رجل الأعمال سميح ساويرس في حوار خاص لـ”وجهات”: تأخر السلطنة سياحيا ينقذها من الأخطاء

أجرى الحوار في منتجع الجونة – محافظة البحر الأحمر:

 حمدان بن علي البادي /

 

الحديث مع سميح ساويرس الرئيس التنفيذي لشركة أوراسكوم القابضة للتنمية “اية جي” ورئيس مجلس إدارة موريا للتنمية السياحية والتي تملك أوراسكوم 70% من حصتها بالشراكة مع شركة “عمران”، ممتع للغاية، كونه أحد أبرز المستثمرين الاجانب في السلطنة خلال السنوات الست الماضية، من خلال استثماراته في جبل السيفة وشاطئ صلالة، فقد أنجز خلال تلك السنوات 3 فنادق ويتأهب لوضع حجز الأساس للفندق الرابع كما يعمل على تطوير هذه المشاريع لتكون مدن سياحية جاذبة للسياحة وموفرة لفرص العمل للشباب من أبناء السلطنة.

 

“وجهات” التقته في مدينة الجونة السياحية في الغردقة بجمهورية مصر العربية وحاورناه عن استثمارات أورسكوم في السلطنة، وكيف يمكن أن تؤثر ايجابا في تعزيز الحركة السياحية في السلطنة، في هذا الوقت، الذي يحتفل فيه بانجاز مشروع فندق صلالة روتانا في مشروع شاطئ صلالة الذي بدأ باستقبال السياح من مارس الماضي والاحتفال بوضع حجر الأساس لمشروع الفندق الرابع ليكون المشروع الثالث ضمن مشروع شاطئ صلالة بمحافظة ظفار . وكيف يرى مستقبل القطاع السياحي في السلطنة في ظل ما تملكه من مقومات سياحية فريدة. 

 

–        “وجهات”.. كيف ترى الاستراتيجية السياحية في السلطنة خلال السنوات الخمس الأخيرة وإلى أي مدى هذه الاستراتيجية مهمة للقطاع السياحي ؟

ساويرس: السلطنة لها رؤية واضحة في التنمية السياحية وأنا أتأمل خيرا  الاستراتيجية الجديدة التي جاري الإعداد لها. لولا الجهود التي بذلتها الحكومة لمشروعي جبل السيفة وشاطئ صلالة ودعوتها للمستثمرين والمعاملة الحسنة لما كانت قد تمت هذه الاستثمارات، سلطنة عمان لديها كل المقومات السياحية من طبيعة وتاريخ وشعب خلوق مضياف جاد. هذه مقومات فريدة ولا يمكن مقارنتها بأي منتج أخر في دول الجوار. التزمت السلطنة كما هي عادتها بالتميز والتفرد ولم تلهث وراء نمو سياحي سريع وغير مدروس.

 

– “وجهات”.. كيف ترى استثماراتكم في مدينة صلالة في ظل غياب باقي المستثمرين عن المحافظة ؟ 

ساويرس: نسبة الإشغال في فنادق شاطئ صلالة مرتفعة ولما بدأنا مشروعات السلطنة كنت متردداً أيهما أختار جبل السيفة أم شاطئ صلالة، وكلما أذهب لصلالة أجد قلبي بها، فشواطئها وطبيعتها ساحرة وخاصة في موسم الخريف، بالرغم من عدم توفر رحلات طيران تكفي لنقل العدد المتنامي من السياح ، فكنت أمام خيارين جميلين وهذا السبب الذي جعلني أعمل في المشروعين خوفا من الندم لاحقا، ونحن في بداية الطريق وحجم مشاريعنا في صلالة بحجم مشروع “الجونة” في مصر.  فنحن نبنى مشروع الجونة منذ ٢٥ سنة وفي صلالة نحن من سبع سنوات، وأمامنا الطريق طويل لاستكمال منظومة مشاريعنا ولا يوجد سبب ألا يصل حجم مشاريعنا في صلالة إلى نفس حجم مشاريعنا واستثماراتنا هنا في الجونة.

وزارة السياحة قطعت شوطا في توفير بيئة ملائمة للاستثمار في عُمان ولكن بالطبع مازالت هناك بعض المعوقات التي يمكن تذليلها أمام المستثمرين – خاصة فيما يتعلق بالزمن اللازم لاستخراج الموافقات. ولابد أن أشيد بالخطوات التي قطعتها السلطنة مؤخرا في مجال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

 

– “وجهات”.. السلطنة بتنوع طبيعتها الجغرافية إلا أن استثماراتكم تركزت في المنتجعات الشاطئية بعيدا عن المنتجعات الجبلية أو حتى الرملية، لماذا لم تخرج استثماراتكم عن نطاق الشواطئ  ؟

