السياحة العمانية.. آفاق مستقبلية لتنويع مصادر الدخل الوطني

مسقط – وجهات /

تتمتع سلطنة عمان بمقومات سياحية عديدة ومتميزة بموقعها الوسيط كبوابة بين شرق العالم وغربه، وتاريخها وحضارتها القديمة التي تواصلت منذ وقت مبكر مع مراكز حضارية أخرى في عالمنا عبر البحار التي تفوق العمانيون في ارتياد آفاقه إلى أقصى الشرق والغرب، والكثير من المواقع الأثرية الشاهدة على عظمة هذا التاريخ ومكانة من صنعوه وصاغوا مفرداته.

فضلا عن التنوع البيئي ما بين السهل والجبل والنجد والساحل، ذلك الذي يتيح تباينا مناخيا يوفر شمسا ساطعة دافئة في الشتاء بالبوادي والحواضر، ونسائم عذبة خالية من الرطوبة مع حرارة معتدلة صيفا في الجبل الأخضر، مع الرياح الموسمية ورذاذ المطر والغيوم والنسيم المنعش في موسم الخريف بمحافظة ظفار.

وكان

 

 

كما تبذل السلطنة جهودا كبيره من أجل تنويع مصادر الدخل ، واستثمار كافة المقومات السياحية التي تزخر بها السلطنة، تكمل وزارة السياحة مسيرتها نحو تطوير القطاع السياحي بالسلطنة والذي شهد نمواً ملحوظا خلال السنوات الماضية، على كافة الاصعدة سواء على مستوى ارتفاع أعداد الزائرين لمختلف الوجهات بالسلطنة، أو على مستوى تضاعف عدد المنشآت السياحية والنمو الذي تشهده البنية الاساسية للقطاع السياحي، والذي شهد تطورا ملموسا خلال أكثر من أربعة عقود فائتة من عمر النهضة المباركة بقيادة جلالة السلطان المعظم، حفظة الله ورعاه ، والتي استطاعت من خلالها السلطنة أن تصبح وجهة سياحية معروفة وجاذبة للعديد من الأسواق السياحية الاقليمية والآسيوية والأوروبية.

وتشير الاحصائيات الحديثة لوزارة السياحة إلى ارتفاع عدد السائحين خلال الربع الثالث من العام الجاري الى 568 الف و347 سائح ، بزيادة قدرها 10.4 % عن نفس الفترة من العام السابق 2013 م . بينما ارتفع عدد السائحين خلال الفترة من يناير الى سبتمبر من العام الجاري 2014م الى مليون و575 الف و882 سائح مقارنة بمليون و408 الف و940 سائح زاروا البلاد في نفس الفترة من العام الماضي 2013م، وبنسبة ارتفاع قدرها 12%.

نمو المنشآت الفندقية

تشير إحصائيات الوزارة الى أن توزيع المنشآت الفندقية في السلطنة شهد نمواً مستمراً وما زال، مع اتساع رقعة العمران واعمال البنية الاساسية، حيث ارتفع عدد تلك المنشآت من 282 منشأة العام 2013 الى 288 خلال العام الجاري، بينما ارتفع عدد الغرف من 14 الف و369غرفة خلال عام 2013 الى 14 الف و812 غرفة خلال العام الجاري .

كما ارتفعت ايرادات الفنادق من فئة الاربع والخمس نجوم خلال الربع الثالث من العام الجاري 2014 م الى 27 مليون و659 الف ريال عماني ، مقارنة بما قيمته 24 مليون و697 الف ريال عماني في نفس الفترة من العام الماضي بزيادة قدرها 12% ، وكذلك ارتفعت ايرادات الفنادق من ذات الفئة في الفترة من يناير الى سبتمبر 2014 الى 114 مليون و096 الف ريال، بزيادة قدرها 9.8% . كما بلغت نسبة الاشغال في الفنادق 4 و 5 نجوم خلال العام الجاري ما يقارب من57.5% .

القلاع والحصون

وباعتبار أن القلاع والحصون من أهم الوجهات السياحية في السلطنة ، ونتيجة للجهود المبذولة في تطويرها، فقد استمر ارتفاع عدد الزائرين السياح من مختلف الجنسيات، حيث ارتفع اجمالي الزوار خلال الربع الثالث من العام الجاري الى 21 الفا و394 زائرا، بزيادة قدرها 13.1 % عن نفس الفترة من العام 2013 والتي بلغ عدد زوار القلاع والحصون خلالها 18 الفا و923 سائحا، كما بلغ عدد الزائرين خلال الفترة من يناير الى سبتمبر العام الجاري 2014م عدد 164 الفا و989 سائحا، وبلغ العدد خلال نفس الفترة من العام الماضي 130 الفا و507 سائحا بنسبة زيادة قدرها 26.4% .

