خليفة البوسعيدي: مسندم تسعى لاستقطاب مليون سائح في 2040

حوار – ناجي السعيدي /

مسندم، البوابة الشمالية للسلطنة والمنفذ العالمي لشبه الجزيرة العربية و” لسان من الأرض داخل البحر ” كما وصفها الانجليزي شالز راثبون في كتابه ( أرض الشمس) عام 1918م، وقبله دونها البريطاني مايكل هاوتن في كتابه ” مسح شواطىء الخليج الفارسي وجزره، 1820 – 1829 ” بعد أن زار مدنها وقراها.

 مسندم.. عرفت منذ القدم بجزرها المتناثرة في الخليج العربي وبحر عمان وبأخوارها المنتشرة وحصونها وآثارها الشاهدة لتاريخ عريق.

استراتيجية الشاملة

مسندم.. الحاضرة تنعم بالعديد من المقومات السياحية لزوارها كالتخييم في المواقع الجبلية والشطآن وركوب القوارب والسفن التقليدية والغوص في الشواطىء المرجانية ومشاهدة الدلافين والعديد من المواقع السياحية، هذا ما أشار إليه محافظ مسندم السيد خليفة بن المرداس البوسعيدي في حديثه ل ” وجهات “.
وقال بأن المحافظة ينتظرها مليون و200 ألف سائح بحلول عام 2040م . وأضاف: نعول على المقومات السياحية الموجودة في محافظة مسندم الكثير من التطلعات والأمنيات للنهوض بالقطاع السياحي ورفده للاقتصاد الوطني في السنوات القليلة القادمة، مشيراً إلى أن المحافظة تتمتع بتضاريس طبيعية سياحية وواجهات بحرية خلابة تثري الجانب السياحي وتدعم تطلعات الحكومة في هذا الجانب بالإضافة إلى التراث التاريخي الثري التي تنعم به محافظة مسندم والموروثات الحضارية القديمة وهناك دراسات وخطط للرقي بهذه المقومات وتمكين دور السياحة في المساهمة في الاقتصاد وتعزيزه في التنمية المستدامة، حيث يوجد عدد من الخطط والبرامج التنموية في هذا الشان كزيادة عدد الفنادق والغرف الايوائية وإيجاد مساحات أو استراحات على عدد من الشوارع الرئيسية بين ولايات المحافظة ووضع مناظير ( تليسكوب ) ليتمكن السائح من مشاهدة الطبيعة العمانية عن قرب.

وخص السيد خليفة البوسعيدي قراء ” جهات ” على ملامح الاسترتيجية الشاملة لمحافظة مسندم قائلا: كما تعرفوا هناك استراتيجية خاصة بالمحافظة بدأت من هذا العام ( 2015 ) وتنتهي عام 2040 بمشيئة الله وهي تتطلع لزيادة عدد سياح ورواد محافظة مسندم ليكون في حدود مليون و200 ألف سائح سنويا مع الانتهاء الاستراتيجية مضيفا بأن أهم مرتكز للاستراتيجية الشاملة لمحافظة مسندم هو العامل السياحي وهو المعول الأول والقطاع الاكبر التي سيتم الاعتماد عليه في الاستراتيجية، وبالتالي هناك توجهات لدعم هذا القطاع من خلال زيادة عدد المنشآت السياحية الموجودة في المحافظة والمقومات السياحية واستغلالها الاستغلال الامثل وبشكل أفضل عما موجود حاليا، كما ترتكز الاستراتيجية بالاضافة إلى القطاع السياحي قطاع الثروة السمكية والقطاع التجاري وعدد من الجوانب مثل الجوانب العمرانية والتخطيط العمراني في المحافظة وبالتالي سيكون هناك مثلا أماكن مخصصة للجوانب السكنية والجوانب التجارية وتحديد ارتفاع المباني في بعض الأماكن، وأحداث نقلة على مستوى البحري والبيئي الموجود حاليا بمعنى آخر سيكون هناك واجهات بحرية موانئ وشوارع معبدة بلمسات جمالية تناغمية مع مضامين الاستراتيجية، مضيفاً بأن ميناء دبا اعتمدت ميزانية توسعته ولم يبق سواء الانتهاء من الجوانب الفنية قبل تنفيذ التوسعة .