ساويرس: بحكم خبرتي العالمية في سياحة الشواطئ،  فما الذي يجذبني لمجال لاخبرة لي فيه، وانا أومن بالتخصصية حتى الشركات التي أملكها متخصصة في هذا النوع من السياحة والشركة الألمانية التي أملكها تبعث ٤ ملايين سائح لهذه المدن السياحية ولدي جهاز تسويق للسياحة الشاطئية وخبرتي تمتد لـ ٢٥ سنة سياحة شاطئية في الغردقة، وتجربتي الوحيدة في السياحة الجبلية كانت في سويسرا لما تتمتع به من مقومات سياحية كسياحة التزلج على الجليد وغيرها، لكن مع هذا لدينا أنشطة جبلية في أغلب منتجعاتنا الشاطئية مثلا لدينا رحلات يومية من شاطئ صلالة للجبال بصحبة أهالي المنطقة نحو الصخور بتكويناتها والشلالات والكهوف وهذا من ضمن الانشطة التي توجدها السياحة إلى جانب رحلات السفاري.

 

–   “وجهات” .. لا تزال السلطنة غير منفتحة سياحياً كما هو الحال في بعض دول المنطقة ، كيف يمكن تدعيم ذلك في المستقبل؟

ساويرس: الوقت في صالحك، فالانترنت والسفر ومحطات التلفزيون جعلت الناس كأنهم هناك والشباب ليس منغلقا مثل الماضي ومع الوقت سيكون هناك انفتاح، لهذا لا أتفق مع من يؤمن بهذه المقولة وايضا انا ضد من يدعي أن المرافق الحكومية غير كافية، بل على العكس، السلطنة لديها البنية الكافية لجذب الاستثمار حتى مطار صلالة القديم أفضل بكثير من مئات المطارات في مختلف دول العالم، وأبرز مثال على ذلك مطار جزيرة بالي في اندونيسيا الذي يستقبل آلاف السياح يومياً، فالبنية الأساسية في السلطنة كافية لجذب السياحة بصورة أكبر من الآن.

 

–  “وجهات”.. شهدت وزارة السياحة في السنوات الاخيرة تغيرات كبيرة على مستوى إداراتها وكل إدارة لديها خططها وأجندتها، فهل أثر ذلك على استثماراتكم في السلطنة ؟

ساويرس: تتغير الادارات وتبقى عُمان من أجمل بقع العالم وتبقى شركة أوراسكوم / موريا من أهم شركات التنمية والاستثمار السياحي والعقاري في السلطنة والمنطقة. إن التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياحية هي الشغل الشاغل لحكومة سلطنة عُمان ككل. السياحة قطاع متشابك يحتاج لتعاون كافة الأجهزة الحكومية من السياحة للاسكان للبلديات لشرطة عُمان السلطانية – لا توجد وزارة واحدة قادرة على إدارة منظومة السياحة بمفردها.

سلطنة عُمان من أحب البلدان على قلبي وعلاقتي طيبة مع أهلها ومع أغلب المسؤولين وعندنا أصدقاء عُمانيين اكتسبناهم من زيارتنا للسلطنة وأهل عُمان من ألطف الشعوب العربية وأكثرهم ذوق وأدب الشعب العُماني شعب راقي وسلطنة عُمان تعتبر الآن أكثر البلدان العربية أمنا، وهذا يجعل عملية الترويج لمشروعاتنا هنا في صلالة أمر ليس عسيرا –  نظرا للصورة الإيجابية التي تحظى بها السلطنة،  عُمان أكثر بلد عربي يشعرني  بالراحة وأجد فيه نوع من السلام الداخلي، نادراً ما تجده في الدول الاخرى كأن هناك قناعة عند الناس تجعلهم مسالمين وإنسانيين.

 

–  “وجهات”.. كيف تنظر لمستقبل القطاع  السياحي في السلطنة ؟

ساويرس: مستقبل السياحة في عُمان واعد وموجود ليحافظ على نفس المستوى الدائم نعم بدأت السلطنة متأخرة وبشكل بطيء وهذا له عيوب وله إيجابيات في الاستفادة من تجارب الآخرين، بحيث لا تُرتكب أخطاء، لا يمكن الرجوع فيها خاصة في توزيع الأراضي الاستثمارية ومناطق توزعها وهناك مناطق كثيرة مثل جزيرة مصيرة ورأس الحد والدقم يمكن أن تتحول الى مناطق جذب سياحي تدر دخلا بالملايين على السلطنة.

وعلى سبيل المثال في مصر منطقة البحر الاحمر تمتد بطول ٧٠٠ كم وكل الاستثمارات تركزت في الغردقة وشرم الشيخ وهذه غلطة ولا يجب أن تتكرر في  السلطنة،  فيجب أن تنشأ مدينة تسمى صلالة وبعد ذلك  تُصعب الاستثمارات فيها من حيث سعر الأرض والخدمات والتسهيلات، وبالتالي يأتي المستثمر ليبحث عن مناطق جديدة ليبني مدن سياحية جديدة وبتسهيلات ميسرة وبالتالي تستقطب المستثمرين وهذه السياسة التي يجب أن تضع لأكثر من منطقة في السلطنة لأن غزو السياح للمدن  له تأثير سلبي،  وعُمان بها الكثير من مناطق الجذب السياحية خارج المدن.

