إبراهيم البوسعيدي لـ “وجهات”: البريمي واحة سياحية في طريقها نحو الازدهار

حوار: ناجي السعيدي /

جاء تثمين مجلس الوزراء في بيانه الأخير جهود محافظة البريمي للنهوض بالواقع التنموي في المحافظة والعمل على تعزيز المشاريع المختلفة ليعطي دفعة حيوية لجهود العمل المضني، وبما يؤمن تطوير اقتصادها واستدامته واثنى المجلس على الموقف التنفيذي للمشاريع المقترحة، وان دل على شيء فإنه يدل على مكانة المحافظة وأهميتها كإحدى الوجهات الرئيسة التي تنعم بالمشاريع التنموية. فمنذ إصدار المرسوم السلطاني رقم 108/2006 في شهر أكتوبر 2006 بإنشاء محافظة البريمي والضوء مسلط عليها كبيئة استثمار نظرا مكنوناتها الحضارية وما تزهر به من مقومات جذب سياحية بجانب موقعها الهام.

صحيفة ” وجهات ” التقت سعادة السيد ابراهيم بن سعيد البوسعيدي محافظ البريمي في حوار لا تنقصه الصراحة عن القطاع السياحي في محافظة البريمي ودوره في تغذية الاقتصاد المحلي وأهم المشاريع القائمة والمبادرات الجديدة التي أطلقت للعمل على النهوض بالجانب السياحي بالمحافظة.

ثروة فريدة
* تزخر السلطنة عموما ومحافظة البريمي خاصة بمقومات سياحية كيف ترى استغلالها للنهوض بالحراك السياحي؟.

– القطاع السياحي من القطاعات الهامة في أي بلد كان ويمكن تحديد احصائياته من خلال النسب وأعداد الزوار ومدى مساهمة القطاع في الناتج المحلي القومي، كل هذه العوامل وغيرها يمكن تقييم قطاع السياحة في السلطنة بالإضافة طبعا إلى المخططين والقائمين على القطاع بوزارة السياحة والمتعاملين معه بشكل كبير والمستثمرين هم أيضا يستطيعون أن يقيموا القطاع السياحي في السلطنة وما يشكله من مردود إيجابي للاقتصاد الوطني، ولكن عموما فإن السلطنة تنعم بثروة سياحية فريدة ومقومات خاصة من شواطىء وقلاع وحصون وأسواق تراثية وطبيعة خلابة، بالإضافة إلى امتلاكها بنية أساسية للطرق كل هذا تشجع السائح زيارة السلطنة، مع هذا كله نرى أن هناك مجموعة من النواقص التي تحتاج إلى التركيز أكثر على إكمالها بشكل سريع وتقديم خدمات مميزة سواء تلك المرتبطة بتوفير الخدمات نفسها أو المرتبطة بجودة الخدمات المقدمة .

أما بالنسبة لمحافظة البريمي التي تقع في غرب السلطنة كما هو معروف وتحدها دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة من كل ولايات المحافظة فإن طبيعتها الجغرافية معظمها جبلي وبها عدة أدوية وسهول بالإضافة إلى تمتعها بالكثبان الرملية، كما تمتلك البريمي جملة من المواقع التاريخية الأثرية والأسواق التي تجذب المتسوق المحلي أكثر من المتسوق الخارجي، وتتوفر بالمحافظة أيضا الخدمات الفندقية وشبكات طرق مكتملة، ومع هذا ما نلاحظه إذا ما أتينا نصف السياحة وعوامل الجذب من وجهة نظري نشاهد بأن السياحة المرتبطة بالمواقع التاريخية كالقلاع والحصون قليلة أو ضعيفة وتحتاج التركيز أكثر على هذا الجانب من خلال توفير الخدمات اللازمة وتطويرها.  بينما سياحة المواقع الطبيعة فهناك سياحة جيدة خاصة بولاية محضة رغم شح الخدمات والمرافق الضرورية لأي سائح، ولكن محافظة البريمي مشهورة بسياحة التسوق وتتركز في عدة عوامل أكثرها مرتبطة بقطاع التجزئة وهذا القطاع يجتذب العمانيين من كل السلطنة للتسوق وخاصة في موسم الأعياد والاجازات وعندها نسبة إشغال فندقي عالية جدا، فالقطاع السياحي في الوقت الحالي لا يشكل مساهمة اقتصادية كبيرة جدا بالمقارنة بما هو مخطط له والايرادات السياحة ما زالت دون الطموح المطلوب برغم المقومات الموجودة وبالتالي هذا يقودنا الى ضرورة التركيز على تجويد الخدمات بصورة عامة والسعي إلى تحويل البريمي وجهة سياحية جاذبة .