بوابات سياحية

وعن مطار خصب وما يمثله من بوابة سياحية حالية ومستقبلية تحدث سعادته قائلا : مطار خصب في الوقت الحالي يشهد توسعات جيدة إلى حد ما من حيث تعريض  المدرج وإضافة أجهزة ملاحية وإضاءة ليلية لكي تستطيع الطائرات الهبوط ليلاً وهذه التوسعات التي ستنتهي بعد سنة تقريبا رغم أنها ليس هي طموحاتنا لعام 2040 لكنها ستستوعب طائرات أكبر من الطائرات الحالية، مضيفاً بأن هناك خطة جادة لجعل مطار خصب مطارا دوليا وتوسعته بحيث يمكن استقبال الطائرات الأكبر من مختلف الدول وبالتالي فتح آفاق وأبواب أخرى للسياحة لمحافظة مسندم، ولكن هذا يعتمد على الدراسات الفنية التي تقوم بها الجهات المختصة في الوقت الحالي حيث لدينا خيارين أثنين لتطوير مطار خصب الخيار الأول توسعة المطار الحالي إذا جاءت نتائج الدراسات الفنية إيجابية أما الخيار الثاني هو إيجاد موقع بديل لإقامة المطار كإجراء أولي حيث تم من الناحية المبدئية اختيار ثلاثة مواقع بديلة ويتم حاليا دراسة الايجابيات والسلبيات في كل موقع ليمكننا أن نحدد أي موقع مناسب في حال اضطررنا لتغيير موقع المطار الحالي، مشيراً : من الصعب تحديد موعد معين للمطار المستقبلي للمحافظة لأن هذا يعتمد على الدراسات الفنية القائمة حاليا كما ذكرت سابقا، وفي نفس السياق قال السيد خليفة بن المرداس البوسعيدي: أن المدرج الترابي الموجود بولاية دبا نحاول أن نفعله بطريقة أو باخرى حتى يستوعب نقل المواطنين من والى الولاية، والآن في طور التنسيق الحكومي في هذا الشأن وبعدها سنحدد متى يمكننا أن نفعله .

وتطرق محافظ مسندم للطريق المعبد الذي سيربط ولايتي خصب ودبا كأحد المشاريع الحيوية التي ستنعش الجانب السياحي بين ولايات المحافظة، فقال: إن هذا الطريق من المشاريع الهامة التي سيبدأ تنفيذها هذا العام 2015 ولمدة أربع سنوات وهو من الطرق الصعبة بحكم تضاريس المنطقة الجبلية حيث أنه يحتوي على سبعة انفاق وسبعة عشر جسراً على امتداد 65 كيلومترا، وسيكون الشارع باتجاه واحد على أن يهيأ لتحويله إلى مزدوج مستقبلا .

دور العبارات
وقال السيد خليفة البوسعيدي : تلعب العبارات دورا إيجابيا في دعم قطاع السياحة في المحافظة وهو ما عمل على إيجاد نقلة نوعية في عملية المواصلات إلى المحافظة من خلال الراحة المقدمة للمسافرين عن طريق هذه العبارات والخدمات المتوفرة وذات مستوى عالي من الضيافة، مما زاد من عدد مستخدمي هذه العبارات وفي المقابل زادت عدد رحلاتها إلى ثلاث رحلات اسبوعيا وفي أوقات الاجازات لا تجد حجوزات في بعض الأحيان وبالتالي الاعتماد على هذه العبارات في التنقل من وإلى محافظة مسندم من المواطنين والسياح أوجد بديلا وخيارا مناسب للتجول بين محافظات السلطنة ككل، وأضاف : كما تستقبل المحافظة السفن السياحية العملاقة بشكل اسبوعي وهذا في الحقيقة شكل تحديا إضافيا علينا، لأنهم يحتاجون إلى تسهيلات ومنظومة متكاملة لجذب هؤلاء السياح والمكوث لفترة أطول في المحافظة وهذا ما نسعى إليه في الاستراتيجيات والخطط للنهوض بالقطاع السياحي .

السياحة البيئية والتاريخية

وتطرق محافظ مسندم في حواره مع “وجهات ” إلى المقومات السياحية البيئية فقال : المقومات البيئية مهمة جدا وعلينا المحافظة عليها والاهتمام بها وتوعية الآخرين بها، ونحن في المحافظة نمتلك من أجمل الشعب المرجانية على مستوى العالم من خلال تنوع الألوان بها وكثير من السياح يأتون إلى المحافظة لممارسة رياضة الغوص والسباحة بالقرب من هذه الشعب المرجانية والاستمتاع بها. مؤكدا أن هذه الجزئية البيئية علينا رعايتها أكثر وتكثيف الحملات لتنظيفها من المخلفات وغيره.
وكشف عن وجود توجه من المجلس البلدي بالمحافظة لعمل دراسات عن هذه الجزئية والجزئيات البحرية الأخرى ومن ضمنها الشعب المرجانية لتطويرها بيئياً وكيفية الاستفادة منها سياحياً أيضا، مضيفا : بالطبع لا ننسى الدلافين كأحد العوامل البيئية في المحافظة والذي يحرص السائح للمحافظة لمشاهدتها والتقاط الصور لها .