ومن جهة أخرى استقبلت محمية السلاحف برأس الجنز، خلال الربع الثالث لعام 2014م حوالي 7027 سائحا ، بنسبة زيادة بلغت 40% عن نفس الفترة العام الماضي، حيث استقبلت 5021 سائحا، بينما بلغت نسبة الزيادة خلال الفترة من يناير الى سبتمبر من العام الجاري 36% عن نفس الفترة من العام الماضي .

مشاريع سياحية

وتعكف الوزارة بالتنسيق مع الشركات والجهات ذات العلاقة على تطوير وتنمية عدد من المشاريع السياحية سواء ذات الطاقة الاستيعابية الكبيرة والمشاريع الضخمة، او المشاريع الصغيرة والمتوسطة، منها ما انتهى تنفيذه وتم افتتاحه كمطعم الكهف الذي يعد الأول من نوعه اقليميا ، ويضم 6 مطاعم مغطاه ، واصبح منذ افتتاحه مزاراًسياحياً مميزاً وفريدا من نوعه.

أما مشروع سرايا بندر الجصة – أحدث مجمع سكني سياحي متكامل قيد الانشاء في السلطنة – فقد حظي باقبال غير عادي منذ بدء الاعلان عن تنفيذه، والذي يضم عددا من الفنادق الفاخرة والمناطق السكنية ومركزا ترفيهيا وحديقة كبيرة ، كما أن المشروع فاز مؤخرا بجائزة العقارات العربية 2013، وهي واحدة من الجوائز العالمية المرموقة في المجالات العقارية .

كما وقعت السلطنة ممثلة في وزارة السياحة وشركة أوماجين ( omagine ) شركة مساهمة عمانية أمريكية على تطوير وتصميم وتشغيل وامتلاك مشروع تنموي سياحي ترفيهي وعقاري ضخم أطلق عليه مشروع (أوماجين) وعلى مساحة تبلغ مليون متر مربع في محافظة مسقط، في إطار جهود الحكومة لتطوير القطاع السياحي في السلطنة وتوفير المنشآت الإيوائية والمرافق الترفيهية النوعية، بما يواكب النمو المتزايد في الحركة السياحية إلى السلطنة، ويعد المشروع أحد المشاريع الاستثمارية السياحية الكبرى التي ستنفذ بشراكة استثمارية بين مستثمرين من داخل السلطنة وخارجها، إيمانا بأهمية جذب الاستثمارات في القطاع السياحي خاصة في المشاريع ذات القيمة المضافة.

ويعكس المشروع الأبعاد السياحة والتراثية والترفيهية والسكنية على السواء بما في ذلك بناء فنادق عالمية ومجمعات تجارية ومحلات تجزئة إضافة إلى وحدات سكنية سوف يتم إنشاؤها وطرحها للبيع، ويطل المشروع على بحر عمان ويبعد عشرة كيلومترات من مطار مسقط الدولي.

أحد مكونات المشروع الرئيسية حديقة تتكون من سبع لآلئ ، قطر كل لؤلؤة حوالي 60 قدما ولكل واحدة منها قصة تحكيها، فإحداها تبرز الوجه الحضاري والسياحي لعُمان، وأخرى تتحدث عن الثقافة وعادات الشعوب، وثالثة عن الاختراعات والابتكارات. أما اللؤلؤة الرابعة فهي عن الطاقة، والخامسة عن عالم البحار، أما السادسة عن الأرض، والسابعة عن السماء، بالإضافة إلى ذلك فإن المشروع يحتوي على فندق 5 نجوم وآخر 4 نجوم، وعلى مسرح مفتوح وشقق فندقية وفلل ومرفأ صغير ومطاعم وخدمات أخرى مصاحبة.

مشروع رأس الحد

كما وقعت وزارة السياحة مع شركة الديار القطرية على اتفاقية تطوير مشروع رأس الحد في ولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية وتشمل المرحلة الأولى إنشاء فندق 5 نجوم من 100 غرفة، إلى جانب 50 فيلا فندقية، و150 فيلا سكنية، ومنطقة للسوق بمساحة 7 آلاف متر مربع، ويتوقع الانتهاء من هذه المرحلة بنهاية العام 2018. بينما ستشمل المرحلة الثانية إضافة 100 غرفة فندقية جديدة بتصنيف 5 نجوم، فضلاً عن 196 فيلا سكنية ومركزاً للحياة البرية على مساحة تزيد عن 10 آلاف متر مربع، بينما تتضمن المرحلة الثالثة إضافة 200 غرفة فندقية جديدة، إلى جانب 50 فيلا فندقية و179 فيلا سكنية، فضلاً عن تطوير سوق آخر بمساحة تتجاوز 16 ألف متر مربع، إضافة إلى مركز متخصص للحياة البحرية.