خطط التطوير

* ما هي خططكم لتطوير المشاريع السياحية في محافظة البريمي؟.

– توجد خطط لدى الحكومة للاستثمار في قطاع السياحة مثل المواقع التاريخية والأثرية، وفي تصوري بأن الوقت قد حان لتطوير حصنا الخندق والحلة، مع دراسة تطوير الحصون الأخرى وبالفعل هناك خطة جادة لتطوير حصن الحلة واستثماره سياحيا، وهي ما زالت في طور الدراسة على أن تنفذ في الخطة الخمسية القادمة، وفي جانب آخر ستفتح خلال الفترة القريبة القادمة جملة من الفنادق ذات جودة عالية التي بدورها ستخلق حراكا سياحيا أفضل في المحافظة وكذلك إنشاء مجموعة من المجمعات التجارية التي بمستوى مرموق بما يعزز من السياحة التسويقية في المنطقة، بالاضافة إلى عدة مشاريع استثمارية قادمة .

تعاون مع جامعات ألمانية

* هناك خطة للتعاون مع جامعة المانية لوضع خطط للنهوض بالقطاع السياحي في المحافظة إلى أين تسير الامور؟.

– نعم هناك تعاون ما بين المحافظة وجامعة ألمانية متمثلة بالمجلس البلدي وجامعة برلين وهو تعاون يتمحور في عمل دراسات أكاديمية لدرجة الماجستير لطلبة معظمهم من أمريكا  اللاتينية وأوروبا في قطاع تطوير المحافظة والتخطيط الحضري والتطوير المعماري بالإضافة الى الخدمات التي يجب توفرها كالأحياء السكنية والمخططات العامة وكذلك حرصنا على إدخال القطاع السياحي كأحد المحاور التي تشملها هذه الدراسات لتكون الرافد الاقتصادي التي تساهم في هذه الدراسة على أساس تغذية الاستراتيجية العامة للسلطنة فيما يتعلق بالقطاع السياحي، من المؤمل أن تنتهي هذه الدراسات في شهر فبراير القادم وبعد اكتمالها سيعد تقريرا مفصلا وموحدا عن المحافظة للاسترشاد به في عملية تطوير القطاع السياحي والخدمات التي يجب توافرها، والأعضاء في المجلس البلدي بالمحافظة يحاولون التوفيق ما بين الاستراتيجية التي تعمل عليها وزارة السياحة ومن المرجح ان تنتهي في شهر يونيو القادم، والدراسات المحلية التي تقوم المحافظة بها ومن ضمنها مبادرة “البريمي أجمل” التي عقدت فعالياتها مطلع العام الحالي وكان أحد محاورها أيضا عن القطاع السياحي، فالعمل جار كمنظومة واحدة كل يكمل الآخر وبالطبع كل هذا يصب لصالح قطاع السياحة في محافظة البريمي خاصة والسلطنة عامة .

 البريمي أجمل

* ” البريمي أجمل ” ما هي الخطوات التي نفذت من هذه المبادرة ؟.