وعن السياحة التاريخية ثمن السيد خليفة البوسعيدي الجهود التي تقوم بها وزارة السياحة ووزارة التراث والثقافة لتطوير الحصون والقلاع في السلطنة والخطوات التطويرية الحديثة التي لم تكن موجودة في السابق كالمحلات الصغيرة والمرشد السياحي الذي يتحدث أكثر من لغة، فالسائح حينما يزور القلاع الآن يجد كافة ما يحتاجه تقريبا عند زيارته لهذه القلاع والحصون، مشيراً إلى أن المحافظة تعد ثالث أعلى معدل زيارة السياح للقلاع والحصون بعد الداخلية وجنوب الباطنة حيث تملك موروثا حضاريا نفتخر به جميعا، فكل سائح يأتي للمحافظة لا بد من زيارة حصن خصب والاطلاع على ما يحتويه من أرث وتراث حضاري.  مؤكداً بأن الجانب التراثي جانب مهم ولا بد التركيز عليه والاسراع في تنفيذ مشاريعه واستثماراته، وفي هذا الإطار توجد فكرة لإنشاء مقر في المواقع الحدودية يبيع مشغولات يدوية وتراثية ، بالاضافة إلى توزيع الدليل السياحي عن أهم ما يميز المحافظة ومقوماتها السياحية نتمنى أن ترى النور قريبا .

فنادق جديدة

وعن الفنادق والمنتجعات السياحية في المحافظة، قال السيد خليفة البوسعيدي : تملك المحافظة 8 فنادق بمستوياتها المختلفة و499 غرفة إيوائية، وهي غير كافية في موسم السياحة بالمحافظة ولكننا نحن بحاجة إلى وجود فنادق ذات مستوى عالي ونوعي في نفس الوقت فمثلا منتجع الحواس الست يمثل من المنتجعات العالمية لأنه ذات مواصفات مختلفة وكثير من نزلائه قد لا يكونوا سمعوا عن المنطقة الإ أنهم يعرفوا منتجع الحواس الست بسبب نوعيته المتميزة، حتى يلاحظ أن نزلائه من رؤساء دول ومسؤولين حكوميين بكافة مستوياتهم ومشاهير هوليوود وغيرهم من النجوم ، فنحن نأمل من خلال وجود نوعية معينة من المنتجعات السياحية إيجاد بيئة خاصة بنا والمحافظة تمتلك هذه الميزة بسبب تضاريسها المختلفة.

وركز محافظ مسندم على دور مجالس البلدية في محافظات السلطنة واهمية ان تفعل اختصاصات المجالس لتكون أكثر ايجابيا مما هو عليه حاليا، فقال : كما تعلمون ان تجربة مجالس البلدية جديدة في السلطنة ولديها تقريبا ثلاثين اختصاصاً ومن ضمنها بالطبع الجانب السياحي وأقيمت مؤخرا ندوة لتعزيز دور المجالس البلدية وتقييم تجربتها هل قائمة بدورها الصحيح ولكن مع هذا كله علينا أن ندعم هذه المجالس وتفعل بشكل أكبر وأشمل حتى تمارس واجبها وترفع مقترحاتها ودراستها والنظر اليها وأخذها بعين الاعتبار وتنفيذها إذا ما وجدت ذات جدوى.

مضيق هرمز

وعن مضيق هرمز وكيف يمكن استغلاله كوجهة سياحية قال السيد محافظ مسندم: نعم نحن نملك أشهر مضيق على مستوى العالم وما زال غير مستغل بالطريقة الصحيحة، وعلينا كمسؤولين التفكير الى إمكانية استغلاله سياحيا كأحد المعالم الطبيعية وذلك مثلا بتنظيم رحلات إلى منطقة قريبة من المضيق واقامة بعض الفعاليات والأنشطة للسياح، نعم هي ما زالت فكرة وعلينا دراستها من كل النواحي الفنية وغيرها بعناية قبل الشروع إلى تنفيذها فهي استراتيجية شاملة على جميع الأطراف ذات العلاقة العمل عليها ودراسة مثل هذه الأفكار للاستفادة من المضيق وغيرها من المعالم الطبيعية .

