ختام مشروع تثبيت أجهزة تتبع لحيتان بحر العرب الحدباء

مسقط – وجهات | 

اختتمت جمعية البيئة العُمانية بنجاح المرحلة الأخيرة من برنامجها لتثبيت أجهزة تتبّع حيتان بحر العرب الحدباء، وذلك في إطار تعاونها مع شركة المحيطات الخمسة للخدمات البيئية. وبدأ هذا البرنامج البيئي الهادف في عام 2014، حيث تمّ حتى وقتنا الحالي تثبيت أجهزة التعقب على 14 حوتاً في مياه السلطنة.

ونجح فريق الباحثين المحليين والدوليين من تثبيت خمسة أجهزة تتبع إضافية على مجموعة من الحيتان المنتشرة في خليج مصيرة خلال الأسبوعين الماضيين لمتابعة حركتها في المياه العُمانية. وساهمت هذه العملية التي جاءت بدعمٍ من شركة النهضة بتزويد المختصين بمعلوماتٍ مهمة قد يستغرق جمعها عدة شهورٍ من العمل الميداني. وتقوم تلك الأجهزة بإرسال إشارات لاسلكية في كل مرة تصعد فيها الحيتان إلى سطح البحرويمتد عمل هذه الأجهزة لمدة تتراوح بين شهرٍ واحد وحتى أربعة شهور، بحيث يتم استخدام البيانات لاحقاً لوضع خرائط توضيحية من أجل التعرف على طبيعة ومسار حركتها، وأماكن تجمعها، وأنماط حياتها في أعماق البحر.

وتشكل حيتان بحر العرب الحدباء مجتمعاً فريداً في مياه السلطنة، حيث أنها تستقر هناك منذ ما يقرب من 70 ألف عام ولم تهاجر منذ ذلك الوقت. كما أنها مدرجة ضمن ’الأنواع المهددة بالانقراض‘على القائمة الحمراء للاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة ومواردها؛ إلّا أن هناك توصياتٍ برفع تصنيف هذه الفصيلة إلى درجة ’الأنواع المهددة بالانقراض بشكلٍ خطر‘. وتقدر أعدادها بأقل من 100 حوت في المياه الإقليمية العُمانية، وهو رقمٌ غير مؤكد نتيجة لاعتماده على معلوماتٍ قديمة تم جمعها بين أعوام 2000 و 2004. وعلى هذا الأساس، فقد واصلت جمعية البيئة العُمانية عملية جمع البيانات وتحليلها منذ ذلك الحين على أمل إصدار أرقام جديدة بحلول

نهاية العام القادم. وإن من شأن ذلك إعطاء فهم أوضح حول طبيعة هذه المخلوقات وسلوكها في التكاثر من حيث الزيادة أو النقصان، فضلاً عن المساهمة في وضع الخطط اللازمة لحمايتها والحدّ من تناقص أعدادها في النظام البيئي.

وقالت سعاد الحارثي، مديرة المشاريع في جمعية البيئة العُمانية: ساهم تعاوننا مع شركائنا المحليين والدوليين على مدار الأعوام العشرة الماضية بتكوين فهم كبير لمجتمعات الحيتان والدلافين في عُمان. ونظراً لتفرّد حيتان بحر العرب الحدباء من حيث استقرارها في مياهنالما يقارب سبعين الف عاما، فإنه يترتب على ذلك مسؤولية كبرى على السلطنة والدول الأخرى المطلة على السواحل الشمالية الغربية للمحيط الهادي، حيث يجب أن تتضافر جهودنا جميعاً من أجل إيجاد أفضل السبل للحفاظ عليها وترك إرثٍ غني لأجيالنا القادمة.

وأضافت: لا شك بأن أبحاثنا المتواصلة وإلمامنا بالمخاطر المحدقة بهذه الحيتان مثل الأنشطة التنموية المفرطة على السواحل، والاصطدام بالسفن، والصيد الجائر، والتلوث الضوضائي، وغيرها،ستمكّننا من صياغة توصيات فعالة للحكومة وغيرها من القطاعات المعنية للحيلولة دون الإضرار بها في أوقات تجمعها؛ الأمر الذي سيكون له آثارٌ إيجابية على جهودنا الوقائية فضلاً عن تعزيز نموّ الأنشطة الاقتصادية الأخرى كالصيد والشحن والسياحة.

من جانبه، قال ستيفن توماس، الرئيس التنفيذي لشركة النهضة للخدمات، والتي قامت بتمويل المشروع منذ عام 2011:لقد حصلنا على نتائج نوعيّة من خلال الأبحاث العلمية وعمليات المراقبة التي قمنا بها لحركة وتصرفات حيتان بحر العرب الحدباء، بحيث نستطيع الآن فهم مدى حساسية موائلها وطبيعة التهديدات التي تتعرض لها. ولا شك بأن الوقت قد حان لاستخدام ذلك الكم الهائل من البيانات من أجل وضع خطة فعليّة محكمة لحماية تلك المخلوقات التي تشكل جزءًا لا يتجزأ من منظومتنا الحيوية وأضاف: حظيت هذه المبادرة بقبولٍ واسعٍ على المستويين الإقليمي والعالمي، كما أثمر تعاوننا مع جميعة البيئة العُمانية بالعديد من النتائج الواعدة.

جديرٌ بالذكر أنّجمعية البيئة العُمانية قد ركزت جهودها البحثيّة على هذا النوعٍ الحيويّ الفريد عبر عقد شراكاتٍ استراتيجيّة مع عددٍ من المؤسسات المحليّة والدوليّة التي تضم كلّاً من وزارتيّ البيئة والشؤون المناخية والزراعة والثروة السمكية، وشركة المحيطات الخمسة للخدمات البيئية. كما وثقت تعاونهاخلال هذا العام مع عدّة جهات جديدة تشمل مؤسسة سميثسونيان الأمريكية، وشركة ’بلو بلانيت مارين‘ من نيوزلندا، وجمعية الثدييات البحرية في سلوفينيا. وحظيت المبادرات الريادية التي تنفذها الجمعية في مجال حماية التنوع الحيوي في عُمان بإشادة عالمية، إذ أنّها تلعب دوراً مهماً ضمن شبكة أبحاث حيتان بحر العرب (ASWN)، والتي تضم بدورها لفيفاً من العلماء والمؤسسات غير الحكومية الهادفة إلى جمع المعلومات، وتبادل الآراء والخبرات، وزيادة الوعي لحماية مجتمعات الحيتان. وتلتزم الجمعية بمواصلة برنامجها الرائد لأبحاث الحيتان والدلافين للوقوف على أهم الأنشطة الإنسانية الضارة بالمخلوقات البحرية، وصياغة الاستراتيجيات الفعالة للحدّ منها بما يضمن مستقبلاً أكثر إشراقاً واستدامة لكافة الأطراف.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*