– مبادرة ” البريمي أجمل ” جاءت لوضع رؤية شاملة لتجميل المحافظة وإعادة صياغة الفكر المرتبط بتطوير البريمي، والتوصيات التي خرجت بها هذه المبادرة ترتبط في المقام الأول ببث الفكر التنظيمي للمدن الحديثة وهذا يتطلب تواجد إدارة تكاملية بين المؤسسات الحكومية وأيضا شراكة المجتمع، فعلى هذا الأساس جاء التقرير الذي استنتج من المبادرة بالشجيع على زيادة وبناء بعض القدرات بالمؤسسات الحكومية في المجال السياحي والسكني والبلدي وفي قطاع البيئة والتراث والثقافة هذا من جانب، وفي الجانب الأخر فإن البنية الرئيسة ومتطلباتها تنعكس على التشريعات التي تقوم بها هذه المؤسسات التي بدورها تنعكس على أوجه الإنشاء المعماري وشبكات الطرق وخدماتها، فالمدن الحقيقية تحتاج للخطط والتشريعات التي تضمن تكون مدينة عصرية، والانتقال من مرحلة المدينة الجيدة الى مرحلة الابداع يحتاج فترات طويلة المدى لأنها مرتبطة بالقطاع الاستثماري والتعديل التشريعي، وللوصول الى هذا الفكر نعمل حاليا مع الوزارات المختلفة للتعديل التشريعي وبناء قدراتها وعلى المستثمرين أيضا دور في هذا الجانب سواء كان القطاع الخاص أو المدني وعليهم أن يتعاملوا بشي من الفكر التطويري، وأكدت هنا بأننا في محافظة البريمي بدأنا في تطبيق هذا الفكر والآن نعمل كما ذكرت مع المؤسسات لتعديل تشريعاتها فيما يخص مواصفات بناء الأحياء التجارية وواجهات المحلات كخطوة أولى تتبعها خطوات متلاحقة في المرحلة القادمة.

 منظومة متكاملة

* السلطنة تمتاز بمقومات سياحية ولكن لا يزال القطاع غير فاعل في تعزيز الجانب الاقتصادي في تنويع مصادر الدخل، من وجهة نظرك ما هي الاسباب؟.

– هنا يأتي دور المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص وحتى المستثمرين فهي منظومة متكاملة الركائز ويعتبر المحرك الرئيس للنهوض بالقطاع السياحي وبناء قواعده المتينة لتعزيز الجانب الاقتصادي فعلى الجميع العمل على توفير الخدمات والمرافق الضرورية وسد النقص فيها والاهتمام بقضايا الترويج وتكثيفها في وسائل الاعلام الحديثة والتقليدية مع تعزيز – كما ذكرت سابقا – جانب تجويد الخدمات وتطويرها لخلق منافسة أقوى، فحين تكتمل هذه المنظومة وهذه العوامل عندها يمكننا أن نطالب القطاع السياحي بتغذية الجانب الاقتصادي بشكل أكبر .

1000 سرير
* كم عدد الغرف الإيوائية في المحافظة ونسبة الإشغال بشكل عام؟.

– في الوقت الحالي عدد الغرف كافية وتلبي متطلبات المرحلة الحالية حيث لا يوجد شح كثيف في عدد الغرف الا في موسم الأعياد والإجازات وهذه فترات قليلة، وتضم المحافظة ما يزيد عن ألف سرير على أن تزيد في السنوات القادمة ولكن الآن لا ننظر لزيادة العدد فحسب بل ننظر الى وجود نوعية أفضل من الفنادق فئة ثلاثة أو أربع نجوم .

 مشاريع فندقية

* على ذكر الفنادق هل توجد دراسة لاقامة مشاريع فندقية أخرى ذات فئة اربعة وخمسة نجوم في المحافظة ؟.

– أفتتح مؤخرا فندقان بمستوى ثلاثة نجوم والثالث طور الانشاء، والعمل جار للحصول على فندق من فئة أربعة أو خمسة نجوم وبالفعل قمنا ببعض الإجرءات في هذا الصدد فتم طرح جملة من الأراضي من القطاع السياحي للاستثمار في هذا الجانب ونعمل أيضا في عملية الترويج لجلب المستثمرين ونأمل أن ينتهي هذا الموضوع قريبا .

الرياضة تدعم السياحة
* استضاف مجمع البريمي الرياضي مؤخرا مباراة منتخبنا الوطني مع المنتخب اوروجواي ضمن المباريات الدولية الودية، كيف ترى مثل الإستضافة في تشجيع السياحة؟.

