جريدة وجهات أول جريدة عمانية مختصه بالسفر و السياحة
بقلم: د. رجب بن علي العويسي | تعد المتاحف الوطنية مفردة ثقافية اجتماعية سياحية، وذاكرة حضارية للأجيال، ترصد مسارات التحول التي عاشها إنسان هذا الوطن في حقب التأريخ المختلفة، وتفاصيل حياته اليومية في اللبس والأكل والزينة والطبخ والعادات والتقاليد والعلاقات الاجتماعية والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والترويحية والتواصلية، وأنظمة العمل والإدارة وغيرها كثير.
إذ شكلت ملحمة عطاء وطنية خالدة، مارس فيها الإنسان الكثير من المهام، وأوجد لحياته مسارات تنشد العزة والكرامة، وتبتغي تحقيق العيش الكريم والتعايش، والأمن والأمان والاستقرار، والتقارب والتشارك مع الآخرين، فكانت مع تعددها، وتنوع مجالاتها، وتفرد محتوياتها، رصيدا زاخرا بالمعاني والمفردات المادية والمعنوية، الثقافية والقيمية والاقتصادية والاجتماعية والهندسية والإدارية وغيرها، والتي أتاحت موقع التفرد والخصوصية في المنجز العماني، وحضوره الفاعل في منظومة التعاون الدولي، والبعد الإنساني، والذائقة الجمالية التي لازمت تعامله معها، لتصبح محطات استثمارية اقتصادية واعدة، ومنظور سياحي مثري منافس، لنقل النموذج العماني في تسامحه واحترامه لثقافات الشعوب، ونمط العيش فيها، وبساطة حياته وجمالياتها؛ محطات استرخاء وتأمل، للمواطنين وطلبة المدارس والجامعات والزوار والسّياح من داخل السلطنة وخارجها، في بيئات نموذجية، تتحسس جوانب التميز، لتصل في مقارناتها إلى الاعتراف بإبهار صنيع الأجداد وعظيم إنجازهم.
إننا على قناعة بأن وعي المواطن ومشاهدته بعينه المجردة لمحتويات هذه المتاحف، ما زال بحاجة الى مزيد من الجهد وتكامل الأدوات، والبحث في بدائل مبتكرة تحقق رؤية الترويج السياحي للمتاحف ومعاييرها التنافسية، وتوفير منصات تسويقية داعمة، لرسالة عملها والمنظور الحضاري الذي تعمل عليه، والأدوات التجديدية التي تضمن لها فرص الاستثمار فيها، مع استمرارية المحافظة على هذا الرصيد الحضاري، وتعميق قيمته المضافة في الناتج الوطني، ودعم الاقتصاد، وجذب الاستثمار، ورفع كفاءة الأنشطة المرتبطة بها، بحيث تتخذ عمليات التسويق السياحي للمتاحف، أنماطا ونماذج تسويقية ذات جودة وكفاءة في توجيه السلوك السياحي والتأثير فيه، لتشمل النماذج الترويجية لها، صناعة الأفلام الوثائقية، والاستثمار الاعلامي لها، ورصد اللقاءات والتعبيرات الشخصية، وقصص النجاح، ومحطات التأمل، وموجهات التغيير، عبر توظيف شبكات التواصل الاجتماعي والفضاءات المفتوحة، وتطوير بيئة العمل بها من خلال تنفيذ واستقطاب الفعاليات والمناشط الثقافية، والفنون والمسارح العالمية، وفتح المجال للقطاع الخاص، والمبادرات الشبابية، ومؤسسات الدعاية والترويج والاعلان، وشركات السفر والسياحة، والمشاركة في الفعاليات الدولية، في ابتكار أساليب وبرامج تسويقية داعمة، وإيجاد تفاعل وطني معها، عبر مؤسسات التعليم والإعلام والإعلان والاستثمار والسياحة والاقتصاد، فمع الاعتراف بأن تسويقنا لمتاحفنا الوطنية، لم يصل إلى مستوى الطموح؛ إلا أن ما تقدمه بعض مؤسسات الإشراف والمتابعة لها، من مبادرات تسويقية رائدة، يؤكة الحاجة إلى إطار عمل وطني يحتضن الجهود، ويضمن لهذه المنصات الفاعلية والاحتواء، والاتساع والاستدامة، والقوة والتأثير.
Rajab.2020@hotmail.com
