم في تلك المسارات وهي بعيدة وبالتالي يحول دون تنظيفها مما يضر بالبيئة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*