 

– “وجهات”.. كيف ترى الفرص الاستثمارية للشباب العماني في شاطئ صلالة وجبل السيفة ؟

ساويرس: فرص الاستثمار في المدن السياحية أكبر مما هو مفهوم عند الناس ومن المفترض اكتساب الخبرة من الشباب في الدول التي سبقتنا في هذا المجال وهناك خدمات السفاري والصيد والغطس ورحلات الصحراء وخدمات التوريدات تورد للفنادق المأكولات والمشروبات وصناعات يدوية وعدد كبير من الفرص في قطاع السياحة متاحة للشباب وهنا أوجه نداء للاطراف المعنية في السلطنة بضرورة عمل حملات توعية عن كل ما هو متاح وممكن في الاستثمار السياحي، فلدي أحساس أن الشباب لا يعلم عن وجود هذه الفرص الاستثمارية .وأنا مستعد لمساعدة أي من الشباب الذين لديهم أفكار لمشروعات سياحية.

 

– “وجهات”.. كيف يمكن الاستفادة من استثماراتكم في السلطنة في جذب الكوادر العمانية الشابة والمؤهلة للعمل في مختلف المجالات ؟

ساويرس: لديكم في السلطنة مشروع التعمين هذا المشروع الرائع الذي أوجده القائد الحكيم السلطان قابوس -حفظه الله ورعاه- وانا من أكبر المؤمنين بالمشروع ويجب أن يطبق بحذرلأن كل الاستثمارات إن لم توظف عُمانيين فلا داعي لها، ومن الطبيعي أن يكون أي عائد حقيقي لشباب البلد بحيث لا يرجع للأجنبي، وانا أومن بضرورة أن يكون العُماني حاضرا بشرط أن يكون العُماني مؤهل ومتخصص وهناك نقص شديد في الأيدى العُمانية، والشباب لديه الوعي والرغبة للعمل في الفنادق وسابقا كان هناك عزوف عن العمل في قطاع السياحة وأيضا يجب أن تمنح التصاريح لجنسيات أخرى وألا تقتصر على دول معينة.

 

–  “وجهات”.. في ظل تراجع إيرادات النفط بشكل عام هل يمكن أن يوثر ذلك على حركة المشاريع السياحية في السلطنة ؟

ساويرس: إيرادات النفط لا يمكن أن توثر على الاستثمار السياحي بالعكس تجعل منه الآن أكثر أهمية، لأنه لا يستنفذ موارد و يجذب موارد،  فالنفط يذهب خارج البلد مقابل دولار، أما المستثمر والسائح يأتي ومعه دولار والموضوعين سيان بالنسبة للميزانية وخزينة الدولة، فلا أحد يستطيع القول أن سلطنة عُمان لا تملك المقومات السياحية التي تؤهلها لأن تكون اللاعب الجديد في هذا المجال، فلديها جبال فريدة وشواطئ ورمال وتاريخ وجو وبنية خدمية وشعب فريد من نوعه حتى السائح عندما تخيره بين عُمان ودولة أخرى يختار عُمان المعروفة بتاريخها الذي يمتد لمئات السنين، وهذا هو الوقت الذي يجب أن تقوم الحكومة فيه بفتتح باب الاستثمار وزيادة عدد المستثمرين ولن يحدث ذلك إلا بتوفير المناخ الملائم واحترام العقود.

 

–  “وجهات”.. هل توجد خطط استثمارية قادمة في السلطنة أو في غيرها من دول المنطقة  ؟

ساويرس: لا توجد أي خطة لاستثمارات جديدة في دول جديدة ونحن بدأنا نتعافى من الأزمة، لدينا مناطق كثيرة نستثمر فيها استثمار طويل الامد وهي بحاجة للتنمية لتعويض فترة الأزمة والتركيز الحالي كأولوية للمشروعات القائمة وليست الجديدة. وفي صلالة انا مقر أننا متأخرين ولست متقاعسا، مثلما يقال عنها، وهذا التأخير  نتيجة ظروف قاهرة وليس تقاعسا، ولو كنت كذلك لتركت الأرض مثل ما هي عليه واذهب مثل ما فعل بعض المستثمرين. ونحن أنجزنا نصف المشاريع المفترض تنفيذها والظروف لم تكن سانحة والآن نواصل تعزيزهذه المشاريع واستكمالها لتستمر المشروعات ونعوض فترة الحركة البطيئة التي مرت بها الشركة، لهذا أقول “لن أقبل الاستثمار في أي مناطق جديدة  قبل أن أفي بتعهداتي”.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*