وعن أهم التحديات التي يواجهها قطاع السياحة في المحافظة ذكر السيد خليفة البوسعيدي بأن أبرز التحديات هي التضاريس والبيئة الطبيعية للمنطقة مؤكدا بأن البنية الرئيسية شبه مكتملة ولكنها ثقيلة في عملية أن البيئة صعبة جداً من ناحية التضاريس وبالتالي تكلفة المشاريع باهضة، وبالنسبة لوفرة الأراضي الاستثمارية فنأمل في الفترة القادمة أن تكون هناك مجموعة أخرى من المواقع التي تصلح للاستثمار السياحي.

دعوة للاستثمار

ووجه السيد خليفة البوسعيدي رجال الأعمال والمستثمرين دعوة للاستثمار في المواقع السياحية التي طرحتها وزارة السياحة مؤخراً داعياً الجهات المعنية إلى تهيأة مواقع أشمل ليس فقط في ولاية خصب ولكن في ولايات المحافظة.
وقال البوسعيدي: كثير من المستثمرين ورجال الأعمال لديهم الرغبة إذا وجدوا المواقع المناسبة للاستثمار. مؤكدا ان منتجع الحواس الست استثمار خاص، وفندق أليلا الذي يتم انشاءه في الوقت الحالي هو استثمار عماني خليجي وكذلك فندق ديوان الامير ذي الاربعة نجوم هو قطاع خاص؛ بالاضافة الى فنادق ذات نجمتين ونجمة واحدة كلها استثمار القطاع الخاص.

وتحدث السيد خليفة البوسعيدي عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في دعم القطاع السياحي بالمحافظة قائلا : ما زال دور هذه المؤسسات متواضع إلى حد ما وبالتالي هي بسيطة في دخلها وصغيرة في حجمها والسبب يكمن في قلة الكثافة السكانية في المحافظة وبسبب دخل الفرد الذي نحاول من خلال الاستراتيجية الشاملة ان تنميته ولتوسيع مصادر الدخل الأخرى، فالتوجه الآن ينصب في الرقي بهذه المؤسسات والاهتمام بما تقوم به من دور من خلال تحفيزها وتوفير التسهيلات والامكانيات المتاحة لها من خارج المحافظة كإدخالها في شراكة مع مستثمرين آخرين وبالتالي توسعة من استثمارها والارتقاء بأعمالها، كما ان هناك توجه آخر وهو إنشاء شركة أهلية بمحافظة مسندم على أن تكون المؤسسات الصغيرة والمتوسطة رافدا لها وشركاء فيها بجانب الدعم المتواصل لتطوير منتجات هذه المؤسسات وتعزيز أعمالها وامكانياتها .

وعن عدم وجود مركز تجاري ترفيهي في المحافظة قال السيد خليفة البوسعيدي ان السبب قلة القوة الشرائية وبالتالي عدم وجود جدوى اقتصادية تشجع القطاع الخاص في هذا المجال موضحاً أهمية مثل هذه المشاريع وبالتالي الفكر يتجه لإيجاد وسائل توافقية مشجعة للقطاع الخاص للقيام بمثل هذه المشاريع من خلال توفير تسهيلات حكومية معينة، وتابع حديثه قائلا : وحتى عندما جاءت فكرة إقامة مركز اللولو في ولاية خصب لم تكن دراسة الجدوى ايجابية ولكن رغبة من الحكومة في تسهيلها وبالتعاون مع اللولو تم إنشاء مركز اللولو والآن وبعد مضي سنوات بسيطة من إقامته نستطيع أن نقول أنه مركز رابح إلى حد ما، مضيفا: يوجد هناك توجه لعمل إضافات نوعية بالمركز كإنشاء مقهى ومطعم عماني وغيرها من الجزئيات التطويرية التي من مؤمل أن تكون متنفسا لسكان الولاية وسائحيها .

الإعلام ودوره في السياحة

وعن دور الاعلام ونقله الصورة الحقيقية عن مقومات السياحية في المحافظات قال السيد خليفة البوسعيدي: أصبح دور الاعلام بمختلف وسائله حتى مواقع التواصل الاجتماعي أفضل في السنتين الماضيتين عما كان عليه في السابق من خلال إيجاد مكتب للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون والزيارات المتكررة للصحفيين للمحافظة سواء للتغطيات الاعلامية أو الزيارات الشخصية الخاصة حتى أنني لاحظت في الفترة الماضية مقالات وأعمدة تتحدث عن محافظة مسندم، مشيراً إلى أن الندوات والاجتماعات المختلفة التي تقام في المحافظات لها أثرها الطيب في تداخل الصحفيين وتكرار زياراتهم للمحافظات، مما يؤثر في نقل الصورة الحقيقية لما تنعم به المحافظات من ركائز تنموية أساسية ليس فقط على نطاق القطاع السياحي بل جميع القطاعات التنموية المستدامة .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*