أما المرحلة الرابعة والأخيرة، ستشمل إضافة 150 غرفة فندقية و50 فيلا فندقية، و175 فيلا سكنية جديدة، فضلاً عن تطوير مركز تراثي متخصص ومنطقة مخصصة لسكن الموظفين بقدرة استيعابية تصل إلى 836 موظفا.

 

استراتيجية النمو

مع النمو الكبير والمتسارع الذي تشهده صناعة السياحة العالمية ومساهمتها بنسبة 6 % من إجمالي الناتج الاقتصادي العالمي واستيعابها لحوالي 11 % من إجمالي القوى العاملة على مستوى العالم، وفي ظل المقومات السياحية والبيئية الثرية التي تمتلكها السلطنة والمؤشرات التي تؤكد النمو الذي يشهده القطاع السياحي في السلطنة بمتوسط معدل نمو مقداره 7 % خلال العقد الأول من الألفية الثالثة، فقد أعلنت وزارة السياحة في الربع الأول من العام الجاري عن البدء في مشروع إعداد الاستراتيجية العمانية للسياحة 2015-2045 من خلال التعاقد مع بيت خبرة عالمي لهذا الغرض حيث تهدف الوزارة من خلال هذه الاستراتيجية إلى تحقيق عدد من الأهداف الرئيسية الرامية إلى بناء وجهة سياحية عالمية ومستدامة من الطراز الأول. وتستند الرؤية السياحية التي تسترشد بها وزارة السياحة في عملية التنمية السياحية التي تشهدها السلطنة على عدة مرتكزات رئيسية تشكل القاعدة الرئيسية للاستراتيجية العمانية للسياحة فهي تقوم على استثمار الميزات التنافسية الثرية التي تمتلكها السلطنة والمتمثلة في الإرث الحضاري والثقافي، والمقومات البيئية والطبيعية، ومبادئ التنمية المستدامة، بالإضافة إلى المرتكز الرئيسي الأبرز والمتمثل في الانسان العماني والدور المنوط به في هذه العملية التنموية. تشكل الاستراتيجية العمانية للسياحة رافدا رئيسيا من روافد الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني (عمان 2040) وبالتالي حرصت الوزارة على مراعاة التوافق بين الاستراتيجيتين واستخدامهما لنفس المعايير والتوجهات الاقتصادية العريضة.

وفي اطار مشروع الاستراتيجية العمانية للسياحة، قامت وزارة السياحة بالتعاون مع الشركة الاستشارية الاسبانية (THR) بتنظيم سلسلة من ورش العمل واللقاءات التشاورية مع الجهات المعنية والوزارات والمختصين في تنمية السياحة من قطاع البيئة والنقل والاتصالات والاستثمار والتراث والتعليم والقوى العاملة ومن القطاع الخاص في المجال السياحي، من اجل تحديد المحاور والقضايا الرئيسية والفرص المتاحة لتطوير السياحة وزيادة مساهمتها في التنمية الاقتصادية العمانية وحجم الاستثمار وتوفير فرص العمل . كما قامت وزارة السياحة بتنظيم ورش عمل وندوات في عدد من محافظات السلطنة من اجل المشاركة البناءة ومساهمة القطاعات السياحية الاهلية والمجتمعات المحلية في الاستراتيجية .

وخرجت حلقات العمل بأهمية تنوع المقاصد والتجارب السياحية والموروث التراثي والبيئي العماني واهمية تعزيز تنافسية السياحة العمانية واستثمارها في توفير تجارب وخدمات سياحية مميزة مستندة على الميزة النسبية واصالة الضيافة العمانية ومشاركة المجتمعات المحلية.

وتعتبر هذه اللقاءات جزء من برنامج تحاوري من حلقات عمل وندوات تهدف إلى المشاركة الفعالة للجهات المعنية والمحافظات والمجتمع المحلي من اجل التعرف على القضايا والتحديات الرئيسية وتحديد الفرص المتاحة لتنمية السياحة المحلية والدولية ورؤيتها للثلاثين سنة القادمة .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*