– استضافة مثل هذه المباريات الدولية تثري الجانب السياحي بلا شك وتعطي انطباعات ثقافية وحضارية ومعمارية من خلال التغطية الإعلامية التي تتبع المباريات والحضور الشخصي للنجوم واللاعبين الدوليين وهذا بنفسه يقوم تلقائيا بالترويج للمحافظة والمدن التي تستضيف مثل هذه المباريات فهم ينقلون صورة من خلال تجولهم في المدينة وتعرفهم على المرافق والمواقع السياحية، فهذه الأحداث الرياضية الكبرى اعتقد أنها حدث تاريخي يجب أن يستشهد به ويستثمر للترويجي المستقبلي وكذلك لا ننسى التصوير وتوثيق المباريات، فهي ضرورية في عملية انتاج برامج ترويجية للمحافظات بشكل عام.
وفي هذا الاطار عندما استضافت محافظة البريمي المباراة الدولية الودية بين منتخبنا ومتخب اوروجواي شهدت إثارة بين الجمهور ومتابعي المباراة وزيادة كثيفة من داخل السلطنة وخارجها للمحافظة .

 دور الإعلام سياحيا

* ما دور الاعلام وخاصة المرئي منه في الترويج للسلطنة وابراز مقوماتها السياحية ؟

– من يتابع الإعلام بوسائله المتعددة يجد أن هناك لمسات جيدة في الترويج السياحي وجهد مضن لبث ما تستطيع بثه من أخبار سياحية وثقافة وحضارة ومناشط مختلفة والتي أعطت بدورها نوع من الحراك السياحي في الفترة الماضية، ولكن العمل الذي يجب أن نعيه في الوقت الحالي هو التنافسية وخاصة في الصور المتحركة أو الاعلام المرئي بالتحديد لأنه أقوى تأثيرا، وتأتي التنافسية ما بين المحطات الفضائية من خلال قدرتها على جذب المشاهد من خارج السلطنة لمشاهدة برامجك ومتابعة ما تبثه على شاشتك وبالطبع هذا يتطلب جودة عالية ويتطلب رؤية فنية قوية واستثمار في الجانب البشري الذي يقوم بالتصوير والانتاج والجرافيك وغيرها من عوامل الانتاج التلفزيوني لإخراج العمل الفني بصورة ناجحة، وكما نعرف بأن السلطنة يوجد بها ثقافة عالية جدا في التأثير البصري والمؤثرات الأخرى المرتبطة بالانتاج الفني والدعائي الذي يجب الاستثمار فيه بشكل أوسع لانه في الحقيقة نعاني من ضعف في هذا الجانب وهناك سعي لتطويره من قبل المؤسسات الاعلامية رغم اننا نعتقد بأن وتيرة التغيير والتطوير يجب أن تكون أسرع من وضعها الحالي .

كادر

الكشف عن مبادرة التوثيق الواقعي للبريمي

كشف سعادة السيد ابراهيم البوسعيدي ل”وجهات ” عن مبادرة التوثيق الواقعي من خلال الرسم والتصوير لمكونات وحضارة محافظة البريمي من قبل مصورين ورسامين من السلطنة ليوثقوا واقع الحضارة في المحافظة.
مؤكدا سعادته انه يكشف عن هذا العمل لاول مرة، وقد بدأ العمل فيها وقطع الفنانون شوطا لا بأس به في الانتاج الفني على أمل أن نقيم فعالية خاصة عن نتاج هذه المبادرة مطلع العام القادم .
وقال: أتت هذه المبادرة بعد ايماننا بأن أي قطاع سياحي لا يتطور إن لم يكن فيه عوامل جذب مختلفة وأحد محاور الجذب الجانب الثقافي والفني فلا بد أن يتوازى مع توفير الخدمات وجودتها، فالسائح الأجنبي وخاصة من القارة الأوروبية يكون عادة متغلغل بالحضارة الغربية الغنية بالثقافة والفنون بكافة انوعها المختلفة فعندما يزور السلطنة يرغب في شراء واقتناء ومشاهدة جملة من الفنون سواء موسيقية أو شعبية أو فنون بصرية، لذلك تسعى هذه المبادرة الى توفير هذه الفنون المتعددة للسائحين .
وأشار سعادته الى ان هذه المبادرة جديدة وتحتاج الى سنوات لنضوجها واكتمالها ولكن نراها مهمة لأنها تؤسس لفكر جديد ولرؤية الأشياء ومكونات المدينة الحضارية وربما غدا عندما تنشر في وسائل الإعلام يسلط الضوء على المحافظة فهي أحد وسائل الترويج السياحي، واتمنى أن تستنسخ مثل هذه المبادرة في المحافظات الأخرى وتطويرها لتكون رديف بصري لتوثيق المكونات مدن المحافظة ومواقعها الرئيسية .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*